Apoptosis لربما يكون مصطلح مضحك لصعوبة لفظه والمصطلح مشتق من المعنى اللاتيني “تسقط”، مثل سقوط ورقة من الشجرة. وتسقط ورقة من الشجرة عندما تموت. يشير apoptosis إلى عملية تسمى موت الخلية المبرمج حيث تقوم الخلية في الواقع بطريقة مضحكة بالانتحار لذا تسمى العملية احيانًا بالانتحار الخلوي. وعندما يحدث هذا، يبدأ مخطط كامل مكتوب للمسارات والبروتينات داخل الخلية والتي يتم تنشيطها لقتل الخلية فعليًا وبدون إحداث الكثير من الفوضى.
لكي نبقى على قيد الحياة ، يجب أن تموت بعض الخلايا داخل أجسامنا. للحفاظ على وظائف الأعضاء والأنسجة الطبيعية، يتم التخلص باستمرار من الخلايا التالفة أو المختلة وظيفيًا أو التي لم تعد ضرورية عن طريق موت الخلايا المبرمج واستبدالها بخلايا جديدة وصحية بشكل مثالي. وهذا يحدث بشكل طبيعي أثناء النمو، على سبيل المثال، في ظهور اليد عند الجنين، تبدو اليد إلى حد كبير مثل مجداف البط حيث تظهر شبكات بين الأصابع. خلايا هذه الشبكات تضمحل عند نمو الجنين، مما يمنحك الأصابع. بالطبع هناك ظروف معينة لا يحدث فيها موت الخلايا المبرمج فينتج من ذلك ولادة البعض بأقدام متلاحمة.
لكي نبقى على قيد الحياة، يجب أن تموت بعض الخلايا داخل أجسامنا. للحفاظ على وظائف الأعضاء والأنسجة الطبيعية
يحدث موت الخلايا المبرمج عادةً في الخلايا التي كانت موجودة في الجسم لفترة كافية بحيث تكون مهترئة نوعًا ما، ولذا فهي بحاجة إلى إفساح المجال لخلايا شابة جديدة نشطة. عندما لا يحدث ذلك، ينشط السرطان. وهكذا يمكن أن يكون موت الخلايا المبرمج طبيعيًا، وفي حالة عدم وجوده، يمكن أن يؤدي ذلك إلى الإصابة بالسرطان. كثرة موت الخلايا المبرمج في الإنسان الطبيعي يؤدي إلى عدد من الأمراض العصبية التنكسية حيث تموت الخلايا عندما لا يكون من المفترض أن تموت. وتتلقى الخلايا رسائل من مكان ما، معظمها لازلنا لا نفهمه، لتأمرها أن تموت، لذلك إذا حدث هذا في مكان معين من الجزء السفلي من الدماغ، فإنه يسبب مرض باركنسون. يتسبب هذا أيضًا بمرض هنتنغتون ومرض الزهايمر وعدد من الأمراض التنكسية العصبية الأخرى.
سنوات من البحث في الاستماتة
البحث في موت الخلايا المبرمج (الاستماتة) مشوق بالنسبة لي فقد أخذ هذا الاهتمام ما يقارب من 20 سنة من حياتي وبالتحديد منذ 1990 عندما بدأت بدراسة العمليات الخلوية التي تحدث عندما تبدأ إصابة الخلايا بالشلل نتيجة الظروف البيئية القاسية ومنها انحسار المواد الغذائية او فقدان الاوكسجين، ونتج عن هذا الاهتمام عشرات من الأوراق البحثية وكتابين وعدد من براءات الاختراع.
لهذا كان الهدف من هذه المراجعة هو تقديم لمحة عامة عما جنته وشاركت به خلال هذه السنوات الطوال من المعرفة حول عملية موت الخلايا المبرمج بما في ذلك التشكل والكيمياء الحيوية ودور موت الخلايا المبرمج في الصحة والمرض وطرق الكشف بالإضافة إلى مناقشة الأشكال البديلة المحتملة للاستماتة.
تتميز عملية موت الخلايا المبرمج، بشكل عام بخصائص مورفولوجية مميزة وآليات كيميائية حيوية تعتمد على الطاقة. يعتبر موت الخلايا المبرمج مكونًا حيويًا في العمليات المختلفة بما في ذلك تكاثر الخلايا الطبيعي والتطور السليم لعمل الجهاز المناعي والضمور المعتمد على الهرمونات والتطور الجنيني وموت الخلايا الناجم عن المواد الكيميائية. يتم التعرف على القدرة على تعديل حياة الخلية أو موتها بسبب إمكاناتها العلاجية الهائلة. لذلك ، يستمر البحث في التركيز على توضيح وتحليل آلية الانقسام الخلوي ومسارات الإشارات التي تتحكم في توقف انقسام الخلية وموت الخلايا المبرمج. تحقيقًا لهذه الغاية، يتقدم مجال أبحاث الاستماتة بمعدل سريع. على الرغم من تحديد العديد من البروتينات المبرمجة الرئيسية، إلا أن الآليات الجزيئية لعمل هذه البروتينات أو تقاعسها لا يزال يتعين توضيحها.
كما بينا أعلاه فموت الخلايا المبرمج هو ظاهرة مورفولوجية. كما يُنظر إليه بمساعدة المجهر الضوئي (أو يفضل المجهر الإلكتروني)، فإن خصائص الخلية المبرمجة تشمل تكثيف الكروماتين والتفتت النووي (التَثَقُّق) وإفراز غشاء البلازما وانكماش الخلية. في النهاية، تتقطع الخلية إلى أجزاء صغيرة محاطة بأغشية بلازمية (اجسام موت الخلايا المبرمج)، والتي يتم تطهيرها عن طريق البلعمة “phagocytosis” دون إثارة استجابة التهابية (شكل 1). إن إطلاق الأجسام الصغيرة هو ما ألهم إطلاق مصطلح “Apoptosis” من اليونانية ، واستحضار مفاهيم تساقط الأوراق في الخريف من الأشجار.
السبب الشائع للاستماتة هو عندما تدرك الخلية أن حمضها النووي قد تضرر بشدة. في هذه الحالات، يؤدي تلف الحمض النووي إلى تشغيل مسارات موت الخلايا المبرمج، مما يضمن عدم تحول الخلية إلى سرطان خبيث.
موت الخلايا المبرمج والسرطان
تتمثل إحدى الوظائف الأساسية للاستماتة في تدمير الخلايا التي تشكل خطورة على باقي الكائن الحي. السبب الشائع للاستماتة هو عندما تدرك الخلية أن حمضها النووي قد تضرر بشدة. في هذه الحالات، يؤدي تلف الحمض النووي إلى تشغيل مسارات موت الخلايا المبرمج، مما يضمن عدم تحول الخلية إلى سرطان خبيث.
ومع ذلك، من الواضح أن هذه العملية تفشل في بعض الأحيان. يُفترض أن جميع حالات السرطان هي حالات لم تعاني فيها الخلية التالفة موت الخلايا المبرمج، ولكنها بدلاً من ذلك تقوم بصنع المزيد من نفسها أي بانقسامها المتكرر.
قد يكون موت الخلايا المبرمج غير قادر على الحدوث إذا كانت الجينات الأساسية المطلوبة له من بين الجينات التالفة. ومع ذلك، درس بعض الأطباء والعلماء موت الخلايا المبرمج بشكل مكثف على أمل أن يكونوا قادرين على تعلم كيفية تحفيز هذه الجينات على وجه التحديد في الخلايا السرطانية باستخدام أدوية جديدة أو علاجات أخرى.
كما هو الحال مع جميع الأدوية المصممة لقتل الخلايا السرطانية، فإن التحدي مع الأدوية المصممة للحث على الاستماتة هو التأكد من أن هذه الأدوية تؤثر فقط على الخلايا السرطانية، فقد يكون الدواء الذي يؤدي بالخلايا السليمة وكذلك الخلايا السرطانية إلى الموت المبرمج خطيرًا للغاية.
السرطانات المقاومة للاستماتة بشكل خاص قد تكون أيضًا مقاومة للعلاج بشكل خاص.
قد لا تكون الصورة أيضًا بهذه البساطة مثل “يحدث السرطان عندما يفشل موت الخلايا المبرمج” حيث تشير الأبحاث إلى أن بعض أنواع السرطان قد تظهر في تجمعات الخلايا التي تحدث فيها الاستماتة بسهولة أكبر مما ينبغي، فلربما أُجبرت هذه الخلايا على “التعلم” لتجاهل إشارات الاستماتة المفرطة في الحماس، وبالتالي لا تقتل نفسها حتى في حالة تعرضها لأضرار جسيمة.
كشفت أبحاث أخرى أن الخلايا السرطانية التي تموت بسبب تأثيرات الأدوية غالبًا ما تموت بسبب موت الخلايا المبرمج – مما يشير إلى أن السرطانات المقاومة للاستماتة بشكل خاص قد تكون أيضًا مقاومة للعلاج بشكل خاص.
بالطبع، هناك حاجة إلى مزيد من البحث حول موضوع علاج السرطان، وفهم مسارات موت الخلايا المبرمج هو أحد السبل الواعدة للغاية لتحقيق اختراقات جديدة!
مسارات موت الخلايا المبرمج
هناك نوعان رئيسيان من مسارات موت الخلايا المبرمج ، كل منها يوضح نقطة مهمة حول كيفية تشغيل موت الخلايا المبرمج ولماذا يكون مفيدًا.
مسار خارجي
في المسار “الخارجي” لموت الخلايا المبرمج ، يتم تلقي إشارة من خارج الخلية تأمرها بتنفيذ موت الخلية المبرمج. قد يحدث هذا إذا لم تعد هناك حاجة للخلية ، أو إذا كانت مريضة.
مثل العديد من المسارات لإحداث تغييرات معقدة في الخلية ، فإن المسار الخارجي للاستماتة يتضمن العديد من الخطوات ، يمكن “زيادة التنظيم” أو “تقليل التنظيم” عن طريق التعبير الجيني أو عن طريق الجزيئات الأخرى. ومثل معظم الإشارات بين الخلايا، يبدأ المسار الخارجي للاستماتة بجزيء إشارة يرتبط بمستقبل على الجزء الخارجي من غشاء الخلية.
يتحكم أعضاء عائلة مستقبلات عامل نخر الورم (TNF) وهي من بروتينات الغشاء البلازمي للخلية. توجد جميع مستقبلات TNF، المعروفة أيضًا باسم مستقبلات الموت، في منطقة تسمى “مجال الموت”، وتلعب هذه المنطقة دورًا مهمًا في نقل إشارات الموت عبر غشاء الخلية. بعدها يتم تشغيل سلسلة من البروتينات داخل الخلية. في نهاية هذا المسار، يتم تنشيط انزيم caspase-8 وعندها تبدأ مرحلة تنفيذ موت الخلية المبرمج.
مسار داخلي (جوهري)
يتم تشغيل المسار الجوهري للاستماتة عن طريق ضغط البيئة الداخلية أو التلف الذي يلحق بالخلية، وهذه تشمل أنواع الإجهاد والضرر التي يمكن أن تؤدي بالخلية إلى موت الخلايا المبرمج كمثل تلف الحمض النووي، والحرمان من الأكسجين، وغير ذلك من الضغوط التي تضعف قدرة الخلية على العمل.
استجابة لهذه الأضرار أو الضغوط “تقرر” الخلية أن استمرار وجودها قد يكون خطيرًا أو مكلفًا للكائن الحي ككل. يوجد 25 بروتينًا معروفًا في عائلة Bcl-2. تعمل هذه البروتينات المختلفة إما على تحفيز موت الخلايا المبرمج (مؤيد للاستماتة) أو منع موت الخلايا المبرمج (مضاد للاستماتة). وهناك توازن دقيق بين البروتينات المؤيدة للاستماتة والبروتينات المضادة للاستماتة داخل الخلية. تستشعر بعض البروتينات الإشارات الجوهرية للخضوع لموت الخلايا المبرمج، مثل تلف الحمض النووي. ترحل هذه البروتينات إلى غشاء الميتوكوندريا وتنشط البروتينات المؤيدة للاستماتة (Bak & Bax) أو تثبط البروتينات المضادة للاستماتة. عند التنشيط، يرتبط Bax و Bak، ويسبب نفاذية الغشاء الخارجي للميتوكوندريا (MOMP) عبر ثقبه، فيحث عندئذ على إطلاق العامل المؤيد لموت الخلايا المبرمج “Cytochrome c” في العصارة الخلوية. ينضم السيتوكروم إلى عامل مؤيد آخر للاستماتة، وهو “APAF1”، لتشكيل معقد الأبوبتوسوم “apoptosome”، والذي بدوره ينشط سلسلة من انزيمات الكاسبيس، مما يؤدي إلى تدمير الخلية. ويتم تنظيم بروتينات موت الخلايا عن كثب بواسطة بروتين مثبط الورم p53.
بيرفورين Perforin / جرانزيم
في بعض الحالات، يمكن أن تبدأ الخلايا المناعية المسماة بالخلايا اللمفاوية التائية السامة للخلايا في موت الخلايا المبرمج. يحدث هذا عندما تفرز الخلايا الليمفاوية بروتينًا يسمى بيرفورين وجزيئات صغيرة تحتوي على إنزيمات متخصصة. يخلق البيرفورين ثقوبًا في غشاء البلازما للخلية المستهدفة. وتستخدم الجسيمات الإضافية الثقوب لدخول الخلية. بعد دخول الخلية يطلقون إنزيماتهم (الجرانيت A و B) التي تبدأ مسار التنفيذ وتعيث فسادًا في بنية الخلية ووظيفتها.
خلاصة
1- الاستماتة Apoptosis او الموت الخلوي المبرمج هو شكل منظم وراثيًا من أشكال موت الخلايا.
2- له دور مهم في العمليات البيولوجية، بما في ذلك التطور الجنيني والشيخوخة والعديد من الأمراض.
3- تم تحديد الآليات الجزيئية المشاركة في إشارات الموت، والتنظيم الجيني، والعوامل المؤثرة على تثبيطه وتنشيطه.
4- تعمل العديد من العلاجات الحالية (مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية والعلاجات المضادة للسرطان) من خلال التأثير في ميكانزم موت الخلايا المبرمج.
5- يتم تطوير علاجات جديدة تهدف إلى تعديل موت الخلايا المبرمج ومن المرجح أن تستخدم في معالجة الأمراض الشائعة في العقد المقبل.