الصفات التي يوصف بها السيكوباثيين (المضطربين عقلياً-psychopath) غير محببة، فهم في العادة يوصفون بالإستغلالية وانعدام الأمانة والافتقار إلى التعاطف. وكذلك يعرفون بأنهم أذكياء بشكل شرير، كما يصور في الكثير من الأفلام والمسلسلات، وهذه الفكرة غير صحيحة تماماً. ففي الواقع يمتلك السيكوباثيين معدل ذكاء أقل من المتوسط.

فيقول براين بيتويل (Brian Boutwell) من جامعة سانت لويس في ولاية ميسوري، أنه ربما تكون قد التقيت بسيكوباثي في إحدى مراحل حياتك، فهم يشكلون حوالي 1% من البشر. ويتم تصنيف الأشخاص كسيكوباثيين عندما تحقق عندهم صفات معينة، مثل القسوة والاندفاع والعدوان والشعور بالعظمة. ويقول بيتويل أنه “ليس كل السيكوباثيين سوف يخالفون القانون أو يؤذون شخص ما، ولكن احتمالية قيامهم بذلك تكون أعلى”.

ويضيف بيتويل أن الأشخاص يتوقعون امتلاك السيكوباثيين ذكاء فوق المتوسط بسبب كونهم جذابين واستغلاليين. ويطلق علماء النفس على هذا مصطلح (الأسطورة هانيبال ليكتر-Hannibal Lecter myth) في إشارة إلى سفاح خيالي يعمل كطبيب نفسي ويقوم بآكل لحوم البشر، كما موجود في رواية وفيلم (صمت الحملان-The Silence of the Lambs).

ولكن بيتويل لم يتفق مع هذه الفكرة، ويقول “ما دفعني إلى التفكير في كون السيكوباثيين ليس لديهم الذكاء اللازم هو أنهم متهورين وغالبا ما يكسرون القوانين، على الرغم مما قد يسببه لهم ذلك من أذى”.

ليسوا بالذكاء الكافي

وللتحقق من ذلك قام بيتويل وزملاءه بتحليل نتائج 187 دراسة منشورة حول السيكوباثيين والذكاء. وشملت هذه الأبحاث السيكوباثيين الموجودين بالسجن وكذلك ممن يمتلك مهن ذات مكانة مرتفعة في المجتمع. وقد تضمن سلسلة من إجراءات الذكاء.

وبشكل عام لم يجد فريق البحث أي دليل على أن السيكوباثيين كانوا أكثر ذكاءا من الأشخاص الآخرين، بل على العكس كان سجل السيكوباثيين معدلات أقل من متوسط في اختبارات الذكاء. وقال بيتويل “أعتقد أن النتائج ستفاجئ الكثير من الأشخاص”.

ويتأمل مات ديليزي من جامعة ولاية أيوا أن تساعد النتائج على دحض أسطورة هانيبال ليكتر. حيث قال “شخصية السيكوباثيين تعطي طابع بأنهم أذكياء، وهناك مجرمين حقيقيين تجسد هذا الانطباع، مثل تيد بندي (Ted Bundy). لكني قابلت آلاف المجرمين، بعضهم سيكوباثي جدا، ووجد أن العكس هو الصحيح”.

من أجل العلاج

من خلال تجربته قال ديليزي أن السيكوباثيين لا يؤدون بصورة جيدة في المدرسة. وأضاف “فهم حساسين للبحث، أنهم لا يحبون الجلوس وقراءة الكتب، وعادة ما ينتهي بهم المطاف إلى تعاطي المخدرات”. وفي المقابلات الخاصة التي قام بها وجد أن الكثير من السيكوباثيين يواجهون صعوبة في الإفصاح، أو كما يقول “إنهم يتحدثون بمدى معين، وبأسلوب عدواني فقط”.

ويأمل بيتويل أن يضيف بحثه فهم متزايد للكيفية التي يعمل بها السيكوباثيين، وكيفية التعامل معهم، وقد اعتبر السيكوباثيين “لا يمكن علاجهم”، فالكثير ممن تم سجنهم عادوا إلى الإجرام. وقال “الاضطراب العقلي غير قابل للعلاج. بفهمهم بشكل جيد قد نكون أكثر قدرة على تطوير علاج لهم وإعادة تأهيلهم”.

وتغيير نظرة الأشخاص نحو السيكوباثيين يؤثر على الطريقة التي يعاملون بها من قبل نظام العدالة الجنائية. ويقول بيتويل “إذا كان لديهم ذكاء منخفض، إذا كنت تقول بأنهم يمتلكون ذكاء منخفض فقد يعاودون الإساءة مرة أخرى، أو يمكنك القول بأن لديهم صعوبات في الإدراك، والحكم بالسجن مدة أطول لن يساعدهم. يمكنك استخدام الحجة في الاتجاهين”.

المصدر:

Jessica Hamzelou, “Real-life psychopaths actually have below-average intelligence“, 20 January 2017, newscientist.com,  Journal reference: bioRxiv, doi.org/10/bxj4