ترجمة: أثير العطار
هذه القصة تبدأ بمجموعة من الناس والذين هم خبراء في النظر: الباحثون الخبراء والمعروفين بخبراء الاشعة (الاشعة الطبية مثلا)
يقول Trafton Drew الباحث الطبي في جامعة هارفارد: اذا رايت هولاء الناس وهم يودون عملهم سوف تقتنع تماما انهم اناس خارقون.
منذ 3 سنوات مضت Drew بدأ بزيارة الغرف المضلمة الشبيهة بالكهف ” غرف القراءة” التي يستعملها خبراء الاشعة. لمدة ساعات ويتعجب كيف يمكنهم رؤية وملاحظة اشياء في الصور لا يستطيع هو ملاحظتها.
” هذه النتوءات الصغيرة جدا التي لا استطيع ان اراها والتي يؤشر عليها هؤلاء الناس، انهم حقا في عالم مختلف عندما نتحدث عن هذه الاشياء التي بالكاد تستطيع رؤيتها..” يقول Drew
ولكن خبراء الاشعاع لازالوا في بعض الاحيان يفشلون في رؤية بعض الاشياء المهمة، Drew اراد ان يفهم اكثر. وبسبب عمله فهو على علم باحد الدراسات المشورة في حقل بحوث الانتباه والتي تسمى بــ دراسة الغوريلا الغير مرئية
وفي دراسة فريدة من نوعها، اعطي المتطوعون ملف فيديو يحتوي على فريقين من اللاعبين احدهم بقمصان سود والاخر بقمصان بيض وهم يلعبون ويمررون كرة السلة احدهما للاخر بسرعة والمطلوب حساب كم مرة يمرر لاعبي الفريق الابيض الكرة لبعضهم.
الممهمة ليست سهلة لان اللاعبين كانوا يتحركون بسرعة والمشاهدين يجب عليهم التركيز كي يعدوا كم تمريرة تمت.
حينها، وبعد نص دقيقة في الفيديو، يظهر رجل بملابس غوريلا امام الشاشة، يتوقف قليلا، يضرب صدره ومن ثم يكمل مشيه ليختفي من المشهد. اللاعبين لا زالوا يلعبون ومن ثم ينتهي الفيديو وتظهر الاسئلة:
– هل رأيت الغوريلا؟ يبدوا هذا السؤال تافها صح؟ لانك بالطبع سوف ترى الغوريلا ولكن 50 بالمائة من المشاهدين لم يتمكنوا من رؤيته!!
وهذا بسبب انك عندما تسال احدهم ان يؤدي مهمة معينة، ومن دون ادراك فأن انتباههم سوف يضيق ويتركز ويلغي بقية المشهد. لهذا لايمكنهم رؤية حتى هذه
الغوريلا العملاقة امامهم.
هذا التاثير يدعى بـ العمي الغير مقصود Inattentioanl Blindness والذي يمكن ان نربطه بما ذكرنا انفا عن خبراء الاشعاع
Drew يتساءل عما اذا قمنا بتدريبهم بحيث تصبح لديهم القدرة على عدم فقدان اي جزء كبير من المشهد (حتى لو كان غوريلا …..) ولكنه يستطرد قائلا : انت قد تتوقع لانهم خبراء فانهم سيلاحظون وجود شيء غير طبيعي هناك.
Drew قام باخذ صورة لرجل الغوريلا ولصقها على احدى صور الاشعة التي كان الخبراء يبحثون فيها عن اثار السرطان، ومن ثم سئل مجموعة منهم ان يراجعوا هذه الصور كي يرى اذا بامكانهم ان يلاحظوا الغوريلا او لا.
لا تتعجب فــ 83 بالمائة منهم لم يلاحظوها…يا الهي!!
هذا لم يكن سببه بان عيونهم لم تقع على هذه الغوريلا الكبيرة ولكن المشكلة ان ادمغتهم حددت وأطَرت مسار البحث، لقد كانوا يبحثون عن نتوءات السرطان وليس الغوريلا…يقول Drew
بمفهوم اخر، فأن ما نفكر به – او ما نحن مركزين عليه – يفرز او يرشح (يفلتر) العالم المحيط بنا بشكل عدواني جدا بحيث يشكل ما نراه. لذلك فأن Drew يقول نحتاج ان نفكر مليا بخصوص التعليمات والخطوات التي نعطيها للباحثين كخبراء الاشعة مثلا او الناس الذين يبحثون عن تحركات ارهابية لان ما ستخبرهم سيحدد ما سيرونه وما لن يرونه.
Drew ومساعده Jeremy Wolfe يجرون دراسات اكثر كي يساعدوا خبراء الاشعة على الى ان يروا نظريا وعقليا الاشياء الغير ضاهرة في المشاهد الواضحة