فريق متعدد التخصصات من الباحثين قام بتصميم أول الكاميرات الرقمية مع التصاميم التي تحاكي تلك النظم العينية الموجودة في اليعسوب والنحل، و حشرات فرس النبي وغيرها من الحشرات. هذا النوع من التكنولوجيا يوفر بصورة استثنائية حقول لزاوية واسعة من العرض مع انحرافات منخفضة، وحدة عالية للحركة وعمق لانهائي تقريبا من الميدان.
أخذ الألهامات من الطبيعة الأم، فالكاميرات تستغل صفائف كبيرة من العدسات و التي يكون تركيزها بصورة متناهية في الصغر وأجهزة الكشف المنمنمة (المصغرة) في تخطيطات(تصاميم) نصف كروية، تماما مثل العيون الموجودة في مفصليات الأرجل. الأجهزة تجمع بين البصريات الناعمة، و المطّاطة مع الالكترونيات ذات السيليكون العالي الأداء و أجهزة الكشف، وذلك باستخدام الأفكار التي قدّمت لأول مرة في مجال البحوث المتعلقة بنظم المراقبة للدماغ و الجلد بواسطة جون روجرز، البروفيسور الرئيس (Swanlund Chair) في جامعة إلينوي في أوربانا شامبين، و بمساعدة معاونيه.
“إن حقول الرؤية للعرض ل 180 درجة كاملة مع عدم وجود الانحرافات يمكن أن يتحقّق فقط باستخدام أجهزة استشعار الصورة التي تعتمد تخطيطات نصف كروية – و هي تختلف كثيرا عن رقائق ال CCD المستوية الموجودة في الكاميرات التجارية،” روجرز يفسر ذلك. وقال أيضاً”عندما يتم تنفيذ هذه العملية مع صفائف كبيرة من العدسات الصغيرة، كل منها يقترن مع ثنائي ضوئي منفرد، وهذا النوع من التصميم النصف كروي يوفّر مجال للنظر لا مثيل له بالأضافة الى قدرات قوية أخرى في مجال التصوير. وقد وضعت الطبيعة وصقلت هذه المفاهيم على مدى مليارات السنين من التطور. “ووصف الباحثون الكاميرا المذهلة التي أنجزوها في مقال نشر في العدد الصادر اليوم(أي 05/02/2013) من مجلة الطبيعة(http://www.nature.com/nature).
إن العيون في المفصليات تستخدم تصاميم مركبة، فيها صفائف من عيون أصغر تعمل معا لتوفير الإدراك التصوري للصورة. كل العيون الصغيرة، المعروفة باسم مقيلة، تتكون من عدسة القرنية، و مخروط بلوري، و جهاز حساس للضوء يوجد في القاعدة. تم تصميم هذا النظام بأكمله لتوفير خصائص استثنائية في مجال التصوير، وكثير منها ليست في لدى الكاميرات الموجودة حالياً التي صنعها الإنسان سابقا.
. طور الباحثون أفكاراً جديدة في المواد واستراتيجيات التصنيع للسماح ببناء مقيلات اصطناعية على شكل صفائف كبيرة مترابطة في تصميمات نصف كروية. إن بناء مثل هذه الأنظمة يمثل مهمةً شاقة، كما تعتمد جميع تقنيات الكاميرا التي أنشئت على العدسات الزجاجية السائبة و الكاشفات التي شُيّدت على السطوح المستوية لرقائق السيليكون و التي لا يمكن أن تكون متقوسة أو مثناة(أي قابلة للثني)، أقل بكثير شكلت في شكل نصف كروي.
“إن الميّزة الهامة للكاميرات المماثلة ل”عين الذبابة” خاصتنا هو أنها تتضمن عدسات متناهية في الصغر و متكاملة، أجهزة الاستشعار البصرية والالكترونيات على الأسطح المنحنية لنصفي الكرة “، يقول جيان ليانغ شياو، وهو أستاذ مساعد في الهندسة الميكانيكية في جامعة كولورادو بولدر والمؤلف المشارك في الدراسة. و يقول أيضاً “ولتحقيق هذه النتيجة، استخدمنا مواد بصرية ليّنة، و مطاطية تُلصق على الكواشف / الأكترونيات في تصاميم شبكيّة و التي يمكن أن تكون قابلة للبسط و إعادة التشكيل ، بشكل قابل للاستعادة و بصورة عكسية ودون ضرر.”
و قال شياو، الذي بدأ العمل في المشروع كباحث لمرحلة ما بعد الدكتوراة في مختبر روجرز في ولاية ايلينوي “تبدأ عملية التصنيع باستخدام الالكترونيات، و الكواشف و صفائف العدسات المتشكلة على أسطح مستوية باستخدام تقنيات متقدمة مقتبسة من صناعة أشباه الموصلات. صفيحة العدسات- المصنوعة من مادة البوليمر المماثلة للعدسات اللاصقة – والالكترونيات / الكواشف يتم موائمتها و تُسند مع بعضها سوية. الضغط الهوائي يقوم بإعادة تشكيل النظام الناتج الى الشكل النصف الكروي المطلوب، في عملية أشبه ما تكون بتفجير البالون، و لكن مع الأخذ بنظر الأعتبار التحكم في الهندسة الدقيقة.
تقترن أجهزة الكشف الإلكترونية الفردية والعدسات الصغيرة معاً لتجنب أي حركة توتر نسبية أثناء عملية اعادة التشكيل هذه. هنا، يمكن للمسافات بين هذه المقيلات الأصطناعية يمكن أن تتمدد لتسمح للتحول في الهندسة من المستوية إلى نصف الكروية. والترابطات الكهربائية تكون رقيقة، و ضيقة، في أشكال فتيلية أفعوانية، و هي تتشكل على شكل نوابض صغيرة أثناء عملية التمدد.
ووفقا للباحثين، فإن كل عدسة مستدقة صغيرة تنتج صورة صغيرة لشيء ما مع شكل تمليه المعايير المتوخاة للعدسة و زاوية الرؤية. الكاشف المنفرد يستجيب فقط إذا كان جزء من الصورة التي تكونت بواسطة العدسة المستدقة المرتبطة بها تغطي المنطقة النشطة. أجهزة الكشف التي تُحفز بهذه الطريقة تنتج صورة نموذجية للشيء الذي يمكن بعد ذلك إعادة بناؤها باستخدام نماذج من البصريات.
على مدى السنوات العديدة الماضية طور روجرز وزملاؤه المواد اللازمة، و المبادئ الميكانيكية و عمليات التصنيع التي تمكن فئات من الإلكترونيات و ذلك بأن يصبح بامكانها أن تنحني، و تُلوى و تتمدد تماماً مثل الشريط المطاطي. وقد استخدمت هذه التكنولوجيا الجديدة في مجالات تتراوح من الخلايا الكهروضوئية، إلى شاشات مراقبة الصحة / العافية، وإلى الأدوات الجراحية المتطورة والكاميرات الرقمية التي لها تصاميم تماثل عين الثدييات.
“بعض من الأفكار المواتية تنبني على المفاهيم التي نشأت في مختبراتنا منذ ست سنوات،” تصريحات روجرز. “ومنذ ذلك الحين، نحنقد أصبحنا مفتونين بإمكانية إنشاء كاميرات رقمية تماثل عين الذبابة. هذه الأجهزة هي ذات فائدة طويلة الأمد، ليس فقط بالنسبة لنا ولكن للعديد من الآخرين كذلك، نظرا لإمكانياتها للاستخدام في أجهزة المراقبة، وأدوات التنظير وغيرها من التطبيقات حيث توفر هذه التصاميم المستوحاة من الحشرات قدرات فريدة من نوعها “.
المصــــــــــــــــــــــدر:
www.laboratoryequipment.com/news/2013/05/bug-eyes-inspire-cameras-unique-imaging-capabilities