يزعم البعض أن باستطاعته معرفة شخصيتك واهتماماتك عن طريق شكل الكتابة التي تكتبها فما صحة هذا الكلام؟
بالرغم من أن المزاعم حول صحة علم الخط الدلالي لا تزال تحصل على بعض التأييد في وقتنا هذا، لكن لا يوجد إلى الآن أدلة علمية رصينة تدعم علم الخط الدلالي. فعلم الخط الدلالي يقع في نفس الخانة مع قراءة الكف والتنجيم.

تاريخ الكتابة حول علم الخط الدلالي

في عام 1575 الطبيب الإسباني خوان هوارتي دي سان خوان ( Juan Huarte de San Juan ) ألف أول كتاب خاص بتحليل كتابة اليد “فحص البراعة بالعلم” ( Examen de ingenios para las ciencia) مستندا في الكثير مما ذكره في الكتاب على الحدس.

الفيلسوف الإيطالي كاميلو بالدي ( Camillo Baldi ) كتب كتابا هو الآخر حول هذه المسألة عام 1622م  (Trattato come da una lettera missiva si conoscano la natura e qualita dello scrittore)  (معناه تقريباً: ما تخبرنا عنه الأحرف عن طبيعة وجودة الكاتب) ولكن الفكرة لم تنته حقا حتى وقت متأخر، ففي القرن التاسع عشر الف جان – هيولت ميشون (Jean-Hippolyte Michon) مجموعة من الأبحاث حول هذا الموضوع. ونستطيع القول بأن ميشون هو من أوجد علم الخط الدلالي الحديث وأسس “علم الخط الدلالي الاجتماعي”عام 1871. وأيضا فقد حمل طلابه  أفكاره للخروج بطريقة شمولية لتحليل الكتابة اليدوية. وبعد الحرب العالمية الأولى انتشرت هذه الفكرة في اوربا وامريكا ووجدت الكثير من التأييد.

ولكن دراسة بعد دراسة فشلت في الحصول على دليل موثوق يدعم علم الخط الدلالي. انقسم مؤيدو هذا الزعم في عام 1929 انقساما كبيرا. فقد أسس ميلتون بانكر  (Milton Bunker) الجمعية الأمريكية لتدريس علم الخط الدلالي والتي اعتمدت الأنماط الفردية للخط بدلا من اتخاذ منهج شمولي. ويعتقد أنصار هذا النهج بأن هناك صحة في كثير من الأدلة التي تنظر في القرائن الفردية بدلا عن تعميمها على الجميع.

ماذا  يقول العلم حول الموضوع  ؟

يجب التفريق بين علم الخط الدلالي والتحليل الخطي (تقنية تستخدم في الطب الشرعي لتحليل الوثائق والحروف ومعرفة كاتبها).

حيث يعتقد علم الخط الدلالي بأنه يُمكن توقع سمات الشخصية من خلال نمط الكتابة اليدوية. وبالتأكيد فإن العلم لا يتوافق مع هذا الاعتقاد.

أظهرت الدراسات واحدة بعد الأخرى بان هذا المجال فشل في التنبؤ بأي سمات شخصية. في عام 1982 وجد العلماء من خلال تحليل بعدي (Meta analysis) (هو تحليل في عِلم الإِحصاء يتَضَمَّن تطبيق الّطُرُق الإحصائيّة على نَتائِج عِدّة دِراسات قد تكون مُتوافِقة أو مُتضادّة، وذلك من أجِل تَعيين تَوجُّه أو مَيل لِتلك الّنتائِج) وقد وجد هذا التحليل الذي طبق على 200 دراسة أن علم الخط الدلالي غير قادر على التنبؤ بأي سمة شخصية في أي اختبار للشخصية.

ولم تتغير الأمور منذ ذلك الحين، ففي دراسة عام 1988 أظهر الباحثون بشكل قاطع أن علماء الخط الدلالي لم يتمكنوا من التنبؤ بعشرات الحالات في اختبار مايرز بريجز  (Myers-Briggs test).

وعلى الرغم من هذا فقد بدأت الكثير من الشركات باستخدام علم الخط الدلالي لتأثيره الكبير على الزبائن حتى بدون وجود أي أدلة علمية رصينة. يقول روان باين (Rowan Bayne) ( وهو عالم نفس بريطاني ) “أن هذا العلم مغرٍ جدا لأنه وبمستوى بسيط يمكن لأي  شخص أنيق أن يميل إلى الكتابة اليدوية الأنيقة” مضيفا بأن هذه الممارسة لا طائل منها وهي غير مفيدة اطلاقا.

جمعية علم النفس البريطانية صنفت علم الخط الدلالي جنبا إلى جنب مع علم التنجيم وتصف كلاهما أنهما غير فعالين.

وتظهر دراسات الدماغ بأن الكتابة شي معقد جدا. حتى في كتابة شي بسيط ك كتابة جملة (الحصول على الحليب) فإنك تنشط مناطق كثيرة في الدماغ للقيام بذلك. اما شخصية الانسان ايضا ليست بالشيء البسيط فهي عبارة عن مجموعة من أساليب التفكير والتصرف والمشاعر. وليست بشيء من الممكن ربطه بأسلوب الشخص في الكتابة.

اضف الى ذلك انه لاتوجد كلمة قد تصف شخصية الإنسان فالشخص الذي قد تصفه بالقوة قد تجده في موقف معين ضعيف إذ لاتوجد كلمة ثابتة من الممكن ان تصف شخصية الإنسان طوال حياته.

قد تكون هناك طريقة لاستنتاج شخصيتك لكننا لم نجدها حتى الآن. وفي الوقت الحالي من غير المرجح ذلك.

المصدر:

MIHAI ANDREI, “Graphology is a pseudoscience”, zmescience.com, OCTOBER 24TH, 2017