في كل وقت يعلن فيه عن أن شخصاً مشهوراً قام بخيانة زوجية أو تعرض لتحرش جنسي فإنك تعد الثواني حتى يعلن مكتبهم الإعلامي بأنهم يبحثون عن علاج لإدمان الجنس. بينما يشخّص البعض هذه الحالة بطريقة بسيطة، لكن غير مرغوب بها، على أنها مشكلة طبية إلا أن هذا التشخيص بالكاد يلقى قبولاً عالمياً. فيما يبدو، أنه في كل حالة يقر بها الخبراء بأنها إدمان حقيقي، يظهر في المقابل خبراء آخرون مغايرون في الرأي يستبعدون الفكرة. اليوم سوف نلقي نظرة على إدمان الجنس لنكتشف ما هو حقيقي وما الذي قد شوّه وحُرّف، ولنعلم كم من الفرضيات وإن وجدت هي فقط محض خيال.
أول شيء يجب أن تعلمه قبل الولوج في هذه الدراسة هو أن لفكرة السلوك الجنسي المفرط أسماء مختلفة: ليس فقط الإدمان على الجنس بل أيضاً فرط النشاط الجنسي (Hypersexuality)، اضطراب فرط الرغبة الجنسية (Hyper sexual disorder)، الهوس الشبقي (الجنون الجنسي) (Erotomania)، التبعية الجنسية (Sexual dependence)، السلوك الجنسي القهري (Compulsive sexual behavior)، الغلمة (فرط الرغبة الجنسية عند الإناث) (Nymphomania)، والنسخة الذكرية من الرغبة المفرطة عند الذكور والتي تسمى الشبق الرجولي (Satyriasis).
إذا كانت الفكرة هي مجرد تعريف لحالة من السلوك الجنسي الذي يكون فيها هذا السلوك إشكالي وخارج سيطرة الفرد إلى درجة ما، فإن هذا التعريف يُعطى عادة للارتباط القسري بنظام المكافأة في الدماغ والمتعلق بالمحفزات الجنسية، بصرف النظر عن النتائج المعادية على الصعيد المهني والاجتماعي وغيرها من الأصعدة. بشكل عام، أي نمط من السلوك الذي يتضارب مع نمط الحياة الصحي والطبيعي المرغوب به يكون نمطاً يتطلب التدخل الطبي. وهكذا، فإن الشخص الذي يكون لديه علاقة جنسية غير مناسبة تكلفه عمله أو شريكه ورغم ذلك يستمر بفعل ذلك النشاط الجنسي المفرط، حينها يمكننا القول بأن الأمور ليست على ما يرام وهذا قد لا يكون خطأه بالضرورة. وقد تكون نقطة الضعف هذه التي تبرر الجنس المفرط وغير المناسب قد حوّلت الإدمان على الجنس إلى صناعة تدرُّ أرباحاً.
على أية حال، إذا أخذنا بالمصطلحات الطبية مثل مصطلح إدمان فإننا سنصادف الكثير من الادعاءات الخاصة القابلة للتفنيد. حتى نصنف حالة على أنها حالة إدمان فإن السلوك القسري يجب أن يكون سببه خلل في نظام المكافأة في الدماغ الذي يقتضي مرضاً بيولوجياً بغض النظر عن أي عوامل نفسية. أحد الطرق الرئيسية للكشف عن هذه الحالة والبتّ بها هو بروتين (FOSB) الذي هو جزء من نظام المكافأة الذي يُنشّط عندما يقوم أي فرد بممارسة نشاط يبعث على السعادة، سواء كان ممارسة الجنس أو حتى تناول الشوكولا. بكل الأحوال، عندما يصبح شخصاً ما مدمناً على شيء فإن بروتين (FOSB) يمكن أن يُحرّر أكثر وهذا المعدل المرتفع بصورة شاذة ينتج عنه نوع من اللدونة العصبية (مطاوعة الدماغ) في نظام المكافأة. هناك افتراض مقبول رغم أنه غير متفق عليه عالمياً بأن تحرير بروتين (FOSB) بشكل مفرط هو دليل بيولوجي على الإدمان بمعنى أبسط هو بمثابة علامة تخبرنا فيما إذا كان الشخص مدمناً أم لا.
وماذا عن مدمني الجنس؟ نعم، لقد وجدنا أن الناس الذين يظهر عليهم السلوك الجنسي القسري بأنهم يملكون ذلك الدليل البيولوجي للإدمان. ورغم التأكيد على ذلك الأمر لدرجة كبيرة ورغم انه غير متفق عليه عالمياً، إلا أنه بشكل عام تم قبول الإدمان على الجنس بأنه فعلاً يوافق التعريف الطبي للإدمان.
على أية حال، هذه هي بالكاد الخلاصة الأخيرة للقضية. لكن بالمقابل، هناك آراء مخالفة لذلك. والسبب وراء الخلاف يكمن في حقيقة أن الجنس القسري الذي يُقال إنه يشابه حالة الإدمان التي يعرفها الطب، هو ليس كافياً لإثبات أن الشخص الذي يعاني منه غير مسؤول عن تصرفاته. لذا فعلينا أن نعود إلى دراسات علم النفس.
حالياً يتم تصنيف و تجميع الحالات المتعلقة بعلم النفس في أمريكا في ما يسمى بـ (DSM) (دليل التشخيص و الإحصاء للاضطرابات العقلية و الذي نشرته الجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين)، أما في باقي العالم هناك دليل اسمه (ICD) (التصنيف الاحصائي الدولي للأمراض المتعلقة بالمشاكل الصحية و الذي نشرته منظمة الصحة العالمية) حتى الآن النسخ الموجودة المنتشرة هي (DSM-5)و ( ICD-11). دعونا نعود إلى الفصول التي تتحدث عن الإدمان على الجنس. خمنوا ماذا وجدنا: لم نجد شيئاً عن مرض يدعى الإدمان على الجنس لا في (DSM) و لا حتى في (ICD) ولا يوجد اعتراف أن الإدمان على الجنس هو مرض يشخص سريرياً.
في عام 2010 هناك مقترح لإدخال الإدمان على الجنس في دليل (DSM-5) بصفته اضطراباً بفرط النشاط الجنسي، لكن لم يتم الموافقة على ذلك. لقد تم اختيار ذلك الاسم بدلاً من الإدمان على الجنس بسبب النظريات البالية التي تضمنت مصطلح (إدمان) الذي يتضمن بدوره سبباً خاصاً و محدداً.
لقد تم اقتراح اضطراب فرط النشاط الجنسي ليكون تشخيصاً فعالاً إذا استمر ذلك السلوك على الأقل ستة أشهر وقام المريض خلالها بالعديد من المحاولات لإيقاف ذلك السلوك لكنها باءت بالفشل. الأسباب التي كانت وراء رفض إدراج هذا المرض في النهاية لم تُوضّح، أحياناً يقال إنه لا يوجد دليل بأن ذلك حقاً يعتبر إدماناً. أشار نقاد هذا القرار إلى حقيقة ان كل من دليل (DSM) و(ICD) يتضمنان “اضطراب المقامرة” الذي تم إدراجه في القائمة تحت اضطرابات الإدمان المتعلقة بالمادة. سيبدو فرط النشاط الجنسي من نفس أنواع الاضطرابات تلك بسبب عدم إمكانية الفرد عن التوقف واستمراره في ممارسة نفس السلوك رغم العواقب الوخيمة على نحو متزايد، لكن برغم ذلك قررت الهيئات المسؤولة بأن السلوك الجنسي القهري لا يقابل المعايير السريرية لسلوك الإدمان. قام دليل (ICD-11) بإضافة “اضطراب السلوك الجنسي القهري” فقط على أنه اضطراب التحكم بالدافع وليس على أنه إدمان حقيقي. هذا القرار جعل تشخيص الإدمان على الجنس أمراً متنازعاً عليه: طبياً، يعتبر ادماناً؛ بينما لا يعتبره علم النفس كذلك. وبينما لا يزال الأطباء النفسيون يجادلون بذلك، إلا أنه يوجد صناعة كبيرة في شتى أنحاء العالم لعلاج الإدمان على الجنس. يوجد مراكز لا تعد ولا تحصى للاستشارة والعلاج لمرضى الإدمان سواء كانوا نزلاء أو مرضى خارجيين. وبعض هذه المراكز لديها اخصائيين في علاج الإدمان على الجنس. هذا الامر يثير سؤالا جلياً حول مشكلة صعبة يتم تجاهلها: كيف يمكن أن يوجد اخصائيين للإدمان على الجنس إذا كان هذا الإدمان غير معترف به بالنسبة لعلم النفس.
إنه سؤال جيد ومهم، والاجابة كان يسمعها مرارا وتكرارا المستمعون لإذاعة (Skeptoid). عندما يكون هناك مهنة بالكاد يعترف بها كمهن طبية مصدق عليها وغير معترف بها من قبل الجمعية الطبية الأمريكية أو الجمعية الأمريكية للطب النفسي كمجال طبي حقيقي أو نفساني، فإنه من الشائع أن يقوم الأطباء أصحاب المهن باختراع تصديق ذاتي لممارسة مهنتهم. وهذا ما حصل مع معالجي الادمان على الجنس.
سوق علاج الإدمان على الجنس هو مكان مكتظ تماماً. هناك المعهد الدولي للمتخصصين في مجال الصدمات والإدمان (IITAP) الذي يقدم برنامج ذو علامة تجارية لمعالجي الإدمان على الجنس CSAT، كما توجد الجمعية الأمريكية لعلاج الإدمان على الجنس (AASAT) التي تقدم أخصائيين للشفاء ومدربين كما تمنح شهادات لمستشارين يقومون بالمعالجة الرعوية مقابل مبلغ بسيط قدره 795$. بالطبع توجد معاهد ومراكز أخرى بلا شك. انتشار هذه المعاهد والأكاديميات والجمعيات التي تبيع تلك الشهادات هي بالتأكيد دليل قاطع على الصناعة الخادعة المؤلفة من الأشخاص الجشعين الذين ينتهزون أي فائدة من المرضى ومن الممارسين المفعمين بالأمل الذين يملكون بعض المال. لكن في الحالة المتعلقة بمعالجي الإدمان على الجنس، فمن العدل أن نحدد ما يجعله مختلفاً عن الصناعات الزائفة الأخرى التي تماثله ببنيتها وهيكلها. على الرغم من انها غير عالمية، الا ان معظم المراكز المصدقة تمتلك معايير عالية وتطلب من المتقدمين إليها أن يملكوا شهادات متقدمة في علم النفس بالإضافة الى رخصة قانونية لممارسة العلاج النفسي في ولاياتهم. وهكذا فإن المعالجين المرخصين لعلاج الإدمان على الجنس يختلفون عن المعالجين بالطبيعة أو المتخصصين في التغذية، فهم يملكون فعليا شهادة البورد بالإضافة الى رخصة والى شهادة لممارسة علاج الإدمان على الجنس. لنكن دقيقين، شهادة علاج الإدمان على الجنس لا تعني بأن حامل هذه الشهادة لديه مهارة مصدقة من قبل أي جهة معتمدة تزود بتلك الشهادات، لكن يمكنك على الأقل أن تكون متأكدا بأنه في معظم الحالات يبقى لدى هذا المعالج مؤهلات وخلفية احترافية وثيقة الصلة بالموضوع.
المعالجة تتضمن بشكل نموذجي العلاج المعرفي السلوكي (CBT) للسعي وراء تحفيز أنماط أخرى لنشاط المكافأة في الدماغ، وغالبا تتطلب هذه المعالجة إبقاء المريض بعيدا عن الأفلام الاباحية أو العاملين في صناعة الجنس أو ما شابه. يتم اتباع برنامج مؤلف من أحد عشرة خطوة لكن بكل الأحوال تشير البيانات بأن هذا الإجراء لا يمت للعلاج بصلة.
بينما ان التصديق الذاتي لمعالجة الإدمان على الجنس موجود ليسد ثغرة حقيقية في الطب النفسي رغم أن العديد لا يعترف بوجود هذه الثغرة، والحقيقة تبقى بأن غالبية الممتهنين للطب النفسي كما تعرفهم جمعية علم النفس الأمريكية (APA) ومنظمة الصحة العالمية لا يؤمنون بان هناك تشخيص سريري لهذا الإدمان وبأنه خارج نطاق العلاج.
بكل الأحوال، هذه ليست كل القصة، حيث يوجد جانب أشد ظلمة لصناعة العلاج خارج مجال التصديق الذاتي. إذ أن هناك برامج هائلة لمعالجة الإدمان على الجنس معتمدة على المسيحية الأصولية التي تعتبر فعلياً بأن أي نشاط جنسي خارج نطاق الزواج الأحادي هو إدمان على الجنس، وتتضمن هذه الأنشطة المثلية الجنسية، الاستمناء، الجنس المدفوع الثمن، الأفلام الإباحية، أو أي شيء مشابه تقريبا لذلك. تلك الهيئات مثل الرابطة الأمريكية للمستشارين المسيحيين (AACC) والجمعية المسيحية للمتخصصين الدوليين في ادمان الجنس (C-SASI) وجمعية الشركاء الاخصائيين بصدمة المدمنين على الجنس (APSTATS) ، تبيع شهادات لمعالجي الإدمان على الجنس والتي بالكاد تتطلب شروطاً مسبقة وكل ما يتطلبه الأمر هو أربعة أيام تدريب او في أحد الحالات قد يتطلب فقط عشرة ساعات من القراءة الذاتية فقط.
في بعض الحالات، يُجبر الناس على مثل هذه الاستشارة حيث يمكن أن يقضوا سنوات وهم يصدقون أن سلوكهم غير طبيعي وناتج عن اضطراب ما، بينما في الحقيقة يكون سلوكهم طبيعي وصحيح بالكامل. علاج الإدمان على الجنس الموجود خارج نطاق مهن التحليل والطب النفسي يجب ان نضعه في موضع الشك ومن المفضل أن نبتعد عنه بالكامل.
إن وجود صناعة زائفة كليا بجانب صناعة غير موثوقة لكنها صناعة منظمة ذاتياً الى حد معقول، قد وضعت المرضى في خطر حقيقي. وما زالت القضية التي تدور حول ضرورة أن يخضع الفرد لعلاج نفسي من أجل معالجة الإدمان على الجنس قضية غير واضحة حتى الآن. لكن أي شخص يريد العلاج يجب أن يصرّ على معالج نفسي حاصل على شهادة ومرخص.
الحالة الأكثر ضبابية وتعقيداً هي حالة الزبائن الذين يواجهون ثلاث مستويات من الاحترافيين في هذه المهنة: أولهم، المجتمع علماء النفس السائد والذي عموما يعتبر الإدمان على الجنس حالة لا يوجد لها علاج في علم النفس. ثانيا، الممتهنون المؤهلون والواعون الذين يقومون بجمع العلاج النفسي القانوني والشرعي مع رؤية الأقلية للإدمان على الجنس. ثالثاً، الصناعة الزائفة للدعاة غير المتدربين والتي يسرها ان تريك شهاداتها الليزرية المطبوعة بشكل أنيق لامتهان علاج الإدمان على الجنس.
أنا اعتقد أن النقطة العملية الأكثر في هذه القضية، هي أن نستخلص فكرة جيدة كيف ستكون ردة فعلنا عندما نسمع مصطلح الإدمان على الجنس يطلق على بعض حالات السلوك المزعج أو غير المناسب. جميعنا يمكنه أن يعلم بأن طب الإدمان ممكن، لكن مالا يمكن أن نعلمه هو فيما إذا كانت حالة الشخص تقتضيها قوانين خاصة أو فيما إذا كان التشخيص النفسي غير موجود. يمكننا أيضا ان نعي الاختلاف بين الإدمان الحقيقي على الجنس وبين أنماط السلوك الأخرى التي غالبا يطلق الناس عليها تسميات خاطئة: يتراوح أو يندرج هذا السلوك بين السلوك الجنسي الطبيعي الصحي وصولا الى الاغتصاب. هناك قلة من أولئك المؤهلين للمعالجة، لذلك يجب عليك أن تشكك بتلك التسميات. وأكثر من ذلك، فهذه هي الحالة التي يجب علينا فيها أن نترك العلم أو أي علاج محتمل ما زال متنازعاً عليه إلى حد بعيد، على الأقل في الوقت الحالي. ربما يكون الاستياء بشأن هذه الحالة هو الإجابة الأنسب للقضايا الصعبة والشائكة.
كإنسانة أتعايش مع (اضطراب بالهوية الجندرية) – التشخيص الذي تمت إزالته من قائمة الأمراض العقلية والنفسية. وأقرت المصادر القديمة والحديثة أقرت أن أسبابه بيولوجية كالتركيبة الجينية للإنسان أو البنية الدماغية المتعلقة بالتأثيرات الهرمونية على الدماغ بفترة التكوين الجنيني –
لايزال لليوم بعالمنا العربي ناس تتهمني بشرفي والانحلال أخلاقي لأن السبب التربية والبيئة كإساءة لعائلتي البريئة ! وكما أشار المقال لوجود مؤسسات مسيحية متخصصة تدعي “اصلاح وتقويم” وتوجيه ميول الإنسان الجنسية … تجد عربياً معاهد ومؤسسات ومراكز “نفسية” مُرخّصة تتبع ذات الممارسات اللاإنسانية بعباءة إسلامية!
لدرجة ظهور أحدهم على الشاشات الفضائية “طبيب نفسي” يدعي علناً أنه استطاع علاج المثلية بالالتزام شرعياً اثباته الوحيد ظهور ظل شخص (اسم مستعار) معه عالهواء من غرفة خاصة بالاستديو بلا إضاءات لتظليل وجهه وتغيير صوته لتجنيبه فضيحة التعافي من المثلية ، يقول كنت شاب مثلي والآن اميل للنساء لأن هذا الطبيب عالجني !
لأن المجتمعات المتخلفة أينما كانت تجهل وتتجاهل أن منظمة الصحة العالمية أزالت تصنيف المثلية كاضطراب نفسي أواخر القرن الماضي.
اعتقد ان الهوس الجنسي او الشبق الجنسي عند الاناث والذكور اصبح يمثل حالة اجتماعية مرضية جديرة بالدراسة والابحاثنظرا لان كل شي حولنا يساعد ويزيد من الهوس الجنسي ومظاهر ذلك لا تعد ولا تحصي ومن تلك المظاهر كثرة المواقع الاباحية لدرجة انها فاقت مواقع الابحاث العلمية
الاعلانات الجنسية والايحاءات والعبارات التي انتشرت بدرجة يصعب معها السيطرة عليها
نموذج الفكر المتحرر الذي تحاول بعض الدول الغربية فرضه علي المجتمعات العربية