في هذه الأيام قد تكون درجات الحرارة هي الأعلى نظراً للموجة التي نمر بها والتي بلغت أعلى نسبة 52 درجة مئوية. تشير أغلب التوقعات المناخية الدولية إلى أن صيف 2016 هو الأكثر أرتفاعا في درجات الحرارة منذ موسم 1998-1997. و حسبما ذكرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوي (World Meteorological Organization) أن آراء الخبراء تشير إلى أرتفاع درجات حرارة المياه السطحية في شرق ووسط المنطقة الاستوائية للمحيط الهادي ومن المرجح أن تتجاوز 2 درجة مئوية فوق المتوسط وبالتالي أزدياد درجات الحرارة في عموم المنطقة.
علاوة على ارتفاع معدل الجريمة والقتل والعنف الجماعي والتوتر والغضب فأن صحة الانسان هي أكثر من يتحمل آثار درجات الحرارة المرتفعة. الإنهاك الحراري هو رد فعل شائع نسبيا للحرارة الشديدة ويؤدي إلى أعراض مثل الدوار و والصداع والإغماء. ضربة الحرارة (ضربة الشمس) هي أشد و تتطلب الرعاية الطبية و غالبا ما تكون مصحوبة بجفاف الجلد وأرتفاع في درجات حرارة الجسم والارتباك ، وأحيانا فقدان الوعي .

هل درجات الحرارة المرتفعة تقتل؟

عندما ترتفع درجة حرارة الجسم نتيجة أرتفاع درجة حرارة البيئة تبدأ القناة الهضمية بتسريب السموم الى الجسم ثم تموت بعض الخلايا ويمكن أن تحدث أستجابة لإلتهابات مدمرة.
جزء من غدر الوفيات المرتبطة بإرتفاع درجات الحرارة هو مدى السرعة التي يمكن أن تحدث فيها. وفقا لمحطة اي بي سي نيوز (ABC NEWS)، فأن راكبة دراجة نارية تبلغ من العمر 28 عاما قد توفيت بالقرب من مدينة فينيكس في الولايات المتحدة، حيث توفيت نتيجة تعرضها لدرجات الحرارة المرتفعة مما أدى الى مشاكل صحية أخرى انتهت بتوقف نبضها في 19 يونيو من هذه السنة. وعلى الرغم من جهود الإنعاش الفورية لكنها فارقت الحياة.
تقتل درجات الحرارة المرتفعة مايقارب (688) شخص سنويا في الولايات المتحدة، ووفقا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، فأن التعرض الى موجات الحرارة التي نشهدها هذه الايام يؤدي الى تداعيات صحية يمكن أن تكون خطيرة ، بما في ذلك ضربات الشمس.
قتلت موجة الحر في شيكاغو في صيف عام 1995 ما يقدر بنحو (692) شخصاً و أرسلت (3300) شخصا على الأقل الى الطوارئ. كشفت دراسة تشخيصية لبعض هؤلاء المرضى أن 28% ممن تم تشخيصهم مصابين بالسكتة الدماغية نتيجة الحرارة الشديدة وقد توفوا بعد عام من دخولهم إلى المستشفى.

موجات الحر أكثر تدميراً من الأعاصير

كشف الباحثون منذ فترة طويلة أن الموجات الحارة تقتل المزيد من الناس عن غيرها من الكوارث المرتبطة بالطقس. وخلافا للأعاصير فأن تأثير موجات الحر هذه لايمكن تقدير نتائجه الا بعد أن يحدث وذلك نظرا لأختلاف أستجابات البشر له، لكن الأحصاءات تشير الى أن ضحايا موجات الحر يفوقون ضحايا الأعاصير. حيث قتلت موجة الحر التي ضربت أوروبا في صيف 2003 مايقارب (70،000) شخص في المقابل، فإن عدد القتلى نتيجة إعصار كاترينا (katrina) الذي ضرب نيو أورليانز و ساحل الخليج في عام 2005 كان (1,836) شخص .وقد سجلت خسائر مادية أخرى نتيجة الحر في الكابلات الناقلة للكهرباء وخسائر في متاحف الشمع ومضخات المياه وبذلت جهود كبيرة من أجل الحفاظ على المفاعلات النووية في جو بارد.

أيهما اكثر تأثيراً الرطوبة ام درجة الحرارة ؟

الرطوبة هي عامل رئيسي، في حال تعرض شخص لدرجات حرارة مرتفعة او رطوبة فسيبدأ الشخص بالتعرق وهذا العرق لا يجف على الجلد. ولهذا لا تؤثر الحرارة لوحدها علينا وانما نحن نتعرض لمحصلة من الحرارة والرطوبة تنتج عدداً يُسمى درجة الحرارة الظاهرية وهو ما نشعر به حقا. وكذلك درجة الحرارة مساءاً هي عامل رئيسي آخر يسبب الموت أو الحالات المرضية صعبة الشفاء، فإذا استمرت درجة الحرارة مرتفعة حتى المساء فسنرى زيادة بمعدل حالات الوفيات الناتجة عن موجات الحر.

ماذا نفعل من أجل الحصول على جو بارد في موجات الحر؟

موجات الحر تقتل وتدمر وتترك حالات مرضية تعاني، ما الذي يمكن أن نفعله لتفادي ذلك ولننعم بدرجة حرارة جيدة وبالتالي جسم صحي خالي من الأمراض .نشرت دائرة الخدمات الصحية (Department of Health Services ) في ولاية أريزونا بعض النصائح لتجنب موجات الحر الشديدة ومن ضمنها: شرب على الأقل (2) لتر من الماء يوميا إذا كنت في البيت و (1-2) لتر إضافي لكل ساعة من الوقت في الهواء الطلق. وكذلك نصحوا بشرب الماء قبل الشعور بالعطش و تجنب الكحول والكافيين. ويفضل أرتداء ملابس خفيفة الوزن وواسعة وذات ألوان فاتحة واستخدام قبعة الشمس أو مظلة للحماية من أشعة الشمس و تناول الطعام بكميات قليلة ومتكررة بدلاً من الوجبات الدسمة . تجنب الانشطة الي تحتاج جهد كبير وأخذ قسط من الراحة إذا كان يجب بذل جهد كبير في الأيام الحارة والبقاء في المنازل قدر المستطاع .
طرق الوقاية من تأثيرات درجة الحرارة المرتفعة

– أرتداء الملابس الرطبة

حتى يتبخر الماء أي يتحول من الحالة السائلة الى الغازية فأنه يحتاج الى حرارة وهذه الحرارة تأتي من حرارة الجسم وبالتالي ستخفض درجة حرارة الجسم. أن كنت تستخدم مروحة فأن الهواء الذي سيهب على بشرتك يسرع عملية التبخر مما يساعدك على الشعور بالبرودة . تقول ليزا جوردن رايت (Lisa Jardine-Wright) وهي بروفيسور في الفيزياء: “عندما كنت أركب الدراجه في فرنسا كانت درجة الحرارة أكثر من 40C، حيث كنت ارطب قميصي بالماء قبل أن أخرج” وتضيف “أي شيء ينطوي على التبخر سوف يساعد على أبتعاد الحرارةعنك” .

– أنقع يديك في الماء البارد

يقول مايك تبيتون (Mike Tipton) وهو أستاذ علم وظائف الأعضاء البشرية في جامعة بورتسموث : ” أن تنقع يديك في دلو او حوض مملوء بالماء البارد يساعدك على الشعور بالبرودة، وذلك لانه عندما ترتفع درجة الحرارة في أعماق الجسم يٌرسل الدم الى سطح الجلد. وتعتبر اليدين من الأسطح العالية في الجسم وذلك يشبه امتلاكك خمسة مشعات للحرارة تخرج من راحة يديك. وبمجرد أن ترجع درجة حرارة الجسم في أعماقه إلى وضعها الطبيعي فإنه سيبطئ من تدفق الدم إلى اليدين وبالتالي الشعور بالبرد”.

– ضع مروحة بجانب نافذه مفتوحة

أن وضعت المروحة في منتصف غرفة مغلقة فأن ذلك سّيكون دورة هواء جيدة تساعد على تسريع تبخر العرق. لكن المروحة ستكون أكثر فعالية إذا تم وضعها بالقرب من نافذة مفتوحة، وتقول جاردين رايت أن ذلك سيؤدي إلى سحب الهواء من الخارج الذي ينبغي أن يكون أكثر برودة . كما كنت افعل حيث كنت أخذ برودة الجو من الخارج وادفع بالدافئ خارج الغرفة (تنفع هذه النقطة فقط في الأوقات من اليوم حيث تكون درجة الحرارة في الخارج أقل من الداخل).

– تناول الطعام الحار (الكاري)

تناول الطعام الحار يمكن أن يؤدي الى شعورك بالبرودة، حيث يحتوي الكاري على تراكيب تحفز الجسد على التعرق كما يقول تيبتون، ويضيف بأن أي شي تعمله ويساعد على التعرق فأن ذلك سيؤدي الى خفض حرارة جسمك، حيث كلما تبخر العرق كلما أنخفضت درجة حرارتك.

– أرتداء ملابس البدو

يقال بأن إرتداء الملابس ذات الألوان الفاتحه هو أفضل طريقة للشعور بالبرودة، ربما هذا غير صحيح نسبيا. لكن دراسة عن القبائل البدوية نشرت عام 1980 وجدت أن الملابس التي يرتديها البدو تصنع فارق قليل بالنسبة لهم في درجات حرارة اجسامهم. تقول جادرين : تعكس الملابس البيضاء ضوء كثير، لكن السوداء تمتص الحرارة اكثر.
على أية حال فان هناك خيار يمكن ان يأتيك بنتائج واضحة وهو أرتداء الملابس الواسعة كتلك التي يفضلها البدو حيث أن توزيع الهواء قرب الجلد سوف يساعد على تبخر العرق وهو ما يؤدي الى الاحساس بالبرودة”.

دوش بماء فاتر

الوقوف تحت دوش بارد يمكن أن يكون الطريقة الأسرع لخفض حرارة جسدك. لكن ربما يستجيب الجسم بطريقة آخرى للحفاظ على توازن الحرارة.
يقول تايبتون : “إن كنت أشعر بالحرارة وذهبت لاخذ دوش بارد، فأن ذلك سيغلق مجرى الدم قرب الجلد ويعيق الحرارة داخل الجسم أكثر مما يساعدها على الخروج منه”.
وكنتيجة لذلك، فأنه من الأفضل استعمال ماء بدرجة حرارة 20 سيليزية بدلا من 10 سيليزية . حيث من الأفضل استخدام دوش الماء الفاتر وهو سيكون بارد كفاية لخفض درجة حرارة أعماق الجسم وبنفس الوقت دافئ بشكل كافي لتدفئة الجسم والسماح للدم للتدفق إلى سطح الجلد.
النوافذ ذات الجزئين
فتح النوافذ ذات الجزئين العلوي والسفلي بمسافات متساوية هو وسيلة جيدة لتحسين جو الغرفة. حيث أن ذلك سوف يساعد على خروج الهواء الدافئ من الجزء العلوي ودخول الهواء البارد من الأسفل. ويمكن تطبيق نفس المبدأ في المنازل المكونة من طابقين أو أكثر. حيث تقول جاردين رايت:” انه لأمر جيد اذ يمكنك الحصول على دورة هواء جيدة وتسير في جميع انحاء المنزل، وتضيف أذا قمت بفتح نوافذ الطابق السفلي والعلوي فأن ذلك سيساعد على خروج الهواء الساخن من الطابق العلوي ودخول الهواء البارد من الطابق السفلي نظرا لكون الهواء البارد اثقل من الهواء الساخن.

المصادر:

http://www.bbc.com/news/magazine-23255554

http://www.scientificamerican.com/article/heat-wave-health/

http://www.livescience.com/22050-heat-waves-high-death-tolls.html

http://www.livescience.com/55129-how-heat-waves-kill-so-quickly.html

ترجمة : نورس حسن