ضجت وسائل الإعلام بمقتل المبشر المسيحي الأمريكي الذي حاول أن يتواصل مع قبيلة معزولة تعرف بالسنتنليز (Sentinlease) فقتل. تعيش القبيلة في جزيرة تعرف بالسنتنيل الشمالية وتقع إلى جوار جزيرة اندامان التي تعيش فيها قبائل أخرى من الحقبة والفئة ذاتها وهم قبائل الأونغة (Onge) [قد تلفظ اونج بحسب اللفظ من الإنجليزية أو اونغة من اللغات الرومانية]، القبائل الأندامية والتي تقسم إلى إحدى عشر مجموعة أو قبيلة، قبيلة الجانغيل (Jangil) التي انقرضت للأسف في الثلاثينات أو العشرينات.
الاختلافات الفسيولوجية
- درجة حرارة الجسم أعلى بقليل 0.2 – 0.5 عن الانسان العادي. في حين وجد في قبيلة الاونغة أشخاص بدرجة حرارة 38.
- نبضات القلب أعلى 82، 93 للنساء والرجال على التوالي فيما تستقر نبضات قلب الانسان العادي على 72 نبضة في الدقيقة.
- شكل الجسم للنساء يعرف بالجسم متضخم الورك أو متضخم الكفل (steatopygous) ويمتاز بتضخم المؤخرة بشكل كبير جداً وكذلك البطن، وهو يشبه تماثيل تعود للعصر الجليدي قبل 25 ألف سنة حيث كان خزن الشحوم بهذا النمط يقدم دعماً للنساء في فترات المجاعة. وهو قد يعطي فكرة عن ارتباط مجموعات القبائل الموجودة حالياً في اندامان وسنتنيل بسكان الأرض في العصر الجليدي وما قبله.
- الشعر المعروف بالشعر الفلفلي (Peppercorn hair) لم يعد موجوداً اليوم سوى في مناطق بأنغولا وناميبيا وجنوب أفريقيا وقليلاً في زائير وهو يختلف عن الشعر المعروف للأفارقة حيث يكون ملتفاً إلى درجة كبيرة ويُعتقد أنه تكيف يتلائم مع الحرارة الشديدة حيث يشكل منطقة كثيفة تحتفظ بالعرق وتساهم بتبريد الجسم[1].
- جلودهم مرنة ومرنة تجاه الخدوش بشكل شديد.
- قصار القامة، متوسط طول الرجال 145 سم، والنساء 137 وتصل أطوال الرجال قصار القامة الى 120 سم.
- يشيع فقر الدم المنجلي (Sickle-cell anaemia) بين الأفارقة والمناطق المدارية عموماً، لكنه غير موجود لدى قبائل أندامان وسنتنيل.
- المناعة ضعيفة جداً تجاه الأمراض الشائعة لدى البشر، الانفلونزا وغيرها من الامراض شكلت حالة وبائية قضت على اعداد هائلة من سكان اندامان.امرأة من القبائل الأندامية
هذه المعلومات مستندة إلى كتاب جورج ويبر الفصل الخامس[2].
الوراثة والأصول
يمكن القول إنه لا يوجد هناك فرع من البشر الحاليين يعد من أقارب قبائل السود في أرخبيل اندامان ونيكوبار، ونخص بذلك الانداميين والاونغة والجانغيل والسنتنليز. فحوص الحمض النووي التي أجريت للانداميين والأونغة أثبتت أنهم ينحدرون من فرع أقدم من جميع الشعوب الكبيرة المعروفة حالياً وينتمون في خط الآباء للمجموعة الفردانية D للكروموسوم واي. بالمقابل فإن هناك تشابهات قليلة مع جماعات متباعدة مثل قبائل الخويخوي (في خويسان بجنوب أفريقيا) الذين يعدون أقدم شعب لكنهم مختلطون نوعاً مع بشعوب أخرى، أو مع قبائل الفيدا في سريلانكا[3].
التشابهات في الحمض النووي الخاص بالميتوكوندريا ضعيفة بالشعوب المجاورة لكنها متطابقة بنسب قليلة مع بعض الشعوب المنعزلة في الهند وسريلانكا وبورما. مجموعة الحمض النووي للميتوكوندريا الخاصة بهم هي M بشكل عام. لكن كتفرعات واختلافات في الحمض النووي فهي ليست قريبة من الآخرين[4].
اللغة
مثل الجينات والصفات الفسيولوجية التي تعكس تباعداً شديداً مع بقية البشر على الأرض، فإن سكان أندامان وسنتنيل مختلفون في لغاتهم بشكل كلي. ليس هذا فحسب، بل أن لغاتهم أيضاً متباعدة جداً فيما بينها. المفردات قليلة واستخدام لغة الإشارة كثير، الأرقام مثلاً: هناك رقمان فقط في لغة الانداميين، وهناك تعابير للكثرة وصيغة مبالغة للكثرة.
ماذا الذي نتعلمه؟
- يمثل وجود هذه القبائل دليلاً راسخاً على الهجرات البشرية. قبائل من السود المختلفين عن الأفارقة والبعيدين جينياً وفسلجياً عن البشر المنتشرين على الأرض.
- التطور: من الصعب أن نحصل على أدلة حية للتطور الحاصل في البشر، لكن ومع هذه القبائل فإن الفروقات الفسيولوجية الكثيرة فيهم تشير إلى حجم التغير الذي حدث في الإنسان المهاجر لآسيا.
- أثر الإنعزال: تخيل أن جميع التاريخ الذي نعرفه يعود لـ 5000 سنة. وجميع الحوادث الشهيرة في التاريخ تتجمع في قارات آسيا وأفريقيا وأوربا. كما أن معظم الشعوب ذات التعداد الضخم تنحدر من أصول تمت دراستها وتشخيص هجراتها وتداخلاتها، أما اللغات فتكاد تتكتل في السواد الأعظم لمتكلميها بمجاميع معدودة أبرزها الهندواوربية. ماذا لو ضربنا تلك الفترة الزمنية في 10، وحصرنا كل ذلك التاريخ الطويل في جزيرة؟ مهما درسنا عن هذه القبائل فستبقى كنز من المعلومات حول فترة ليست بالقليل من تاريخ الإنسان العاقل (homo sapiens) على كوكب الأرض.
- نحن مختلفون بيولوجياً: يتعذر قبول ذلك وفق كثير من مناهج الدراسة الحالية المتأثرة بالسياسة، لكن وجود اختلافات في درجة الحرارة والطول والمناعة ونبضات القلب لا تشير سوى لتلك الحقيقة التي يجب قبولها، والتي يصعب الاستشهاد بها بشكل واضح للشعوب الموجودة حالياً.
- هناك قيمة كبيرة للتواصل بين الشعوب، فتلك العزلة الطويلة التي عاشت فيها قبائل أرخبيل أندامان تشهد لنا كيف أن العزلة تبقي الإنسان في ثلاجة الزمن دون أن يتغير فيه شيء.
- سبب وفاة السكان الأصليين الأول هو الأوبئة من الأمراض التي ننقلها لهم، والتي لم تتأقلم معها أجهزتهم المناعية، فرغم القتل الحاصل تجاه السكان الأصليين، لكن تبقى الاوبئة هي السبب الأول والرئيسي لانقراضهم، وقد انقرضت القبائل الاندامية تقريباً وكذلك الجانغيل وبقي الاونغة والسنتنيل والجراوا الان.
[1] Peppercorn hair, humanphenotypes.net
[2] George Weber, “The Andamanese”, Chapter 5, from web archive
[3] Kashyap, V. K., B. N. Sarkar, and R. Trivedi. “Molecular relatedness of the aboriginal groups of Andaman and Nicobar Islands with similar ethnic populations.” International Journal of Human Genetics 3.1 (2003): 5-11.
[4] George Weber, “The Andamanese”, Chapter 6, from web archive