يبدو أن السرطان يمكن أن يصيب نطاقاً واسعاً من الحيوانات، ابتداءً من آكلات النمل الى حمير الوحش. ولكن يغيب عنا الكثير مما نعرفه عن أنواع السرطان التي تصيب الحيوانات البرية وذلك بسبب صعوبة دراستها. فالحيوانات البرية كثيرة التجوال وليس من السهل ملاحظتها لفترات طويلة. لكن السرطانات التي دُرست في الحيوانات تعد مثيرة للاهتمام جداً، و هي تثبت بشكل مؤكد انها مفيدة لدراسة السرطان في الإنسان. من الأمثلة انه لدى شيطان تسمانيا نوعاً من السرطان يُمكن أن ينتشر من حيوان الى اخر بواسطة العض.
هذا المقال يتناول سرطان الديناصور، و سرطان شيطان تسمانيا وسرطان السمك المتوحش، و سرطان جرذ الخلد العاري و سرطان المحار و سرطان الدودة الشريطية الذي يصيبها وهي تعيش في المضيف (الإنسان).
السرطان في الديناصورات
السرطان هو المرض الذي استمر لملايين السنين. في دراسة أجريت عام 2003، قام باحثون باستخدام التنظير التالفي او الكشف الفلوري وقاموا باستخدام الاشعة المقطعية بمسح ما يفوق الـ 10 آلاف عينة من أورام لفقرات ديناصور. وعثر الباحثون على الأورام السرطانية في ما يقارب 3% من أنواع الديناصورات التي تمت دراستها. الديناصورات من نوع منقار البطة (duck-billed dinosaur) و التي تسمى بـ (كريتسيوس هيدروسورس) (Cretaceous hadrosaurs)، لكنهم لم يجدوا أوراماً في اي من الأنواع الأخرى من الديناصورات. تضمنت الأورام انواعاً مثل الأورام الوعائية (hemangiomas)، أورام النسيج الليفي (desmoplastic fibroma) واورام بانيات العظام (osteoblastoma).
وفي دراسة مبكرة اجريت في عام 1999، وجد أن السرطان منتشر في واحد من أصل 548 من عينات فقرات الديناصور ادموندو سورس (Edmontosaurus) فيما غابت في جميع النماذج المتبقية. الأورام الوعائية كانت حاضرة في 20 من اصل 669 عينة فقرات ادموندو سورس، و كانت غائبة في جميع عينات فقرات كورثوسورس (Corythosaurus) البالغة 286 كما هو الحال في جميع عينات الساربودسو (sauropods)، السيرابتوسيان (ceratopsians)، الاستيغوسورس (stegosaurs)، الثيروبودا (theropoda) والانكليوسورس (ankylosaurs).
توصل الباحثون إلى غياب وجود السرطان أو وجود سرطانات معينة في بعض انواع الديناصورات، لكن ليس في البقية وقد يكون ذلك نتيجة عدم كفاية حجم العينة من بعض الانواع. أعلى حدوث واضح لسرطانات الأورام الوعائية (hemangiomas) كانت قد وجدت في الهيدروسورس أكثر من أي نوع ديناصور اخر، و الذي يقترح ان يكون عائداً لسبب وراثي أو بيئي يحدد شكل حدوث الورم. و حيث أن هناك أنواع من المركبات ممكن ان تكون استهلكت بواسطة هذه الانواع من الديناصورات.
سرطان شيطان تسمانيا – مرض الورم الوجهي
في سنة 2008 أعلن الإتحاد العالمي الحفاظ على البيئة (International Union for Conservation of Nature) بشكل رسمي أن شيطان تسمانيا هو أحد الأنواع المهددة. شيطان تسمانيا سيق إلى الانقراض في ارضه الأم أستراليا منذ الآف السنين، لاسيما منذ أن حل الإنسان في هذه القارة. وصل عدد شيطان تسمانيا في منتصف التسعينات إلى ما يقارب الـ 150 ألفاً، واليوم تعاني هذه الحيوانات مما يشبه الوباء من الإصابات السرطانية، وتعرف الإصابة الشائعة فيهم بمرض الورم الوجهي لشيطان تسمانيا (devil facial tumor disease) والذي يُختصر بـ DFTD.
بظهور هذا المرض في عام 1996 اختفى من الحيوانات ما يُقارب الـ 60% كنتيجة ان الحيوانات التي نجت من المرض مهددة الآن بالانقراض.
هذا النوع من السرطان هو نوع غير معتاد. فالغالبية العظمى من امراض السرطان في البشر و الحيوانات تولد من سلسلة من الطفرات من خلية منفردة ومن الخلايا البنوية الناتجة. وتحدث هذه العملية على مدى فترة تصل إلى بضعة سنوات ولا تكون على تماس مع افراد اخرين من هذا النوع. يتطور مرض الورم الوجهي بشكل مختلف، حيث أنه ينتقل من حيوان إلى آخر وعامل الإصابة في الإنتقال هو الخلايا السرطانية نفسها. وصف الباحثون هذه الظاهرة بالانتقال المزروع. ويعني تعني بأن الخلية أو النسيج المصاب ينتقل من فرد إلى آخر. وهذا يشبه نقل وزراعة الأعضاء في الإنسان. وتم تأكيد انتقال الخلايا السرطانية بين الحيوانات من قبل دراسات خلوية وجزيئية. الخلايا الطبيعية لشيطان تسمانيا تملك 14 كروموسوماً، بينما تضم الخلية السرطانية له تشوهات جينية وتمتلك 13 كروموسوم.
هناك نوع مشابه لمرض الورم الوجهي لحيوان تسمانيا يحدث في الكلاب. يعرف بورم الناب الانتقالي التناسلي (Canine Transmissible Venereal Tumor) (CTVT)، لكن الكلاب تمتلك مناعة تجعلها قادرة على التغلب على هذا المرض، فيما لا تمتلك شياطين تسمانيا هذه القدرة في جهازها المناعي.
السرطان في السمك الوحشي (Wild Fish)
في أغسطس من عام 2012 نشرت مقالة عن ما وصف بأنه اكتشاف لسرطان الجلد الذي يصيب الأسماك الوحشية. هذه الأسماك تعرف بليكتروبوموس ليوباردس، والذي يعرف بسمك السلمون المرجاني. و الذي يعيش في الحاجز المرجاني العظيم (Great Barrier reef). حيث أن هذا الحاجز يقع مباشرة تحت ما هو يُعرف بثقب الأوزون. ويعتقد أن السرطان هذا هو نتيجة لازدياد تعرض الأسماك للاشعة فوق البنفسجية. حيث ان طبقة الأوزون تعكس الأشعة فوق البنفسجية ، لكن نتيجة وجود الثقب فإن الأشعة فوق البنفسجية ستنفذ من خلال هذه الثغرة، ولا يوجد سبب آخر واضح.
السرطان في جرذ الخلد العاري (Naked Mole Rats)
تعيش حيوانات جرذ الخلد العاري حياةً طويلةً تصل إلى ثلاثين سنة. وعلى الرغم من ازدياد فرص حدوث السرطان مع زيادة العمر، لكن لم تتم ملاحظة السرطان في هذا النوع لدى الحيوانات الكبيرة في السن، مما جعل من ذلك الكائن نموذجا محتملاً للباحثين المتخصصين بالسرطان. وقد كان الباحثون يأملون بأن يكتشفوا مفتاحاً لمقاومة السرطان لدى الإنسان من خلالها، لكن وبشكل مثير للسخرية تم تحديد حالات من السرطان في جرذ الخلد العاري. وقد أثبت ذلك بأن هذا الحيوان ليس مقاوماً للسرطاناً. وقد اكُتشِف بان أحد أسباب الإصابة بالسرطان للجرذ الخلد العاري هو بوليمر الكاربوهيدرات (carbohydrate polymer) وحمض الهايلورونيك (hyaluronic acid) والتي وجدت بكميات كبيرة في جرذ الخلد العاري أكثر من بقية الثدييات.
السرطان في المحار
في عام 2015 حدد فريق دولي من الباحثين سرطاناً قادراً على قتل عدد كبير من المحار (و كائنات بحرية أخرى من ذوات الصدفتين)، حيث طور المحار نوع من اللوكيميا التي تؤثر على الخلايا التي تعيش في ملف الدم Hemolymph وهو مكافئ لدم الانسان. المرض ضارٌ جداً و يؤثر على المحار مسببا له الموت عادة. وقد تم التوصل إلى ملاحظة هامة وهي أن الخلايا السرطانية تطفو بعيدا عن المحار المصاب لتغزو الحيوانات المجاورة ناشرة المرض. والحقيقة ان انتشار المرض بين المحار كان يعني صدمة كامنة بيئيا و اقتصاديا. شركات الأغذية تعتمد على مزارع انتاج المحار وقد تضررت نتيجة هذا المرض.
السرطان في الدودة الشريطية في المضيف الإنسان
في حالة غير معتادة جدا، انسان مصاب بفيروس نقص المناعة المكتسب HIV وجد انه يمتلك ما يبدو أنه سرطان. في الفحص الأكثر دقة، اكتشف ان الخلايا في الحقيقة كانت خلايا للدودة الشريطية و كان على ما يبدو أن الخلايا قد غزت الرجل من دودة شريطية، و خلايا الدودة بدات تنقسم و تكون نمواً ورمياً.
“Cancer in Wild Animals“, Cancer quest, Emory winship cancer institute
سبحان الله
العلم بهذه الأمور من العجائب حقيقة ولأول مرة اعرف انه الحيوانات عرضة أيضا كالإنسان للإصابة بمرض السرطان