اعداد: د. حسين الزيني مختص بصناعة وتطوير الأدوية مقيم في كندا

لست متحمساً لانتشار صيحة استخدام أدوية السمنة والسكري الرائجة (مثل أوزيمبك Ozempic و ويجوفي Wegovy ) لتقليل الوزن كخيار تجميلي والتي يروج لها ايلون ماسك وبعض مشاهير هوليوود. فما هي قصة تلك الأدوية؟ كيف تم اكتشافها؟ وما الذي عليك معرفته قبل استخدامها؟

تعود قصة تطوير هذه الأدوية إلى ملاحظة قديمة (مر عليها ما يزيد قليلاً عن 50 عاماً) أن درجة إفراز الأنسولين لا تعتمد على نسبة سكر الجلوكوز في الدم فقط، لكن تبين أن اختلاف مصدر هذا الجلوكوز (الطريق الذي سلكه حتى وصل إلى الدم) يلعب دوراً كبيراً في تحديد درجة إفراز الأنسولين في الجسم.

فبمقارنة أشخاص لديهم نفس نسبة سكر الجلوكوز في الدم لكن كان مصدر هذا الجلوكوز لدى بعضهم هو الاكل والبعض الآخر عن طريق الحقن، سنجد أن تناول سكر الجلوكوز بالفم كان له تأثير على حفز إفراز الأنسولين بدرجة تفوق تأثير تناوله عن طريق الحقن (شاهد الشكل أدناه). كما لوحظ تأثير مشابه مع الدهون، حيث تبين أن تناول الدهون (على شكل مستحلب دهني) بالفم حفز إفراز الأنسولين بدرجة تفوق تأثير تناوله عن طريق التسريب الوريدي

تأثير الانكريتين

الانكريتين هو أحد هرمونات الأيض الذي يحفز إفراز الأنسولين كنتيجة لتناول الطعام

وهو ما دفع العلماء إلى الاعتقاد بوجود مواد يتم افرازها في القناة الهضمية هي ما تحفز تلك الزيادة في إفراز الأنسولين أثناء تناول الطعام.

توالت الأدلة فيما بعد على أن هذا التأثير يُعزى إلى هرمونين يطلق عليهما GLP-1 و GIP ، وكلاهما يتم إفرازه من خلايا موجودة في جدار الأمعاء عند دخول مواد مغذية إلى داخل القناة الهضمية.

وبدراسة هذه الهرمونات تبين أن وظيفتها لا تقتصر فقط على تحفيز البنكرياس على إفراز الانسولين عند الحاجة بل هي مسؤولة عن تنظيم مجموعة واسعة من العمليات الفسيولوجية في الجسم.

تبين أنه عند ارتفاع السكر في الدم يقوم GLP-1 بتحسين التحكم في نسبة السكر في الدم عبر العمل مباشرة على خلايا β في البنكرياس لتعزيز إفراز الأنسولين، كما يعمل على تثبيط إفراز الجلوكاجون. وهما تأثيران يساهمان بالتساوي في خفض نسبة الجلوكوز في الدم.

بالإضافة إلى ذلك تبين أن GLP-1 له تأثير  أيضًا على إبطاء سرعة إفراغ المعدة مما يساعد على إبطاء دخول مزيد من الجلوكوز إلى الدورة الدموية. بالإضافة إلى تأثيره على تقليل الشهية لتناول الطعام.

وسرعان ما بدأت الجهود البحثية في شركات الأدوية حول العالم لبحث إمكانية تطوير أدوية تعتمد على هرمونات الأمعاء GLP-1 كاستراتيجية قد تكون فعالة في علاج الأشخاص الذين يعانون من مرض السكري من النوع 2 والسمنة.

كانت أول العقبات التي واجهت فكرة تطوير أدوية تعتمد على GLP-1 هي التكسير السريع لهذا الهرمون والذي يجعل من مفعوله لا يستمر أكثر من دقيقتين إلى 5 دقائق فقط وهو ما شكل تحديًا كبيرًا نحو استخدامه كدواء ناجح.

للتغلب على هذا التحدي، تم تطبيق استراتيجيات مختلفة لتمديد نصف عمر GLP-1 وزيادة فاعليته في الجسم بإدخال تعديلات هيكلية وكيميائية عليه تهدف إلى زيادة الاستقرار الجزيئي، وتحسين التوافر الحيوي، وتأخير إخراج الدواء من الجسم عن طريق الكلى.

لكن ظهور حالات سرطان الغدة الدرقية في الفئران والجرذان التي أجريت عليها التجارب أثار مخاوف الباحثين وعطل إجازة الدواء من ادارة الغذاء والدواء FDA الأمريكية، وهو ما تطلب مزيداً من الأبحاث لإقناع FDA بأن الأورام التي ظهرت على الحيوانات في التجارب لن تحدث في التجارب على الإنسان.

بعد ترخيص هذه الادوية للاستخدام في حالات السكري من النوع 2 ، كان هناك تطلع لترخيصها للاستخدام في حالات السمنة بعد أن أظهرت البيانات قدرتها على تخفيض الوزن. لكن تزامن ذلك مع بدأ بعض المرضى في رفع قضايا على الشركات المنتجة لأدوية GLP-1 بدعوى تسببها في التهابات خطيرة في البنكرياس.

بعد مراجعة العديد من الدراسات اقتنعت FDA الامريكية بأن هذه المخاطر نادرة الحدوث وأن الموازنة بين المنافع والمخاطر تصب في صالح ترخيص تلك الادوية مع إلزام الشركات المنتجة بوضع تحذيرات واضحة بدرجة كافية boxed warning ليتخذ المريض قراره مع طبيبه في ضوء تلك التحذيرات.

وتم وضع الإشارة إلى التحذيرات في الصفحة الاولى من المواقع التي أعدتها الشركات لتزويد المرضى بالمعلومات الضرورية عن كل دواء. على سبيل المثال:  https://wegovy.com و https://ozempic.com

وبينما يبدو من المهم اتاحة هذه العائلة من الأدوية الواعدة (كعامل مساعد للنظام الغذائي والرياضة) لتحسين السيطرة على نسبة السكر في الدم ولتقليل مخاطر الأمراض القلبية الوعائية لدى البالغين المصابين بداء السكري من النوع 2 بعد موازنة الطبيب المعالج بين مخاطر ومنافع تلك الأدوية.

إلا أن انتشار صيحة استخدام تلك الأدوية لتقليل الوزن كخيار تجميلي وليس علاجي والتي يروج لها ايلون ماسك وبعض مشاهير هوليوود خارج حدود التصريح الممنوح من السلطات الدوائية مثل FDA و EMA والوكالات المماثلة، ودون ايضاح منافع و مخاطر ومحاذير ذلك الاستخدام هو مما يثير الكثير من القلق.

 

س: ماهي الاستخدامات المصرح بها من السلطات الدوائية للتصريح باستخدام تلك الأدوية؟

 

ج: هذه الأدوية تم التصريح باستخدامها لعلاج المرضى البالغين الذين يعانون من السمنة (يبلغ مؤشر كتلة الجسم (BMI) 30 كجم / م2 أو أكثر)

وكذلك لعلاج المرضى الذين يعانون من زيادة الوزن (يبلغ مؤشر كتلة الجسم (BMI) 27 كجم / م2 أو أكثر) مع وجود مرض مرتبط بالوزن مثل ارتفاع ضغط الدم ، أو السكري من النوع 2 ، أو ارتفاع دهنيات الدم ، أو انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم.

س: هل يمكن استخدام هذه الادوية كبديل للحمية وأسلوب الحياة الصحي؟

 

ج: لا هذه الادوية ليست بديلا للنظام الغذائي و الرياضة. بل يتم استخدامها كعوامل مساعدة لنظام غذائي منخفض السعرات الحرارية وزيادة النشاط البدني لتقليل الوزن.

س: ما مدى فعالية هذه الأدوية في إنقاص الوزن؟ 

ج: استجابة أجسامنا لهذا الدواء تختلف من شخص إلى آخر. فمن كل 100 شخص وزنه 100 كيلو جرام سيستخدمون هذا الدواء بشكل متواصل لمدة سنة ونصف تقريباً (68 إسبوع) 

 

فمن كل 100 شخص وزنه 100 كيلو جرام سيستخدمون هذا الدواء بشكل متواصل لمدة سنة ونصف تقريباً (68 إسبوع) مع إتباع نمط حياة صحي (نظام غذائي منخفض السعرات ورياضة:

 48 شخص سيفقدون 15 كيلوغرام 

17 سيفقدون 10 كيلوجرام من وزنهم

18 سيفقدون 5 كيلوجرام من وزنهم 

17 شخص لن يفقدوا أي وزن

س: هل يمكن أن يحدث استعادة للوزن المفقود بعد التوقف عن الدواء؟ 

ج: نعم، الأشخاص الذين يفقدون وزنهم باستخدام هذه الأدوية عادة ما يستعيدون ثلثي ما فقدوه خلال السنة الأولى بعد التوقف عن تناول الدواء.

المصادر: