الادراك الخفي أو الإدراك في اللاشعور هو معلومات بصرية أو سمعية يزعم انه يتم تمييزها تحت درجة الأدراك وأن لها القدرة على التأثير على سلوك الأنسان. روج لها جيمس فيكاري (james vicary) في نهاية الخمسينات ونشرت لاحقاً في كتب ويلسن براين كي (Wilson bryan key)، الأعلان اللاشعوري يعتمد على تقنية مقنعة لم ترى أو تسمع من قبل ولا يدركها الا ما دون الوعي (تحت عتبة الحواس). الرسائل اللاشعورية تكون عبر التلفاز أو صور في فلم يظهر على الشاشة لمدة قصيرة جداً لا تستطيع أن تميزها، الأصوات الفرعية تقع خلف طبقات من الموسيقى، والكلمات والصور المضافة الى الصور. ومن أجل حدوث الأدراك اللاشعوري يجب حدوث ثلاثة أشياء يجب أن تحدث. أولاً يجب أن تضاف الصورة بروية ودهاء الى احدى الوسائط كالفيديو او الصوت.
بعد ذلك يجب أن تكون المعلومات مدركة لا شعورياً. وأخيراً، يجب أن تكون المعلومات مؤثرة على المشاهد أو المستمع من أجل جعله يتصرف حسب ما تمليه.
في سنة 1975 سُلط الضوء على مفهوم أستخدام اللاشعور للحث على تصرف معين عندما كان فايكري (vicary)، باحثاً في السوق، وقد أعلن أن رعاة الأفلام في مدينة فورت لي، نيوجيرسي، زادوا من مبيعات الكوكّولا بنسبة 18% والفشار بنسبة 58% بعد عرضهم رسائل “كل الفشار” و”أشرب الكوكا”. هذه الرسائل عرضت بشكل سريع جداً خلال عرض فلم Picnic (النزهة) بمعدل 1\3000 من الثانية في كل خمس ثواني، وفايكري أدعى أن هذه الرسائل سببت زيادة في البيع.
نتائج دراستهِ لم تنشر يوماً، وفي مقابلة له مع مجلة اديفرتايسنك ايج (Advertising Age) في سنة 1960، أنكر فايكري الأبحاث مقراً أنها زيف. لكن قوة الرسائل اللاشعورية كانت وقتذاك قد نشرت في كتاب فانس باكرد (vance Packard) المُقنِعون المخفيون (The Hidden Persuaders) وأستحوذت الفكرة على أهتمام الحكومة وبدأت تجري أبحاثاً على أستخدامات الأدراك اللاشعوري الممكنة.
حُظر الأدراك اللاشعوري من قبل الرابطة الوطنية للمذيعيين في سنة 1958، حيث أعتبر خطراً على العامة، والقلق حول هذه المسألة أثار وليام داوسن (William Dawson)، ممثل الحزب الجمهوري في ولاية يوتا، فقام بدعوة لجنة الأتصالات الفيدرالية من أجل أجراء تحقيق حولها. في هذه الأثناء الأختبارات الأولية حول حقيقة الأدراك اللاشعوري أظهرت النتائج النهائية أن العملية لها تاثير طيفي على مُشاهد التلفاز.
في سبتمبر سنة 1975 قامت محطة تلفزيونية في ولاية مين أسمها WTWO بأدراج رسالة “أذا كنت تشاهد هذه الرسالة فراسل محطة WTWO” لمدة 1\80 من الثانية كل 11 ثواني أثناء عرض برنامج. لم تستقبل المحطة أي رسالة خلال الأسبوعين من عرض هذه الرسالة.
وفي شباط من سنة 1958 قامت محطة شبكة الأذاعة الكنديين بعمل أختبار آخر حيث بثت رسالة “الهاتف الآن” من أجل حث المشاهدين على أستخدام الهاتف لمدة 352 مرة خلال نصف ساعة. بعد ذلك أتصلوا بـ 500 مشاهد و فقط واحد منهم شعر برغبة غير طبيعية لأستخدام الهاتف والباقيين قالوا بأنهم لم يشعروا بهذه الرغبة وأدعوا أنهم شعروا بالعطش أو الجوع خلال البرنامج [قد يكون هذا الشخص بحاجة أصلاً لإستخدام الهاتف عندها].
الأعلان اللاشعوري أستحوذ على الأنتباه مجدداً في سنة 1970 من خلال كتاب ويلسون براين كي كتاب الإغواء اللاشعوري Subliminal Seduction. ونشر الكتاب في سنة 1973 وأتبعهُ براين بملاحظات أضافية حول الموضوع، تشير الى أن المعلنين كانوا يعملون على أقناع المستهلكين بشراء السلع من خلال الصور الخفية أو المدرجة. أعماله خصصت لأستخدام الأقناع اللاشعوري من خلال عرض صور مثيرة وكلمات أيحائية.
من بين أكتشافاتهِ الأكثر شهرة كانت كلمة الجنس مخبأة في عدد من الأماكن (منها بسكويت ريتز) وصور جنسية مضافة الى صور مكعبات الثلج، قطع الدجاج، وطبق من المحار. قدرة كي على أيجاد صور خليعة في العديد من الأشياء التي تبدو بريئة توضح ميل الأنسان من أجل أيجاد أنماط ومعنى لسلسلة من صور الأشكال العشوائية [يعرف ذلك بالاستسقاط او الباريدولية ولكارل يونج مفهوم زائف مشابه يعرف بالتزامن او التزامنية]. لتدريب الأفراد على البحث عن صور خليعة كان كي يُحضرهم عن طريق جعلهم يتعرفون على صور مماثلة في النظر الى سماء مليئة بالغيوم.
أنتشار الأعتقاد بالتلاعب تحت عتبة الحواس او بواسطة اللاشعور في السبعينات يعزى الى عدم الثقة بالسلطة بشكل متنامي. كان ذلك أثناء فضيحة ووترغريت (ووترغريت مبنى تم نصب أجهزة تجسس فيه من قبل الرئيس نيكسون، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية في تلك الفترة، على مقر الحزب الديمقراطي أستقال على أثرها الرئيس وتمت محاكمتهِ ومن ثم تبرأتهِ بعد ذلك من قبل الرئيس جيرالد فورد)، فأصبح كل من الحكومة والأعلام وحتى الأعمال التجارية موضع أشتباه للشعب الأمريكي، حيث تَقبُل العامة لقوة وتأثير الأدراك اللاشعوري في الخمسينات كان من تأثير عدد من الحقائق التي أحاطت الحرب الباردة(الحرب العالمية الثانية).
فلم المرشح المنشوري The Manchurian Candidate، عرض في سنة 1962 وكان لهُ تأثير قوي على الشعب الأمريكي حيث كان عارماً عند مشاهدة مقاطع الفلم التي تتحدث عن السيطرة على الدماغ وغسيل الدماغ من أجل التأثير على تصرفات الناس.
وفي التسعينات دخل الأدراك في اللاشعور عصراً جديداً حيث كان المستهلك يراها كمساعدة لتحقيق الأهداف التي يرجوها من خلال المساعدة الذاتية عن طريق أشرطة (كاسيت) خاصة.
هذه الأشرطة المساعدة كانت تحول دون خوف العامة وحذرهم من الرسائل اللاشعورية الى قبول أستخدام الأدراك اللاشعوري كتقنية من أجل الفائدة الشخصية.
هذه الأشرطة تدعي أنها توجه رسائل لا شعورية تساعد المستمع على تخطي أدمان السجائر أو خسارة الوزن الزائد أو تساعد على تحسين الذاكرة، وحتى متاجر البيع بالتجزئة حاولت الأستفاد من ذلك عن طريق بث رسائل لاشعورية على نظام مخاطبة المتسوقيين من أجل تقليل جرئة اللصوص.
الرسائل الفرعية المسموعة في تسجيل لاشعوري خافتة جداً لا تلاحظ وغالباً ما ترافق الموسيقى أو أصوات طبيعية متداخلة مع اي رسالة صوتية. في سنة 1990 قام انثوني آر.باركينز (Anthony R. Pratkanis) بدراسة مع زملائهِ مدعومة بأبحاث فرعية متسلسلة، توصلوا فيها أن الأستماع الى الأشرطة المحتوية على رسائل مخفية كانت مؤثرة بغض النظر إن كانت تحتوي حقاً على رسائل لا شعورية أم لا. في هذه الحالة فأن الشريط يوفر علاج وهمي حيث أن السلوك المرغوب بهِ كان من تأثير توقعات المستمع من دون تأثير مزعوم لطرق اللاوعي.
لا تزال المخاوف والاوهام المحيطة بأمكانيات الرسائل اللاشعورية تؤثر على البعض، وهناك الكثير من الأدعاءات عن وجود رسائل جنسية متداخلة مع أفلام دزني. هذه الصورة المزعومة تتضمن أيحاء جنسي في فلم الحورية الصغيرة The Little Mermaid و الغبار المتنثار على شكل سحب في فلم The Lion King يظهر كلمة جنس(sex) بوضوح. هذه الصور وغيرها يمكن أن تكون مدرجة من قبل مصممي صور عابثين وبالتالي فأن وجودها متعمد، كما أنها واضحة للمشاهد ولا تتطلب أدراك لا شعوري.
بالأضافة فأن الصور فشلت في أستفزاز المشاهد لتصرف ما، بل كانت كأن صانعي الرسوم المتحركة يسعون لترك بصمتهم، أو نتيجة نمط عفوي يحاكي تناسق الصور. ومؤخرا في سنة 2000 خلال الأنتخابات الرئاسية أتهم الحزب الجمهوري في أستخدام أعلانات التلفزيون من أجل أيصال رسائل لاشعورية عن طريق ظهور كلمة جرذان بعد كلمة البيروقراطيين. أن كانت الرسائل متعمدة لربط البيروقراطيين مع القوارض أو لا، فأن الصورة بقيت على الشاشة لوقت طويل ليدركها الوعي وبالتالي فأنها لم تكن رسالة لا شعورية.
وخروجاً عن المصدر نضيف، هل سمعتم يوماً في معايير شركة إعلانات معينة تأجير لجزء من ثانية في برنامج تفلزيوني؟ كم تزعجنا الإعلانات كل يوم وكم يدفع الراغبون بالاعلانات من مال في سبيلها؟ كم تطورت وكم تتطور الاعلانات وكم يجتهد المعلنون وشركات الاعلان في ايصال الاعلان بطريقة افضل واجمل واوضح لماذا لا يستأجرون اجزاء من الثانية في برامج الراديو والتلفاز وتحل المسألة؟
المصدر: Michael Shermer – The Skeptic Encyclopedia of Pseudoscience