أشترك في القائمة البريدية

اشترك في القائمة البريدية: 

 

هل تساعد تمارين الإحماء أو تمارين الإطالة على تقليل الإصابات؟

بواسطة | أكتوبر 31, 2025 | الطب وبيولوجيا الانسان | 0 تعليقات

في صالة التمارين الرياضية يتجه الكثير من الأشخاص إلى معدات التمارين الهوائية كالدراجات الداخلية الثابتة أو آلات المشي وقد يركض البعض أو يؤدون حركات تمارين هوائية قبل التمارين. فما هو دور كل من تمارين الإحماء والإطالة في الوقاية من الإصابات الرياضية سواء العضلية أم إصابات المفاصل أو العظام أو الأربطة؟ ولو كانت هناك فائدة من أي منها فهل يفضل القيام بها قبل التمرين أم بعد التمرين؟

الإصابات الرياضية الشائعة

ربما علينا في البداية مراجعة بعض المصادر العامة[1] لمعرفة أكثر الإصابات شيوعاً قبل أن نحكم على أثر الإحماء والإطالة في كل منها. تشمل الإصابات الرياضية الشائعة في الجهاز العضلي الهيكلي مجموعة متنوعة من الحالات التي تؤثر على العظام والمفاصل والعضلات والأنسجة الرخوة. يمكن تصنيف هذه الإصابات على النحو التالي:

  1. كسور العظاموتنقسم إلى كسور حادة ناتجة عن إصابة مفاجئة، وكسور الإجهاد بسبب الحركات المتكررة، وكسور صفيحة النمو (الشائعة لدى الأطفال) وتسمى أيضاً كسور سالتر-هاريس.
  2. خلع المفاصل (Dislocation):  حيث تنفصل العظام المكونة للمفصل عن بعضها تمامًا.
  3. الالتواءات (sprain):  تمزق أو تمدد في الأربطة التي تربط العظام ببعضها عند المفصل.
  4. الشد العضلي (strain):  تمزق أو تمدد في العضلات أو الأوتار التي تربط العضلات بالعظام.
  5. التهاب الأوتار (Tendinitis):  التهاب في الأوتار بسبب الإفراط في الاستخدام أو إصابة مفاجئة.
  6. التهاب الجراب (Bursitis):  التهاب في الأكياس المملوءة بالسائل التي تعمل كوسائد بين العظام والأنسجة المحيطة.

بالإضافة إلى ذلك، تشمل الإصابات غير العضلية الهيكلية الشائعة الارتجاج الدماغي (إصابة في الدماغ) و الكدمات. منطقياً فإن الكسور لا يمكن أن نتوقع أن تتم الوقاية منها بالإحماء أو تمارين الإطالة وكذلك الحال مع الكدمات وإصابات الرأس. لذا سنركز على أصناف الإصابات الخمس ضمن النقاط أعلاه. عبر اعتمادنا لهذه النقاط فإننا نتلافى كثيراً من الأخطاء التي جرت في الدراسات التي درست الإحماء والتي لم تحدد بالضبط أي الإصابات تعنيها الدراسة.

الإحماء

غالبًا لا تكون ممارسة الرياضة في الدراسات العلمية مشابهة لما يقوم به الأفراد في الصالات الرياضية، وهذا ما ينعكس على طبيعة نتائج الأبحاث. درس باحثان في بداية التسعينات[2] أثر الإحماء والإطالة في الربع الثالث (بعد الاستراحة) في كرة القدم الأمريكية على لاعبي المدارس الثانوية. وجد الباحثان أن إصابات الالتواء والشد (الالتواء sprain والشد  strain) تنخفض بنسبة ملحوظة في الربع الثالث (هناك أربعة أشواط في كرة القدم الأمريكية) فيما لو قام اللاعبون بتمارين الإحماء والإطالة.

إحدى المراجعات المنهجية[3] التي غطت خمسة دراسات مختلفة دون التركيز على نوع الإصابات خرجت بخلاصة أن أثر الإحماء لا يمكن حسمه عبر الأبحاث العلمية لتقرير ما كان يقلل من الإصابة أم لا.[4] لكن دراسة بعدية أخرى لم تركز على الإصابات وجدت بأن الإحماء يساهم في تحسين الأداء من حيث القوة حين كان حسب وصفهم “ذو حمل ديناميكي مرتفع”. عند الاطلاع على تفاصيل الدراسة، تبين أن النتائج تنطبق فقط على رياضة كرة القاعدة، حيث تضمنت التجربة 4-5 ضربات بالمضرب، لكن دون دليل على تأثير مشابه للاحماء ذو الحمل المرتفع على تحسين القوة. الدراسة أجريت عام 2015 وقد صرحت أيضاً بوجود فجوة كبيرة في العلم حول أثر الإحماء على الجزء الأعلى من الجسم.

في أكثر من دراسة بعدية تم ذكر وجود فجوات في المعلومات حول أثر الإحماء أو عدم وجود أي أثر أو حول وجود تعارضات بين الدراسات وعدم اتفاق حول الأمر. ومن بين هذه الأبحاث، تناولت مراجعة منهجية 15 دراسة أجريت على أثر الإحماء في تقليل الإصابات الرياضية لدى أطفال المدارس وخلصت إلى أن الإحماء مفيد من حيث تقليل الإصابات العضلية للأطراف العليا والسفلى.[5] لم تُحدد الدراسة ما إذا كانت الإصابات عضلية، وترية، أو مفصلية.

وفيما عدا الدراسة التي أثبتت وجود أثر حول قوة الضربة في البيسبول والدراسة حول أطفال المدارس فقد ذكرنا ضمن المقال حول آلام العضلات المتأخرة أثراً آخر يتمثل بتقليل آلام العضلات المتأخرة فيما لو قام لاعب بناء الأجسام بالإحماء لكن مع الكثير من الملاحظات حول تلك الآلام وما هي الحالات التي تحدث فيها حيث لا تحدث مثلاً لدى المحترفين.

الإطالة

ذكرت الإطالة ضمن الإحماء في الدراسة التي أجريت في بداية التسعينات وأنها أثرت على تقليل معدل الإصابات العضلية فيما لو أجريت في استراحة ما بين الشوطين الثاني والثالث. لكن البحث العلمي غطى تمارين الإطالة بشكل مستقل أيضاً. درس ماساتوشي اماكو وزملاءه[6] أثر تمارين الإطالة على الوقاية من الإصابات لدى المجندين في القوات البرية اليابانية عام 2003. شملت الدراسة 901 مجندًا خلال الفترة من 1996 إلى 1998، حيث تم تقسيمهم إلى مجموعتين: مجموعة الإطالة (518 مجندًا) التي قامت بممارسة 18 تمرين إطالة ثابت قبل وبعد كل حصة تدريبية، ومجموعة التحكم (383 مجندًا) التي لم تقم بأي تمارين إطالة ثابتة. أظهرت النتائج أن معدل الإصابات الإجمالي كان متقاربًا بين المجموعتين، مع ملاحظة انخفاض ملحوظ إحصائيًا في معدلات إصابات العضلات والأوتار وآلام أسفل الظهر في مجموعة الإطالة خلصت الدراسة إلى أن الإطالة الثابتة ساهمت في خفض معدلات الإصابات العضلية والوترية، لكنها لم تظهر أي تأثير وقائي ضد إصابات العظام أو المفاصل.

لكن لا تتفق جميع الدراسات على أثر تمارين الإطالة. درس بوب وزملاءه أثر تمارين الإطالة على إصابات الأرجل التي تطال العسكريين. عرف الباحثون الإصابة بأنها ما يمنع الجندي من القيام بواجباته لثلاثة أيام فما فوق فلم يجدوا أي أثر لتمارين الإطالة سواء على الأنسجة الرخوة أم العظام[7]. شملت الدراسة أكثر من 1500 شخص وغطت تمارين الإطالة التي يتم القيام بها مع تمارين الإحماء وتمت تغطية أكثر من 300 حالة إصابة ضمن العينة التي تمت دراستها لكن لم تكن هناك فائدة من تمارين الإطالة.

مثل الإحماء، لا تتفق الدراسات حول أثر تمارين الإطالة في تقليل الإصابات. جمع باحثون أبحاث وتجارب درست[8] أثر تمارين الإطالة كجزء من الإحماء ودورها في تقليل الإصابة منذ التسعينات وحتى عام 2008. قلة من الدراسات من بين ما تم جمعه، مثلاً تجربة واحدة من أصل أربعة، قالت بوجود أثر إيجابي للإطالة. تلك الأقلية من الدراسات وجدت الفائدة فقط في الإصابات العضلية وإصابات الأربطة.

وحول الإحماء والإطالة معاً، وجدت دراسة بعدية[9] أن ما أسمته بالإحماء العصبي العضلي يساعد في تقليل حدة الإصابات المنخفضة الشدة لدى الشباب والمبتدئين والاناث، وأيضاً لدى الذكور والاناث من المجندين في الجيش. تتضمن هذه التقنيات مزيجًا من الإطالة وتمارين تقوية العضلات والتوازن وخفة الحركة، إضافة إلى تدريبات الهبوط الآمن. ويُشترط تطبيقها بانتظام لأكثر من ثلاثة أشهر متتالية. إن ما يمكن أخذه من دراسة كهذه هو تعقيد الإجراءات وأثرها بشكل رئيسي على المبتدئين شرط اجراءها لفترة معينة ومع ذلك فإن تأثيرها ينحصر بتقليل حدة الإصابة، ليس لجميع الإصابات، بل للإصابات المنخفضة الشدة فقط.

الأسباب الحقيقية للإصابة والمعتقدات الخاطئة

إن معنى كلمة احماء سواء بالعربية أو بالإنجليزية يشير إلى زيادة الحرارة ومن الواضح أن هناك شيء خاطئ حول هذا فكأن من فكر به كان يقصد زيادة درجة الحرارة. ما نعرفه بحسب العلم حول أسباب إصابات الشد العضلي يتراوح بين أسباب وآليات[10] للإصابة تختلف كلياً عما يمكن أن تساعد به بعض الحركة الخفيفة قبل التمرين. من الأسباب السائدة للشد العضلي ما يحدث في رياضات مثل الركض السريع أو القفز بشكل شائع مثلاً.

القوة الشديدة التي قد تقود إلى ما يزيد عن ضعف القوة التي تحتاجها العضلة دون التقلص قد تسبب التمزق على سبيل المثال. الحركات المفاجئة (مثل السقوط أو الالتواء) سبب شائع آخر. كيف يمكن أن تساعد الهرولة لمدة 10 دقائق مثلاً في الوقاية من إصابة ناتجة من تمرين دفع المصطبة (bench press)؟ وكيف يمكن أن يساعد الإحماء بإجراء تمرين دفع المصطبة دون وزن لو حدثت الإصابة من دفع وزن أكبر مما يحتمله اللاعب؟ بما أن الأمر غير واضح كلياً حول الإحماء أو الإطالة وإن الدراسات غير واضحة فإن هذه الأسئلة جديرة بالطرح.

الخلاصة أن الدراسات لا تعطينا رأي واضح حول الإحماء والإطالة لكن لا يمكن نفي وجود أي فائدة لهما وإن كانت منخفضة ولا تتعلق بحالات شديدة الخطورة. ما يجب التنبيه له أن أسباب الإصابة في الرياضة تفوق ما يمكن أن يتعامل معه الإحماء والإطالة، حتى ولو افترضنا وجود أقصى فائدة ممكنة لهما، وتتعلق بالحمل الزائد أو الوضعية الخاطئة للجسم والتي تتطلب اشرافاً ومتابعة من المدربين.

 

المراجع

[1] National Institute of Arthritis and Musculoskeletal and Skin Diseases, Sport Injuries; 8 Common Sports Injuries, Horder Center

[2] Bixler, Brian, and Robert L. Jones. “High-school football injuries: effects of a post-halftime warm-up and stretching routine.” Family Practice Research Journal 12.2 (1992): 131-139.

[3] McCrary, J. Matt, Bronwen J. Ackermann, and Mark Halaki. “A systematic review of the effects of upper body warm-up on performance and injury.” British journal of sports medicine 49.14 (2015): 935-942.

[4] Fradkin, Andrea J., Belinda J. Gabbe, and Peter A. Cameron. “Does warming up prevent injury in sport?: The evidence from randomised controlled trials?.” Journal of science and medicine in sport 9.3 (2006): 214-220.

[5] Ding, Liyi, et al. “Effectiveness of warm-up intervention programs to prevent sports injuries among children and adolescents: A systematic review and meta-analysis.” International Journal of Environmental Research and Public Health 19.10 (2022): 6336.

[6] Amako, Masatoshi, et al. “Effect of static stretching on prevention of injuries for military recruits.” Military medicine 168.6 (2003): 442-446.

[7] Pope, Rodney Peter, et al. “A randomized trial of preexercise stretching for prevention of lower-limb injury.” Medicine and science in sports and exercise 32.2 (2000): 271-277.

[8] Small, Katie, Lars Mc Naughton, and Martyn Matthews. “A systematic review into the efficacy of static stretching as part of a warm-up for the prevention of exercise-related injury.” Research in sports medicine 16.3 (2008): 213-231.

[9] Herman, Katherine, et al. “The effectiveness of neuromuscular warm-up strategies, that require no additional equipment, for preventing lower limb injuries during sports participation: a systematic review.” BMC medicine 10.1 (2012): 75.

[10] Järvinen, Tero AH, et al. “Muscle strain injuries.” Current opinion in rheumatology 12.2 (2000): 155-161.