هل نستطيع ملاحظة علامات إرتفاع ضغط الدم عند الاخرين؟ نحن نميل إلى إفتراض أن الناس أصحاب الوجه المحمر، الذين يتعرقون كثيراً، ويعانون من الوزن الزائد لديهم ضغط دم مرتفع. ولكن هل الأمر بهذه البساطة حقاً؟ كلاوديا هاموند (Claudia Hammond) [كاتبة المقال] تبحث عن الدليل لذلك.

لا يمكن معرفة الشخص ذو ضغط الدم العالي من وجهه

لا يمكن معرفة الشخص ذو ضغط الدم العالي من وجهه

على الأرجح أنك قد لاحظت خلال حياتك اليومية. غرباء قلقون، وزنهم زائد، يتعرقون بغزارة و وجوههم حمراء في الشارع لربما يجعلك تقلق حول ضغط دمهم، و حتى يساعد في إلهامك للذهاب إلى القاعة الرياضية مرات أكثر. إذا كانوا أصدقاء أو زملاء عمل و بدأوا بالشكوى من الصداع و نزيف الأنف، ربما ستخاف من أن تكون سكتة قلبية أو دماغية قريبة جداً. ولكن هل من الممكن معرفة من لديه ضغط دم عالي ببساطة بمجرد النظر عليه حقاً؟

وجوهنا تتوهج عندما تتوسع الأوعية الدموية تحت جلد الوجه للسماح بزيادة صغيرة في تدفق الدم. إحمرار الوجه ممكن أن يأخذ شكلين. هناك النوع المفاجئ حينما يصبح وجهك حار فجأة، ربما بسبب الإحراج أو العار، و هنالك إحمرار الوجه الأكثر تدرجاً الذي من الممكن أن يستغرق 20 دقيقة للوصول إلى ذروته – من الممكن أن يكون هذا علامة إحراج، أو ناجم من حرارة شديدة و تمارين صعبة. يرافق كلاهما إرتفاع مؤقت في ضغط الدم، ولكن إحمرار الوجه الناتج من قيادة الدراجة الهوائية على تلة، المشي في يوم بارد أو مصادفة شريكك السابق لا يدل على مشاكل إرتفاع ضغط الدم الطويلة الأمد.

إذا كان إحمرار الوجه مستمر، من الممكن أن يدل على الوردية (rosacea)، وهي حالة جلدية حيث تصبح الأوعية الدموية الصغيرة ملتهبة مزمنة. حيث إرتفاع ضغط الدم يفاقم الوردية، ولكن ليس بالضرورة أن يكون الشخص الذي يعاني من الوردية يعاني من إرتفاع ضغط الدم أيضاً.

الغدد الناتحة (eccrine glands) ، التي تُفرِز العرق، توجد بتركيز كبير خاص في الوجه، و كذلك اليدين، القدمين و الإبط. يتحكم بهذه الغدد الجهاز العصبي الودي (sympathetic nervous system)، الذي عمله يختص بالتحكم بالاستجابات الذهنية للقتال أو الفرار (fight or flight response) عند اكتشاف خطر ما. التعرق الغزير، يُعرف بفرط التعرق (hyperhidrosis)، ممكن أن يكون وراثياً أو من أعراض العديد من الأمراض الأخرى، ولكنه ليس علامة لإرتفاع ضغط الدم.

لا يجب أن تهدد الأحداث المتوترة حياتنا دائماً من أجل تحفيز الاستجابات الذهنية للقتال أو الفرار لدينا. أن يفوتك الباص عندما تكون متأخراً أو عندما تتجادل مع صديق سيؤدي إلى زيادة نبضات قلبك و يرفع ضغط دمك [أي أحداث بسيطة كهذه بإمكانها تحفيز الاستجابات الذهنية للقتال أو الفرار]. حالما نجد طريقة أخرى للوصول إلى البيت أو حالما نتصالح مع صديقنا، هذه العلامات القاتلة ستعود إلى المستوى الطبيعي بسرعة. العلاقة بين التوتر و إرتفاع ضغط الدم هي علاقة معقدة، و إذا كان شخصاً ما يعاني من إرتفاعات مكررة في ضغط الدم بسبب مواقف موترة للغاية، فمن الممكن أن يساهم في إرتفاع ضغط الدم. ولكن ليس من الشرط أن يكون الشخص الذي يغضب بين الحين و الاخر مصابا بإرتفاع ضغط الدم.

في الرأس؟

ولكن ماذا عن صداع التوتر؟ كان الأطباء يعتقدون إنه بسبب إرتفاع ضغط الدم، ولكن الان الدليل يشير إلى أن العكس هو الصحيح. عندما يُقاس ضغط دمك، هناك قرائتين. الرقم العالي هو ضغط الدم الإنقباضي (systolic blood pressure) – الضغط في الشرايين عندما تنقبض عضلات القلب. وجد الباحثون أن إحتمالية معاناة الناس الذين لديهم إرتفاع في ضغط الدم الإنقباضي من صداع الرأس أقل بكثير من الذين لديهم إنخفاض فيه. هؤلاء الذين لديهم فرق كبير بين القرائتين [أي بين ضغط الدم الإنقباضي و الإنبساطي] – يُسمى بضغط النبض (pulse pressure)- أيضاً يعانون من صداع الرأس مرات قليلة. دراسة برازيلية أكدت كذلك بأن إحتمالية معاناة من يعانون من إرتفاع ضغط الدم من الشقيقة (migraine) قليلة.

من المثير للإهتمام أنه الأدوية المستخدمة لخفض ضغط الدم تستخدم في بعض الأحيان كعلاج فعّال للشقيقة، ويظهر في ذلك شئ من التناقض. إذ تقول أحد الفرضيات بأن سبب تقليل الألم ليس عن طريق الإنخفاض في ضغط الدم، بل بسبب اثار أخرى للدواء. و الأمر لا يقتصر على الصداع و الشقيقة فحسب. دراسة نرويجية جديدة [2013] تتبعت أكثر من 17,000 شخص خلال عدد من السنوات لترى كم عدد الذين تطور لديهم وجع في الظهر. ثلث العينة تطور لديهم وجع في الظهر، ولكن مرة أخرى، كلما كان ضغط دمهم الإنقباضي و ضغط نبضهم عالي، كلما قلت إحتمالية معاناتهم من وجع الظهر.

إنخفاض الحساسية للألم هذه كنتيجة إرتفاع ضغط الدم تُسمى إرتفاع ضغط الدم المرتبط بنقص حس الألم (hypertension-associated hypalgesia). وهو كذلك يشرح لماذا تجد بعض النساء الم الشقيقة لديهم مختفيا خلال المراحل المتأخرة من الحمل، عندما يرتفع ضغط دمهم ارتفاعاً طبيعياً. لا يعلم أحداً كُلياً لماذا يحدث هذا، ولكن أحد الفرضيات تقول بأن تصلب الأوعية الدموية الذي يحدث بسبب إرتفاع ضغط الدم يسبب توقف النهايات العصبية عن العمل بطريقة صحيحة، و كنتيجة لذلك يخف الالم.

هذا لا يعني أن إرتفاع ضغط الدم هم شيء جيد، ولكنه يشير إلى أن بعض الأعراض، وكذلك الصداع، بإمكانها أن تكون إشارة على ضغط دم طبيعي و ليس مرتفع.

إذا لم يكُن الصداع إشارة إلى إرتفاع ضغط الدم، فماذا عن نزيف الأنف؟ الدراسات عن هذا الأمر وجدت نتائج متناقضة. باحثون نمساويون، على سبيل المثال، وجدوا بأن المرضى الذين يصِلون إلى قسم الطوارئ في مستشفى فيينا العام وهم يعانون من نزيف أنف غير متوقف كان ضغط دمهم أعلى من المرضى الاخرين. مع ذلك، فإن دراسة برازيلية لم تجد ربط بين الأثنين.

ولكن هذه الدراسات نظرت فقط للناس الذين يعانون من نزيف الأنف. إذا كنا فعلاً نريد معرفة إن كان نزيف الأنف إشارة إلى إرتفاع ضغط الدم فنحتاج لمعرفة عدد المرات التي يتعرض فيها ممن يعانون من إرتفاع ضغط الدم من نزيف الأنف. في دراسة أُجريت في اليونان على الناس الذين يزورون المستشفى بسبب طوارئ إرتفاع ضغط الدم، فقط 17% منهم كانوا يعانون من نزيف أنف مستمر. يبدو أن نزيف الأنف يزود بعض المرضى بإشارة إلى أنه من الممكن أن يكون ضغط دمهم مرتفع، ولكن ليس لأغلب الناس.

إذن فالجواب البسيط هو أن إرتفاع ضغط الدم هو حالة بلا أعراض إلى حد كبير، مع تنبيه مهم واحد. إذا أرتفع ضغط دم شخص ما إلى مرحلة خطرة فجأة، فأنهم على الأغلب سيعانون من قلق شديد، ضيق في التنفس، صداع مؤلم و دوار. من الممكن أن تكون هذا حالة طبية طارئة و لايجب تجاهل هذه الأعراض.

ولكن هذا نادراً ما يحدث. في 90% من الحالات السبب المحدد لإرتفاع ضغط الدم غير معروف. الطريقة الوحيدة لمعرفة إن كنت تعاني من إرتفاع ضغط الدم بصورة يومية هو بقياس ضغط دمك. إذن فأن كانت رؤية أصدقاء أو غرباء متعرقين، قلقين و وجوههم حمراء تجعلك معجب بحالة شرايينك الخاصة بأي طريقة، تذكر فقط بأن إرتفاع ضغط الدم لا يُدعى القاتل الصامت بلا سبب.

المصدر

http://www.bbc.com/future/story/20131126-is-high-blood-pressure-visible