نشر باحثون من معهد ماساشوستس للتكنولوجيا دراسة في أغسطس 2022 قاموا فيها بتغطية شبكة اللغة في الدماغ وكيفية عملها في العوائل اللغوية المختلفة واللغات المختلفة حيث قاموا بتغطية 12 عائلة لغوية و45 لغة. تحدى الباحثون ببحثهم مفهوم عالمية اللغة أو وجود جزء او شبكة خاصة لها في الدماغ بشكل لا يختلف بين البشر وهي وجهة نظر تقع بالضد من وجهة النظر الوظيفية التي تصرح بعدم وجود جزء خاص باللغة في الدماغ وهو رأي اليزابيث بيتس وآخرين.
تشمل العوائل اللغوية التي تم شمولها بالدراسة الأفروآسيوية (العبرية والعربية)، الاستروآسيوية، الاسترونيسية، الدرافيدية، الهندوأوروبية، الصينية-التيبتية، التركية، الأورالية، واللغات المعزولة مثل الباسك. وقاموا بإخضاع متكلميها لفحص الرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI). وقاموا بفحص جوانب عديدة منها ما يعرف بالتفارق في وظائف الدماغ (lateralization) أي تمايز الوظائف بحسب فصي الدماغ، فضلاً عن طبوغرافية الدماغ عبر قوة الاستجابات في مناطق الدماغ المختلفة، والتكامل الوظيفي بين أجزاء الدماغ. لمعظم اللغات شارك متحدثان ذكر وانثى من كل لغة، كما شارك متحدث واحد لبعض اللغات.
ناتج الدراسة كان خرائط لمناطق الدماغ المختلفة مؤشر عليها حرارياً الأجزاء المختلفة التي تنشط لكل لغة، ويبدو فيها التشابه واضحاً إلى حد ما بين اللغات التي تنتمي للعوائل اللغوية ذاتها. كما أن الاختلافات التي تم الحصول عليها بين اللغات المختلفة كانت متناغمة مع الدراسات السابقة ومع طبيعة التباين بين اللغات المختلفة التي تمت دراستها.
بشكل عام يرى الباحثون أن طبيعة الاختلافات بين مناطق الدماغ المفعلة اللغات المختلفة لا يختلف عن التباين بين الأشخاص لذات اللغة. غير أن التباينات بين اللغات أظهرت أن التفارق في وظائف الدماغ يميل إلى الجانب الايسر (left lateralization) في اللغات التي لها ترتيب كلمات محكم مقارنة مع الكلمات التي لها ترتيب حر للكلمات. كما وجد الباحثون فروقات دماغية للغات النغمية (مثل الصينية أو التيبتية حيث يمكن للنغمة أن تعطي معنى مختلف). كما لوحظ أن للغات بسيطة مثل لغة رياو الاندونيسية حيث تجتمع معاني عديدة في ذات المفردة فإن هناك صنفاً من المعالجة الدماغية ينشط من أجل استنتاج المعنى مما يحفز مناطقاً معينة في الدماغ أيضاً.
حاولنا في الصورة إضافة بعض تلك اللغات التي تمت دراستها وعرضها بعد إعادة إنتاج الصورة بشكل تقريبي عن الاصلية حيث لا تسمح حقوق الدراسة بنسخها. وقد يبدو مفاجئاً كيف أن تلك اللغات تبدو مختلفة لكن هذه الاختلافات ليست كبيرة كما يوضح الباحثون.
تعتمد الدراسة على مفهوم المؤقلمات الوظيفية (functional localizers) وهو نموذج يستهدف مناطق أو شبكات دماغية معينة ليحدد إن كانت ترتبط بنفس الشكل لوظائف معينة بين أشخاص أو مجاميع أو دراسات متعددة. وتتخصص المجموعة البحثية التي قدمت البحث بهذا النوع من الأبحاث وتحديداً حول اللغة، يسمى المختبر بـ evLab نسبة إلى الباحثة القائدة فيه ايفلينا فيدورينكو (Evlina Fedorenko) وقد قدموا في أبحاثاً عديدة حول المجال غير أن المؤقلم الأبرز الذي قدموه يعرف بمؤقلم أليس نسبة إلى قصة أليس في بلاد العجائب (Alice in wonderland) والسبب في تسميته هو الاعتماد على نص القصة المتوفر في عدد كبير جداً من اللغات وتحديداً على مقاطع محددة منه لاتخاذها كنص سهل القراءة ويمكن قراءته بواسطة الأطفال أو الإستماع له بلغات مختلفة لأغراض إجراء تلك البحوث العابرة للغات.
رابط الصورة المنشورة في الدراسة حول الفروقات في مناطق الدماغ للغات المختلفة للجانب الأيسر وهناك صورة مشابهة لهذه في الدراسة للجانب الأيمن.
الدراسة:
Malik-Moraleda, Saima, et al. “An investigation across 45 languages and 12 language families reveals a universal language network.” Nature Neuroscience 25.8 (2022): 1014-1019.