الحرمان من النوم

يلعب النوم دوراً مهم في صحة الجسم وحيويته. حيث أن الحصول على قسط كافٍ من النوم في الأوقات المناسبة، يساعد على حماية صحتك العقلية والبدنية. ماتشعر به عندما تكون مستيقظاً يعتمد بصورة رئيسة على نومك، حيث توصي مؤسسة النوم الوطنية في الولايات المتحدة (The National Sleep Foundation) بعدد ساعات معينة لكل من الاطفال (9-11) ساعة والشباب (7-10) وكبار السن (7-8) ولم يٌحدد عدد ساعات معينة للنوم لجميع الأشخاص بجميع الاعمار حيث أن ذلك يعتمد على مستوى النشاط والوراثة. فعلى سبيل المثال هناك جينات لدى أشخاص معينين تجعل منهم يقضون ساعات قليله في النوم.
أستطاعت السيدة مورين ستون (Maureen Weston ) عام 1977 من البقاء مستيقظة لمدة (449) ساعة أي مايعادل (14) يوم و(13) ساعة. وفي عام 1965 أستطاع راندي غارندر (Randy Gardner) الذي كان يبلغ من العمر حيناها (17) عام من البقاء مستيقظا لمدة (11) أيام اي مايعادل (264) ساعة، توالت المحاولات لكسر هذا الرقم وبالفعل نجح توني رايت (Tony Wright) للوصول الى مدة (266) ساعة من عدم النوم. ثم بعد ذلك توقفت موسوعة غينيس عن الأعتراف بأرقام قياسية كهذه بسبب التأثيرات الصحية التي قد تكون خطرة على المدى البعيد لمن يسجلها. لم يعاني بعض الأشخاص الذين خاضوا التجربة بظروف معينة ومسيطر عليها، من أي مشاكل فسيولوجية أو نفسية خطيرة على الرغم من بقاءهم مستيقظين لفترات (8-10) أيام. لكنهم من ناحيه أخرى أظهروا عجز في التركيز والأدراك وبعض العمليات العقلية الأخرى كلما زادت فترة حرمانهم من النوم.
تشير كل التجارب بأن هؤلاء الأشخاص يعودون الى وضعهم الطبيعي بعد ليلة أو ليلتين من أستعادتهم للنوم. وتؤكد التقارير الأخرى أن بعض الجنود يبقون مستيقظين لأربع ليال أو أكثر في المعارك وكذلك المرضى المصابين بالهوس يبقون مستيقظين لفترة من ثلاث الى أربع ليال.
يأتي الحرمان من النوم بنتائج كثيرة قد يكون في مقدمتها التأثيرعلى الوظائف الأدراكية والعاطفية للشخص. حيث أنه يؤثر على المشاعر الأيجابية للشخص، فيظهر هؤلاء الأشخاص بمزاج سيء نوعا ما وحتى وأن قالوا بأنهم سعداء فأن ذلك لايظهر على وجوههم.
كذلك يعاني الشخص الذي يبقى مستيقظا لفترة طويلة من صعوبة في أتخاذ القرارت ومشاكل في التعلم والتركيز ويعزى ذلك الى أن الجسم لايأخذ حقه من الراحة وأصلاح نفسه. حيث يستغل الدماغ فترة النوم لكي ينظف نفسه من المواد السامة التي تخلفها الخلايا أثناء عملها نهاراً. تحقق الباحثون من مجرى السوائل بين خلايا الدماغ في الفئران في فترات الأستيقاظ والنوم، ووجدوا بأن دماغ الفأر عندما يكون نائماً يتخلص من السموم التي تولدها الخلايا أثناء عملها بشكل أسرع مما لو كان مستيقظا.
وتفسير ذلك يعود الى كون الدماغ يحتوي على طاقة محدودة تدفعه دائما للأختيار بين وظيفتين الأستيقاظ و الأدراك أو النوم والتنظيف. الأمر شبيه بالأختيار بين مجاملة ضيوفك والتمتع معهم بحفلة تقيمها في منزلك، أو تنظيف المنزل ولا يمكنك القيام بالأثنين معا.
ومن المثير للأهتمام حول الحرمان من النوم لفترة معينة أن العضو في العلوم الحقيقية زياد برفكاني خاض تجربة مبسطة للبقاء مستيقظا لفتره (42) ساعة، ويقول عن تجربته التي يصفها بالتجربة البسيطة “توجد العديد من الإشاعات عن البقاء مستيقظاً لوقتٍ طويل، ولعل أشهرها هو أنك ستبدأ برؤية أشياءٍ غير موجودة عندما تتقرب من حاجز اليومين من اليقظة المستمرة. في الواقع، لم أستطِع الجزم حول حقيقة إشاعاتٍ كهذه من عدمها، لذا رأيت أن التجربة هي أفضل من يقرر عنّا في حالات الشك.” يضيف زياد “كان من المخطط للتجرُبة أن تدوم لـ 50 ساعة وإن أستطعت الصمود، قررتُ إضافة عشرة ساعاتٍ أخرى لتصبح 60 ساعة بالإجمال، ولكن بعد (15) ساعة الأولى بدأت أشعر بالإرهاق والخمول حتى وأن بذلت جهداً بسيطاً بالأضافة الى الشعور بالأعياء بجميع عضلات الجسم والشعور بالنعاس الشديد. أما فيما يخص النشاط العقلي فقد وجدت صعوبة في التركيز والأدراك ولكني لم أرى أشياء غريبة أو أسمع أصوات غريبة وغير موجودة طوال فترة التجربة” لا تُعد تجربة زياد تجربة علمية خاضعة للشروط لكنها مثال كافي لنفي الإشاعات حول رؤية الأمور الغريبة.
ويفسر العلماء الأقاويل التي تنتشر عن رؤية أشياء غريبة أو غير موجودة نتيجة عدم النوم، هو أن الخلايا العصبية في الدماغ بعد مرور فترة يومين او ثلاث من البقاء مستيقظاً تتعرض لضغوط من أجل ممارسة عملها، لذا تصبح غير قادرة على الأداء البصري الجيد، فتبدأ بخلق صورة مشوشة لأشياء غير موجودة وتعتقد أنها مفيدة.

“أخيراً, بأعتقادي الشخصي أن ما يمكن أن نراه أو نسمعه مما يفسره البعض على أنه “غير طبيعي”، يعتمد بشكلٍ كبيرٍ جداً على ما نؤمِن به مسبقاً. . بغض النظر عن أزدياد الرغبة في الأستلقاء وإغماض العينين التي رافقتني، لم أشعُر بأي شيءٍ غريبٍ مما ذكرته مسبقاً. في النهاية”، كما يقول زياد.

ترجمة وأعداد: نورس حسن & زياد برفكاني

المصادر:

https://www.theguardian.com/lifeandstyle/2015/feb/15/how-much-sleep-do-i-need-recommended-amounts-all-ages

http://www.iflscience.com/health-and-medicine/fifteen-facts-about-sleep-that-are-completely-wrong

http://www.livescience.com/52592-spooky-effects-sleep-deprivation.html

http://www.livescience.com/40510-sleep-cleans-brain-harmful-toxins.html