ستيفن نوفيلا في 28 يونيو 2023 الإجابة المختصرة لأي سؤالٍ حول – هل يعمل النظام الغذائي س – ستكون دائمًا نعم ولا. والصيام المتقطع ليس باستثناء. تعمل الأنظمة الغذائية إحصائيًا على المدى القصير لأنه إن اهتممْتَ بمعدل استهلاك السعرات الحرارية ومارسْتَ التمارين الرياضية، فمن المحتمل أن تستهلك سعرات حرارية أقل، مما قد يؤدي إلى فقدان الوزن. إلّا أنّها لا تعمل على المدى الطويل بالنسبة إلى نحو 95% من الأشخاص. لكنّ كلّ نظامٍ غذائي جديدٍ يُقَدَّم كما لو أنه يمثل في النهاية “الاختراق” الذي يبحث عنه الجميع.
تُظْهِر الدراسات الحديثة التي تبحث في الصيام المتقطع الواقع الأساسي للوضع وتحديات إجراء الأبحاث في هذا المجال. قارنَتْ إحدى الدراسات التي نُشِرت مؤخرًا في دورية آنالز أوف إنترينال مديسين Annals of internal Medicine الأكل المُقيّد بالوقت (8 ساعات يومياً دون حسابٍ واضحٍ للسعرات الحرارية) مع الأكل غير المقيد لكن مع حساب السعرات الحرارية، مع مجموعةٍ شاهدةٍ دون أي تدخلٍ. فوجدوا:
“بالمقارنةِ مع المجموعة الضابطة، خَفَّضَت المجموعة التي تناولت غذاءً مقيدًا بالوقت ما مُتَوسِطه 425 سعرة حرارية يوميًا وانخفض الوزن 4.61 كغم في 12 شهرًا. وبالمثل، خَفَّضَت مجموعة تقييد السعرات الحرارية ما متوسطه 405 سعرة حرارية في اليوم وانخفاض الوزن 5.42 كغم أكثر من المجموعة الضابطة. لم تكن هناك فروقٌ ذات دلالةٍ إحصائيةٍ بين مجموعات الأكل المقيدة بالوقت ومجموعات تقييد السعرات الحرارية من ناحية انخفاض السعرات الحرارية وفقدان الوزن الذي حُقِقَ”.
تجدر الإشارة إلى أن جميع المشاركين راجعوا اختصاصي التغذية مرةً في الأسبوع. من الصعب أن نعرف ما الذي تُظْهِرُه لنا هذه الدراسة بالفعل. تواجه دراسات النظام الغذائي وفقدان الوزن تحدياتٍ بسبب تأثيرات الخلفية التي من المحتمل أن تحجب التأثير قيد الدراسة. أحد التأثيرات هو ببساطةٍ الانتباه إلى مقدار ما تأكله وممارسة الرياضة. هناك تأثيرُ قياس الوزن بصورةٍ منتظمةٍ، مما يعطيك معلوماتٍ ملموسةً عن مدخول وصرف السعرات الحرارية. هناك أيضًا تأثير وجود البنية الداعمة، مثل البنية التحتية لأي تجربةٍ سريريةٍ. هناك تأثير الحصول على المشورة الغذائية المنتظمة.
ومن هذا المنطلق، تخبرنا هذه الدراسة أنّه إن كنت تراجع اختصاصي تغذيةٍ بانتظامٍ، وتزن نفسك، وتنتبه إلى طعامك (دعنا نسمي هذه التأثيرات العامة)، فمن المحتمل أن تفقد الوزن. كما تُظْهِرُ أيضًا أن تفاصيل استراتيجية نظامك الغذائي (التأثيرات المُحَدَدَة)، في هذه الحالة: الصيام المتقطع مقابل حساب السعرات الحرارية، لا تهم فعلًا.
إذا نظرنا إلى أبحاث النظام الغذائي وفقدان الوزن نظرةً إجماليةً على مدى العقود الماضية، فسنجد أن هناك سمةً مشتركةً وثابتةً. التأثيراتُ العامة التي ذكرتُها أعلاه هي السائدة، والتأثيراتُ المُحَدَدَةُ للتفاصيل الغذائية إما لا تهم على الإطلاق أو لا تكون إلّا ذات تأثيرٍ بسيطٍ. في كثيرٍ من الأحيان يُدّعى أنّ الاستراتيجيات متفوقةٌ بناءً على تأثيراتٍ صغيرةٍ وقصيرة المدى.
نحو 95% من فقدان الوزن، من ناحية الاستراتيجيّة السلوكية، يتعلق بالاهتمام بكمية الطعام التي تتناولها، ووزن نفسك بانتظامٍ، والحفاظ على نشاطك البدني أو زيادته، والحصول على بعض الدعم النفسي أو التشجيع. ومع ذلك، هناك أدبياتٌ واسعةُ تركّز على نسبة الـ 5% ــ أي نوع السعرات الحرارية (المغذيات الكبيرة) وتوقيت تناول الطعام. تُظهر الأبحاث باستمرارٍ أن هذه العوامل إما غير مهمةٍ، أو أنّها ذات تأثيرٍ بسيطٍ، و/أو أن التأثيرَ قصيرُ الأمد ويأتي أحيانًا مع عوزٍ طويل المدى.
ويُظِهر البحث أيضًا أن فقدانَ الوزنِ الثابتَ أمرٌ صعبٌ فعلًا. لا يفقد معظم الأشخاص إلّا مقدارًا صغيرًا من الوزن ولا يحافظون على ذلك على المدى الطويل. تُقَدّم الدراسات التي تتراوح مدتها من ثلاثة إلى ستة أشهر دراسة “إثبات المفهوم” مثلًا، لكنها قد تكون عديمة الفائدة في النهاية إذا كان الهدف هو فقدان الوزن الثابت على المدى الطويل. الصيام المتقطع ليس إلّا أحدث محاولةٍ للتوصل إلى الحيلة التي يُؤمَلُ أن تنجح أخيرًا، لكن البحث يجد الشيء نفسه بصورةٍ أساسيةٍ. ومع ذلك، فإن الدراسات والعناوين مهووسةٌ بالتأثيرات الصغيرة، مثل مدة الصيام، أو توقيت الصيام. هل من الأفضل تناول الطعام في الصباح أم في وقتٍ متأخرٍ في اليوم؟
يبدو الأمر كما لو أننا لا نريد الاعتراف بالصورة الكبيرة، فلا شيء من هذا يهم فعلًا. الحفاظ على الوزن بالنسبة إلى كثيرٍ من الناس هو ببساطةٍ أمرٌ صعبٌ جدًا. إن تشتيت انتباهنا بهذه التفاصيل الصغيرة لن يغيّر ذلك.
إذن ما الذي سيعمل؟ على المستوى الفردي: عدا التأثيرات العامة التي ذكرتها، فإننا لا زلنا لا نعرف فعلًا. تشير الأدلة أيضًا إلى أن البدانة ليست فشلًا فرديًا لكنها مشكلةٌ مجتمعيةٌ. تمتلك الدول المتقدمة عمومًا أغذيةً كثيفة السعرات الحرارية متاحةً بسهولةً وبنسبٍ كبيرةٍ. نحن ببساطةٍ لم نتطور للتعامل مع هذه الوفرة من الطعام المُصَمَمِ لتحفيز حواسنا إلى أقصى حدٍّ. إن جبروت الإرادة لا يرقى ببساطةٍ إلى مستوى مهمة العيش في هذا العالم دون الإفراط في استهلاك السعرات الحرارية (بالنسبة إلى معظم الناس في معظم الأوقات).
هناك خياراتٌ طبيةٌ. تُعتَبر الأشكال المختلفة من عمليات المَجازات المَعِدِيَّة Gastric bypass فعالةً. لكن التدخل الجراحي يُقْصَرُ عمومًا على الأشخاص الذين يعانون سمنةً مفرطةً ومضاعفاتٍ طبيةً. هناك أدويةٌ متاحةٌ، مثل أوزيمبيك Ozempic. هذه الأدوية مخصصةٌ في المقام الأول للداء السكري، لكنها تتحول إلى علاجاتٍ للبدانة نفسها. ومع ذلك، فإن هذه الأدوية باهظة الثمن ويجب تناولها إلى أجلٍ غير مسمى، مع وجود خطر الارتداد إذا أُوقِفَتْ. ومن ثمّ، فإن للتدخلات الطبية دورًا تؤديه، لكنها ليست للجميع.
خلاصة القول هي أنّنا لم نحلّ هذه المشكلة بعد. نحن نحوم حول حوافها، ونناقش نسبة الـ 5%، ونبحث عن الاختراق التالي. وفي الوقت نفسه، نحن نعرف بالفعل ما هو الحل، لكن لا يبدو أن هناك إرادةً جماعيةً لفعل أي شيءٍ حيال ذلك. يجب أن نغيّر البيئة. صناعةُ المواد الغذائية يجب أن تتغير. وإلى أن يحدث ذلك، يبدو ما نفعله أشبه بإعادة ترتيب الأثاث على متن سفينة التايتانيك.
المقال الأصلي
Steven Novella, Does Intermittent Fasting Work? Science-Based Medicine, June 28, 2023
تم نشر هذا المقال في العدد 58 من مجلة العلوم الحقيقة وراجعته لغويا ريام عيسى