إن هذه السلسلة يعتمد كل جزءٍ منها على السابق، لذا ننصح بقراءة الأجزاء السابقة لفهم أعمق، وإلمامٍ أفضل للموضوع:
ماذا بشأن الحياة؟
يوماً ما، ربما سوف نمتلك الفرصة لدراسة أشكال متنوعة من الحياة تطورت على الكواكب الأخرى. بالأخذ في الاعتبار الاتساع العظيم للكون، الرصد الشائعة للسوبر نوفا في المجرات الأخرى، فإنه ليس لدينا أي سبب للاعتقاد بأن الحياة لا تُوجد سوى على الأرض. برغم أنه من الصعب تصور تطور الدنا (DNA)، والتفاصيل الأخرى التي أدت للحياة على الأرض – أن تتكرر في أماكن أخرى، مع العلم أن الكربون والعناصر الأخري التي تقوم عليها حياتنا، منتشرة وموزَعة بشكل جيد كما ثبت من تركيب الأشعة الكونية، والتحليل الطيفي للغازات بين النجمية.
بالإضافة لذلك، لا يُمكننا افتراض أن الحياة كانت ستكون مستحيلة في كوننا، وذلك إذا تم كسر التماثلات بشكل مختلف. بالتأكيد، لا يُمكننا الحديث عن مثل هذه الأشياء بالأسلوب العلمي العادي – الذي فيه تمثل الملاحظات المباشرة أساس النظريات. ولكن في نفس الوقت، ليس مخالفاً للعلم، أو غير شرعي أن نفحص النتائج المنطقية لنظريات متاحة ومؤكدة جيداً بواسطة بيانات من كوننا.
إن استقراء النظريات لما وراء نطاقها الطبيعي قد يتبين خطؤه الشديد، أو في أفضل الأحوال صوابه المذهل. لقد أثبتت الفيزياء الأساسية التي تعلمناها من المختبرات الأرضية، كونها صالحة لمسافات كبيرة من الأرض، ولأزمنة قبل تشكل الأرض والنظام الشمس بمدة طويلة. لذا، فإن هؤلاء الذين يُحاجون بأن العلم ليس لديه ما يقوله بشأن بدايات الكون، أو الحياة المبكرة على الأرض لأنه لم يكنْ هناك أي بشر ليشهد على هذه الأحداث – يستخفون بقوة النظرية العلمية.
لقد قمت بمحاولة متواضعة للتوصل لشعور – إحساس بشأن الكيفية التي سيبدو عليها الكون إذا ما امتلك ثوابتاً مختلفة. فإن كانت الخواص الفيزيائية للمادة – بداية من أبعاد الذرات ووصولاً لطول اليوم والسنة، يُمكن تقديرها من خلال قيم أربعة ثوابت أساسية. اثنان منهم هما شدة – القوى الكهرومغناطيسية والتفاعلات النووية القوية. بينما الاثنان الآخران هما كتلتا الإلكترون والبروتون.
بالطبع، فإننا لا نزال نحتاج العديد من الثوابت لملئ تفاصيل كوننا. وكما رأينا سابقاً – فإن كوننا كان من الممكن أن يمتلك قوانين فيزيائية مختلفة. لا نمتلك سوى أفكاراً قليلة بشأن الطريقة التي من الممكن أن تكون عليها القوانين، فكل ما نعرفه هو القوانين التي لدينا. وبتغيير الثوابت التي تدخل في معادلاتنا المألوفة، سوف ينتج العديد من الأكوان التي لا تشبه كوننا. تتحدد الخواص الإجمالية لكوننا بواسطة الأربعة ثوابت الأساسية، ويُمكننا تغييرهم لنرى الشكل الإجمالي للأكوان التي تمتلك قيم مختلفة لهذه الثوابت الأربعة.
قمت بإنشاء برنامج يُدعى MonkeyGod، والذي يُمكن تنفيذه على شبكة الانترنت. حيث يُمكنك من إنتاج أكوان ذات قيم مختلفة للثوابت الأربعة. وبينما تظل هذه الأكوان غير حقيقية (لعبة) – فإنها توضح لنا أنه يُمكن أن يوجد العديد من الأكوان المختلفة الممكنة داخل قوانين الفيزياء الحالية.
وعلى سبيل المثال، فقد قمت بتحليل 100 كون – حيث تم إنتاج وتوليد قيم الثوابت الأربعة بشكل عشوائي. وقد تراوح مدى هذه القيم من زيادة خمس قيم أسية، أو نقصان خمس قيم أسية عن القيم الموجودة بكوننـا، لذا فإن النطاق والمدى الكلي للتغير هو 10 قيم أسية. وخلال هذا التغير في المتجهات، فإن N1 على الأقل تساوي 1033، بينما تساوي N2 على الأقل 1020 – حيث لا يزال كلاهما أعدد ضخمة جداً. وبرغم، أن العديد من الأزواج لا تمتلك N1 = N2، فإن مصادفة قريبـة بين هاتيـن الكميتيـن ليست نادرة للغاية.
ولقد قمت بفحص فترة حياة النجوم لنفـس 100 كون. فبينما امتلك القليل منهم فترة حياة منخفضة، إلا أن معظمهم امتلك عمراً عالٍ كفايةٍ ليسمح بتطور النجوم والاصطناع النووي للعناصر الثقيلة. امتلك ما يتجاوز نصف الأكوان نجوماً ذات فترة حياة على الأقل مليار سنة. إن العمر الطويل للنجوم ليس المطلب الوحيد للحياة، ولكنه بالتأكيد ليس خاصية نادرة أو استثنائية الحدوث فى الأكوان.
لنتذكر التفسير الثالث لتبلر وبارو للمبدأ الإنساني القوي – الذي يعتبر أن وجود مجموعة مختلفة من الأكوان الأخرى ضرورية لأي تفسير طبيعي لوجود كوننا. وقد أخذت خرافة جديدة في التكرار مؤخراً، والتي تتضمن أنه لا يُمكن تفسير المصادفات الإنسانية – وذلك في عدم وجود خالق (الله) – إلا في حالة وجود أكوان متعددة. مما لاشك فيه أن الأكوان المتعددة تستطيع فعل ذلك، ولكن حتى لو كان هناك كونٌ واحدٌ فقط فإن احتمالية بعض أشكال الحياة في هذا الكون المفرد ليست بالضرورة صغيرة.
إذا تواجدت أكوان أخرى بجانب كوننا، فإن تفسير المصادفات الإنسانية لا يحتاج إلى تفكير.
عدد لانهائي من الأكوان
في إطار المعرفة الراسخة لعلمي الفيزياء والكونيات، فإن كوننا قد يكون واحد من الأكوان العديدة في كونٌ فائق لانهائي (كونٌ متعدد). يمتلك كل كون داخل الكون المتعدد مجموعات مختلفة من الثوابت والقوانين الفيزيائية. قد يُوجد ببعضها حياة ذات شكلٍ مختلفٍ عنا، وبعضها قد لا يمتلك حياة على الإطلاق أو شيء ما أكثر تعقيداً و اختلافاً عما يُمكن تخيله. ومن الواضح، أننـا نتواجد في أحد هذه الأكوان التي تمتلك حياة.
ولقد احتج العديد من المعلقيـِن بأن الأكوان المتعددة – تنتهك نصل أوكام. إن هذا خاطئ، لأن الكيانات التي يمنعنـا قانون أوكام للباراسيموني (التعدد بغير الضرورة) منها هى الفرضيات النظرية، لا الأكوان. على سبيل المثال، فبرغم أن النظرية الذرية للمادة قد ضاعفت من عدد الأجسام التي يجب وضعها في الاعتبار عند حل مسألة – معضلة ديناميكيـة حرارية بـ 1024 لكل جرام، فإن ذلك لم ينتهك نصل أوكام. عوضاً عن ذلك، فقد أمدنـا بشرح وتوضيح أبسط، أكثر قوة، بل واقتصادي بصورة أكبر للقواعد المطاعة في الأنظمة الديناميكيـة الحرارية.
وكما احتج ماكس تيجمارك بأن نظرية يتواجد بها جميع الأكوان الممكنة، أكثر باراسيمونية من نظيرتها التي تفترض أن كوناً واحداً فقط موجود. وكما كانت الحالة مع كسر قوانين الحفاظ الشاملة، فإن كون مفرد يحتاج تفسيراً أكثر، وفرضياتٍ إضافية.
ولنأخذ مثال يُوضح وجهة نظره. تأمل العبارتيْن التاليتيـْن: (أ) س = ص2 (ب) 4 = 22
أي عبارة الأبسط؟ إن الإجابة هى (أ)، لأنها تحمل معلوماتٍ أكثر بنفس عدد الحروف – الرموز عن الحالة الخاصة (ب). وإذا طبقنـا المثال السابق على الأكوان المتعدد، فإن المثال (أ) سيكون الكون المتعدد حيث يُمثل جميع الأكوان الممكنة. بينما الكون المفرد مشابه للمثال (ب).
في الواقع، إن وجود الأكوان المتعددة متوافق بخصوص جميع ما نعرفه عن علمي الفيزياء والكونيات. فلا نحتاج لفرضيات إضافية لإدخالهم. بل على العكس من ذلك، تحتاج الأكوان المتعددة فرضية إضافـة لاستبعادها – كقانون طبيعي فائق يُخبرنا بعدم وجود إلا كونٌ واحد. وهذه الفرضيـة الإضافيـة ستكون بالطبع غير اقتصادية. وللتعبير عن هذا المعنى بسطر آخر من كتاب The Once and Future King للمؤلف T. H. White: «أي شيء غير ممنوع – فهو إلزامي».
يتم اقتراح أكوان عشوائية لانهائيـة بواسطة النموذج التضخمي الحديث لبدايـات كونـنا. وكما رأينا، فإن التموجات الكمية باستطاعتها إنتاج منطقة صغيرة فارغة من المكان – الفضاء (space) المنحني، والذي سيتمدد بصورة أسية، مضاعِف طاقتـه بشكل كافٍ في العملية، لإنتاج طاقة معادلة لكل الكتلة في كون ما، وذلك في جزء صغير من الثانية. اقترح أندريه ليند أن رغوة خلفيـة للزمكان خالية من المادة والإشعاع، سوف تخضع لتموجات كمية محلية – موضعية في الانحناء، مكونة العديد من الفقاعات ذات الفراغ الزائف والتي سيتضخم كلٌ منها على حده إلى أكوان مصغرة، ذات مميزات وخصائص عشوائية. وطبقاً لهذه النظرة، فإن كوننـا ما هو إلا واحد من تلك الفقاعات المتمددة – وكأنه نتاج الضرب العنيف العشوائي لقرد على مفاتيح معالج أحادي الكلمات.
انحدار الكون
قام كلاً من سميث وسمولين باقتراح آلية لتطور الأكوان بواسطة انتخاب طبيعي. فقد قاما باقتراح سيناريو كونٌ متعدد حيث يُمثل كل كون بقايا ثقب أسود منفجر، والذي قد تكون سابقاً في كون آخر.
يُولد كل كونٍ مفرد مع مجموعة معينة من المتجهات الفيزيائية – «جيناتـه». وبتمدد هذا الكون، تتكون بداخله ثقوب سوداء جديدة. وعندما تنهار هذه الثقوب السوداء في النهاية، يحدث خلط طفيف لجينات الكون الوالد وذلك بواسطة التموجات المتوقعة في حالة الأنتروبيـا العالية داخل الثقب الأسود. لذا، فإنه عندما ينفجر الثقب الأسود السليل، يُنتج كوناً جديداً بمتجهات فيزيائيـة مختلفة، مشابهة ولكن ليس بالضبط للكون الوالد. (على حد معرفتي، فإنه لم يُطور أحد حتى الآن نموذج جنسي – لتكاثر الكون.)
تمدنا آلية الثقوب السوداء بكلاً من الطفرات والنسل. والباقي مشروط باستمرار بقاء الناجي أي الذُرية. إن الأكوان التي تمتلك متجهات قريبـة من القيم الطبيعية، تُنتج عدد أقل من الثقوب السوداء، ولذلك فإنها تمتلك نسل أقل لتمرر إليها جيناتها. لن يتضخم العديد من هذه الثقوب السوداء إلى أكوان مادية، بدلاً من ذلك فإنها سوف تنهار عائدة على نفسها. بينما سيستمر آخرون في التضخم، منتجيـن لاشيء. ومع ذلك، فإنه عن طريق الصدفة سيمتلك جزء صغير من الأكوان متجهات مُثلى – تمكنها من إنتاج أكبر للثقوب السوداء. ستسود هذه الأكوان بشكل أسرع من غيرها، حيث تُمرر جيناتها من جيل إلى جيل.
إن تطور الكون بواسطة انتخاب طبيعي يزودنا بآلية لتفسير المصادفات الإنسانية، والتي قد تبدو بعيدة – إلا أنّ سمولين يقترح العديد من الاختبارات. يتنبأ سمولين في واحدٍ منها بأن التموجات في إشعاع الخلفية الكونية الميكرووي يجب أن يكون قريباً من القيمة المتوقعة، وذلك إذا كان تموج الطاقة المسئول عن التضخم في بداية الكون أدنى قليلاً من القيمة الحرجة اللازمة لحدوث التضخم.
ليس مصادفة أن فكرة تطور الأكوان مماثلة لنظرية داروين في التطور الحيوي. ففي كلتا الحالتين، نُواجه بتفسير أنه كيف من الممكن لتراكيب وبنى غير محتملة، معقدة، وغير مستقرة أن تنشأ وتتشكل بدون استدعاء واستحضار أي قوى خارقة (فوق طبيعية). قد يُقدم الانتخاب الطبيعي تفسيراً طبيعياً.
مجموعات تيجمارك (فرضية الأكوان الرياضية)
قام ماكس تيجمارك مؤخراً باقتراح ما يُسميه «نظرية المجموعات النهائية»، حيث أن جميع الأكوان التي تُوجد رياضياً، فإنها أيضاً تُوجد مادياً. ما يعنيه تيجمارك بواسطة «الوجود الرياضي»، أي وجود «خالٍ من التناقض – التعارض». لذا، فإن الأكوان لا يمكن أن تحتوي على دوائر مربعة، ولكن أي شيء لا يكسر قواعد المنطق قد يتواجد في كون ما.
يدّعى تيجمارك أن نظريته مشروعة علمياً، حيث أنها قابلة للتكذيب، تقدم تنبؤات قابلة للاختبار، واقتصادية بنفس الطريقة التي قمت بشرحها سابقاً – بأن نظرية تعدد الأكوان تحتوي على فرضيات أقل من نظيرتها التي تفترض كوناً مفرداً. لكنه يجد أن الأكوان الرياضية العديدة الممكنة لن تكون مناسبة لتطوير ما يسميه «تراكيب ذاتية الوعي» – تعبير تيجمارك عن حياة ذكية. ويُجادل تيجمارك بأنه لا يُمكن لكون أن يحتوي تراكيب ذاتية الإدراك إلا إذا امتلك ثلاثة أبعاد مكانية، وآخر زماني – حيث أن المجموعات الأخرى إما بسيطة جداً، معقدة للغاية، أو لا يُمكن التنبؤ بها بشدة. وعلى وجه التحديد، فلكي يكون الكون قابلاً للتنبؤ بواسطة تراكيبـه ذاتية الوعي، فإنه من المحتم وأن يمتلك بعداً زمانياً واحداً. وفي هذه الحالة، فإن بعداً مكانياً واحداً أو اثنيْـن يعتبران غاية في البساطة، بينما يُعتبر أربعة أبعاد مكانية أو أكثر غير مستقرة بشدة. ويعترف تيجمارك أننـا ربما نفتقد للقدرة على تخيل كون مختلف جذرياً عن كوننا.
قام تيجمارك بفحص أنواع الأكوان ذات القيم والمتجهات المختلفة والتي بإمكانها الحدوث. ولقد استنتج – كالآخرين – أن العديد من المجموعات والقيم لن تؤدي إلى كونٍ غير صالحٍ للعيش. ومع ذلك، فإن مدى المتجهات الذي قد ينشأ عنه تراتيب وهياكل منظمة ليس نقطة متناهية الصغر، لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق صانع ماهر – كما يؤكد مناصري الكون المصمم.
الاستنتاج والخاتمة
إن الالتقاء الجديد بين العلم والدين الذي يتم ذكره في وسائل الإعلام، هو في أغلبه التقاء بين علماء مؤمنين ورجال الدين – لا بين المؤمنين وغير المؤمنين. حيث يعتقد العلماء المتدينون الذين يرغبون بشدة في إيجاد دليل على تصميم هادف للكون، أنهم يملكون الآن واحداً. يظن الكثير من هؤلاء العلماء أنهم يرون إشارات على الغائية في الطريقة التي تبدو بها الثوابت الفيزيائية، وكأنها محكمة الدقة والضبط بصورة مدهشة لتطور الحياة وبقائها. برغم كونهم غير محددين، حيث يختارون فقط الحياة البشرية، فإن هذه الخصائص يُطلق عليها «المصادفات الإنسانية» – والعديد من أشكال «المبدأ الإنساني» قد تم اقتراحها كأساس منطقي لهذه المصادفات.
يُجادل المؤمنون أن الكون يبدو وكأنه قد صُمم على نحو خاص – ليتيح تشكل وتكون الحياة الذكية. وقد ذهب العديد منهم لأبعد من هذا، مدعين أن التصميم «مثبت» بالفعل وذلك لوجود المصادفات الإنسانية. إن هذا الادعاء الديني ما هو إلا نسخة حديثة من الحجة القديمة للتصميم كدليل على وجود الله. ومع ذلك، فإن النسخة الحديثة معيبة للغاية كأسلافها، صانعة العديد من الافتراضات غير المبررة – بل وغير متوافقة مع المعرفة الحالية. وأحد فرضياتها الفادحة القاتلة هو الإدعاء بأن شكلٌ واحدٌ فقط من الحياة، ممكن في كل الأكوان باختلاف القيم والثوابت الخاصة بها.
يفترض شكل آخر من المصادفات الإنسانية، أن المراقب – الملاحظ ضروري لإحضار الكون إلى الوجود. وقد أصبح هذا المفهوم شائعاً في فلسفة حركة العصر الجديد، ويتم تبرير هذا الشكل بواسطة تأويلات معينة لميكانيكا الكم. ومع ذلك، فهناك تأويلات أخرى صالحة لميكانيكا الكم، وأفضل دليل على بطلان هذا الشكل هو أننا لا نصنع الكون الخاص بنا – فالكون ليس على الحالة أو الشاكلة التي يريد معظمنا الكون أن يُصبح عليها.
ولقد فحصنا التفسيرات الطبيعية الممكنة للمصادفات الإنسانية. حيث أظهرت العديد من المجموعات المتنوعة للثوابت الفيزيائية – أنها تؤدي إلى أكوان ذات عمرٍ كافٍ لتطور الحياة، وتُظهر أيضاً مصادفاتاً إنسانيةً برغم أن الحياة الإنسانية لم تكن لتوجد في هذه الأكوان.
أعظم وأقوى قوانين الفيزياء – قوانين الحفاظ، قد أثبتت كونها دليل ضد التصميم لا عليه. حيث أن هذه القوانين مرتبطة مباشرة بـ «تناظرات – تماثلات اللاشيء» والتي لن توجد سوى في كون خالٍ من التصميم. بالإضافة لهذا، فإن القوى، الجسيمات، وهياكل الكون الأخرى الملاحظة متوافقة مع الانكسار التلقائي العشوائي للتماثلات عند نقاط موضعية – محلية في الزمكان، وهذا أيضاً يقلل من التصميم أوالخلق.
برغم أننا لا نحتاج نظرية الأكوان المتعددة، لنفي حجة الإحكام الدقيق للكون والتي تسقط وتنهار على نفسها، فإن الأكوان المتعددة متوافقة تماماً بشأن ما نعرفه بخصوص أساسيات الفيزياء وعلم الكونيات. تتـألف نظرية الكون المتعدد من العديد من الأكوان ذات القوانين والخصائص الفيزيائية المختلفة. والتي تعتبر أكثر باراسيمونية، بل وأكثر توافقاً مع نصل أوكام من كونٍ مفرد. حيثُ أننا سوف نضطر لافتراض مبدأ جديد لاستبعاد الجميع عدا كوننـا. ولو، بالتأكيد، كان هناك العديد من الأكوان – فإننا ببساطة في هذا الكون المعين ذي الاحتمالات المستقة والمتوافقة منطقياً والذي امتلك الخصائص اللازمة لإنتاجنا.
المصدر
Victor J. Stenger, “The Skeptical Intelligencer”, 3(3, July 1999): pp. 2-17