الشخصية النرجسية أو السيكوباتية رغم أنها لا تعتبر صفات مرغوب فيها للشريك من معظم الأشخاص، وكثيرٌ منا يتخيلون ظروفاً غامضة تجاه الأشخاص الذين يتصفون بهذه الصفات، ولكن في الوقت نفسه غالبا ما تكون الفتيات اللئيمات هن الأكثر شعبية في المدرسة، بينما يُعتبر مصاصو الدماء من الرموز الجنسية.

وجدت الابحاث الحديثة أن الأشخاص الذين يعانون من ما يسمى سمات الشخصية “السوداوية” أكثر جاذبية من الناحية الجسدية من غيرهم. ما الشيء الذي يجعل الشخصيات السوداوية جذابة جداً؟ الجواب قد يساعدنا على فهم ما الذي يجعل الأشخاص السوداويين ناجحين في استغلال الآخرين.

قام كل من نيكولاس هولتزمان (Nicholas Holtzman) ومايكل ستروب (Michael Strube) من جامعة واشنطن في سانت لويس، بدراسة العلاقة بين الجاذبية الجسدية وميول الأشخاص نحو النرجسية، السيكوباتية، والميكافيلية. فهم يرغبون بمعرفة ما اذا كانت هذه الصفات الثلاثة، التي يشار اليها بـ “ثالوث الظلام”، ترتبط بقدرة أكبر على تعزيز نجاح المظهر الجسدي.

ولأختبار هذه الفكرة، قام الباحثان بدعوة 111 شخص من طلاب الجامعات (64% منهم أناث) في المختبر الخاص بهم. وقاما بتصوير الطلاب بعد وقت قصير من وصولهم. وبعد أخذ الصورة الاولية طلب من الطلاب تغيير ملابسهم ولبس بنطرون رياضي رمادي وقميص. بينما طلب من النساء أزالة أي مكياج، وطلب من أصحاب الشعر الطويل ان يصففوه على شكل “ذيل الحصان”. ثم تم تصويرهم مرة أخرى، بهذه الحالة الطبيعية.

قام هولتزمان وستروب بعرض كلتا المجموعتين من الصور على غرباء، وطلب منهم تصنيف الصور من ناحية الجاذبية الجسدية. ومن خلال مقارنة تقييم الجاذبية للطلاب الذين يرتدون ملابسهم الطبيعية والطلاب الذين لا يرتدونها، تمكن الباحثون من تحديد مقدار ما يستطيعه فعله كل طالب لزيادة جاذبيته الجسدية من خلال الملابس البراقة، المكياج، الاكسسوارات، الخ.

لاحقا، قام هولتزمان وستروب بتقييم شخصيات الطلاب وتوجهاتهم نحو النرجسية، السيكوباتية، والميكافيلية. وطلبوا من الطلاب تقييم أنفسهم وتقديم عناوين البريد الإلكتروني لعدد من أصدقائهم، لكي يسئلهم الباحثون عن تقييماتهم كذلك.

وقد استخدم هذا المزيج من تقييمات الذات وتقييمات الأصدقاء لحساب النقاط النهائية للشخصية المحددة لكل طالب. وبالاضافة الى ذلك تم جمع تقيمات الطلاب لإنشاء مركب لنتيجة “الثالوث المظلم”.

وقد ارتبطت نتيجة ثلاثية الظلام بإجابية مع جاذبية من يرتدون الملابس الطبيعية، وهذا الاكتشاف يعكس النتائج السابقة. ومع ذلك، لم تكن نتيجة ثلاثي الظلام مرتبطة مع الجاذبة الجسدية في صور الأشخاص الذين لا يرتدون ملابس طبيعية. وبعبارة أخرى، لا ينظر الأشخاص الى سمات الشخصية السوداوية باعتبارها أكثر جاذبية اذا كانوا قد أجبروا على ارتداءها او منعوا من وضع المكياج. يبدو ان الأشخاص ممن يمتلكون شخصيات سوداوية أكثر قدرة على زيادة جاذبيتهم الجسدية.

وهذه النتائج تعزز الأبحاث السابقة، والتي خلصت الى ان أصحاب الشخصية النرجسية أكثر شعبية من غيرهم. حيث قام كل من ميتيا باك (Mitja Back) وبورس اكلوف (Boris Egloff) من جامعة يوهانس غوتنبرغ في ماينز، جنبا الى جنب مع ستيفان شموكلي (Stefan Schmukle) من جامعة مونسترـ بدراسة اجريت عام 2010، حيث قاموا يجمع معلومات عن شخصيات الطلاب ومن ثم طلب من الطلاب تعريف أنفسهم للآخرين ولمدة قصيرة، ومن ثم طلب منهم أملاء استمارات احصائية لتبيان الانطباعات الأولى التي تشكلت عندهم عن الطلاب الآخرين.

وقد لوحظ ان الطلاب سجلوا أعلى درجات التقييم الأيجابي للنرجسيين. فالأشخاص ينظر للنرجسيين على انهم محبوبين أكثر ويجدون لديهم شخصيات بارزة، ولغة جسدهم تجعلهم يبدون أكثر ثقة بالنفس، وتعبيرات وجوهم اكثر جاذبية. فهذه الدراسة وبالأضافة الى دراسة هولتزمان وستروب، تشير الى ان النرجسيين هم أكثر مهارة في تقديم انفسهم بطريقة تؤثر على الأخرين في الحال.

وهذا يعتبر سببا اخر يجبرك على ان تأخذ وقتك قبل تشكيل الأحكام والانطباعات الاولية عند التعرف على شخص ما. الأنطباع الأول للنرجسي او السيكوباتي من الصعب مقاومته. فكثيرا ما نقوم بربط الجاذبية الجسدية بصورة تلقائية مع مجموعة من الصفات الإجابية الأخرى، وهو ما يعرف ب”تأثير الهالة” وهي ظاهرة تحدث عندما ننظر الى شخص جذاب جسديا، فنفترض تلقائياً انه اكثر ذكاء ولطفا وأكثر ثقة بالنفس. لذلك فالجاذبية الجسدية وسيلة فعالة للغاية لخلق أنطباع اول متميز. الجمع بين الجاذبية الجسدية والثقة بالنفس وروح الدعابة هو أكثر فعالية، ويبدو ان الناس مع شخصيات استغلالية هم أكثر نجاحا في هذا.

والأكثر تواضعا بيننا يمكن ان يشعروا بالطمأنينة عند معرفة ان الانطباعات الأولى للنرجسيين تميل للأنخفاض مع مرور الوقت. قد تستغرق هذا الامر عدة أسابيع، لان الأشخاص ممن يمتلكون شخصيات سوداوية يكونوا بارعين في إخفاء جانبهم التافه. ومع ذلك، فالهدف من هذه السمات هو استغلال الأشخاص، ولكن المقربين لهم يستطيعون ان يبدأوا في تجنبهم. اما في ما يتعلق بالعلاقات طويلة الاجل، سواء العلاقات في الواقع او العلاقات التي تكون من نسج الخيال، فإن معظم الأشخاص يخجلون من الأشخاض أصحاب الشخصيات السوداوية. ربما لهذا من اجل الحفاظ على أهتمامنا بالكتب والأفلام المتعددة، حيث ان مصاصي الدماء الجذابين او الشريرين يحتاجون لقلب من ذهب.

المصدر: http://www.scientificamerican.com/article/psychology-uncovers-sex-appeal-dark-personalities/