الأدوية هي سلاحٌ ذو حدين، ربما سمعتَ هذا كثيراً، لكن، إن أردتَ أن تفهم حقاً ما يعني هذا، فإن البريغابالين هو المكان الصحيح الذي يمكن أن تبدأ منه. 

بدايةً، إن استخدام الأدوية بالصورة الصحيحة ليس أمراً تَسْهُل مناقشته. لكننا في هذا المقال سنتعرّفُ على معلوماتٍ مهمةٍ موجزةٍ إيجازاً غير مخلٍ تخصّ هذا الدواء، فهو من أهم الأدوية المستخدمة لعلاج الآلام العصبية الطرفية، والاختلاجات، وغيرهما من الأمراض العصبية.

ولادة الدواء

إن (Lyrica) أو البريغابالين (Pregabalin)  هو عقارٌ اكتشفَه ريتشارد سيلفرمان (Richard Silverman) أستاذ الكيمياء بجامعة نورث وسترن (Northwestern University) وزميله ريزارد أندروشكيويتز (Ryszard Andruszkiewicz) منذ نحو ثلاثة عقود(1).

ما يمكن للدواء القيام به

في البداية، وجد العلماء أنّه فعّالٌ في معالجة نوبات الصرع عند الحيوانات. ثم أصبح البريغابالين الآن دواءً مضاداً للصرع. 

ووفِقَ على البريغابالين في الولايات المتحدة وأوروبا كعلاجٍ مساعدٍ في تدبير النوبات الجزئية (وهي شكلٌ خفيفٌ من الصرع) عند البالغين، لكنه لم يكن قادراً على علاج الصرع، وإنما يعمل فقط على السيطرة على النوبات طالما استمر المريض في تناوله.

كما تمت الموافقة عليه لعلاج الألم الناتج عن اعتلال الأعصاب السكري (Diabetes Associated Neuropathy)، أو الألم العصبي التالي للهربس (Postherpetic Neuralgia) عند البالغين. في الآونة الأخيرة، ووفِقَ عليه لعلاج اضطرابات القلق (Anxiety) في أوروبا.

ما لا يمكن للدواء القيام به

لم يُوافَق على استخدام هذا العقار من قبل أي شخصٍ يقل عمره عن 18 عاماً لعلاج آلام الأعصاب الناتجة عن الألم العضلي الليفي (Fibromyalgia)، أو مرض السكري (Diabetes Mellitus)، أو الهربس النطاقي، أو إصابة الحبل الشوكي.

    لم يُعْتَمَدْ هذا الدواء لعلاج النوبات عند أي طفلٍ يقل عمره عن شهرٍ واحد.

أشكال الدواء الصيدلانية 

يتوفر هذا العقار على شكل: كبسولات، مضغوطات مضبوطة التحرر (بطيئة التحرر)، ومحاليل فموية.

مم يجب أن نحذر؟ مشكلاتٌ تحدث عند استخدام الدواء 

في حال وصَف لك طبيبك البريغابالين لأنك لم تستجب للمسكنات غير الأفيونية (وهي ببساطةٍ مسكنات الألم البسيطة التي تتوافر في أي خزانة أدويةٍ منزليةٍ)، فقد تعتريك بعض الأعراض التالية:

شعور بالنعاس، والترنّح، وتشوش الرؤية خلال اليوم، وقد يحصل جفافٌ في الفم. 

لكن للأسف، توجد آثارٌ جانبيةٌ أكثر خطورةً، تحدث في عدد قليلٍ جداً من الأشخاص، فمن المهم أن تكون على درايةٍ بها، إذ من الممكن أن تحدث تفاعلاتُ حساسيةٍ خطيرةٌ قد تهدد الحياة مثل الوذمة الوعائية. فإذا لاحظت: انتفاخ وجهك، أو فمك، أو شفتيك، أو لثتك، أو لسانك، أو حلقك، أو رقبتك، وأصبحت تعاني من صعوبةٍ في التنفس، وظهرَ طفحٌ جلدي أو بثورٌ، فيجب عليك إيقاف الدواء فوراً والاتصال بالطبيب لنقلك إلى أقرب مركز رعايةٍ طبيّة تجنّباً لوقوع رد فعلٍ تحسسي مميت.

   قد تراود المريض أيضاً أفكارٌ انتحاريةٌ في حال تناول أي دواءٍ مضادٍ للصرع، والبريغابالين ليس استثناءً، لذلك يتوجب على المريض أو أفراد أسرته التواصل مع الطبيب أو الصيدلاني في حال لوحظ تغييراتٌ في مزاج المريض كتفاقم الاكتئاب أو حصول نوبات هلعٍ، أو قلقٍ، أو أرق.  

   تتعدى آثار البريغابلين الجانبية فرطَ الحساسية أو الاكتئاب إلى حصول مخاطر على الصحة والعلاقة الجنسية.

سلاحٌ ذو حدين  

 يمكن أن يقلل البريغابالين من عدد الحيوانات المنوية( (Sperm مما قد يؤثر على الخصوبة عند الرجال (أي القدرة على إنجاب الأطفال). في الدراسات التي أجريت على الحيوانات المنوية، تسبب البريغابالين أيضاً في حدوث تشوهاتٍ خَلْقِيةٍ في نسل الذكور الذين عولجوا بهذا الدواء. وعلى الرغم من ذلك، من غير المعروف ما إذا كانت هذه التأثيرات ستحدث عند البشر. فاسأل طبيبك دائماً عن المخاطر المحتملة(3).

   ومما قد يثير الدهشة أن البريغابالين يُستخدم –بجرعاتٍ منخفضةٍ –كمقوٍ جنسي، إلا أنه سحره ينقلب على الساحر (على المريض إن صح التعبير) فيؤدي إلى ما ذُكِر أعلاه من أعراض.  

   لا ينبغي إعطاء هذا الدواء خلال الحمل إلا عندما لا توجد بدائل، وعندما تكون فوائده تفوق المخاطر.

أثر الدواء على الحلقة الأضعف: الأجنة

لا توجد دراساتٌ كافيةٌ ومضبوطة جيداً على النساء الحوامل؛ لكن أظهرتْ دراسات التكاثر عند الحيوانات حدوث زيادةً في التشوهات الهيكلية للجنين وغيرها(4).

وفي حالة الإرضاع، تجب الموازنة بين الفوائد المرجوة والمخاطر المحتملة قبل تعاطي هذا الدواء أثناء الرضاعة الطبيعية لأنّه لا توجد دراساتٌ كافيةٌ على النساء لتحديد المخاطر على الرضّع(5).

عندما تتضارب الأسلحة

يجب مراعاة أي تداخلٍ دوائي بين البريغابالين وأي دواءٍ آخر، وهذا ما سيخبرك به الطبيب أو الصيدلاني، لا أحاديثُ الجيران والأصدقاء ومقالات الصحافة الصفراء.

فاستخدام مثبطات أنزيم الانجيوتنسين ACE كالليسينوبريل (Lisinopril) على سبيل المثال قد يزيد من احتمال التورّم وظهور الطفح الجلدي. 

ينطبق الأمر كذلك على أي نوعٍ من الأدوية المنومة والمهدئة كمسكنات الألم المخدرة، أو هيدروكودون  (Hydrocodone) والأوكسيكودون (Oxycodone).

وكذلك الأمر بالنسبة إلى مضادات الأرق والقلق، فعقار اللورازيبام (lorazepam) قد يزيد من خطر النعاس، أو الدوار، ويجب الحذر حين الجمع بين هذه الأنواع من الأدوية. 

قد تؤدي أدويةٌ معينةٌ مخصصةٌ لمعالجة الداء السكري مثل: الروزيغليتازون (Rosiglitazone) والبيوغليتازون (Pioglitazone) إلى زيادة الوزن أو التورم. ويجب استشارة الطبيب أو الصيدلاني عن الجمع بين الأدوية والفيتامينات أو المكملات العشبية التي تأخذها(6).

قصةُ نجاح

بدافعٍ من منحةٍ قدرها 681,764 دولاراً أمريكياً من المعاهد الوطنية للصحة (National Institutes of Health) في عام 1987، أثّر البريغابالين على حياة ملايين الأشخاص منذ ظهوره لأول مرةٍ في السوق عام 2005، إذ قدّم يد العون للأفراد في جميع أنحاء العالم بتأثيره في تسكين الألم وتدبير الصرع، بينما أحدث في الوقت نفسه تأثيراتٌ غير مرغوبةٍ مما أدى إلى إجراء أبحاثٍ، ودراساتٍ جديدةٍ مازالت مستمرةً إلى اليوم(1)

 ربما أصبحت الآن قادراً بصورةٍ أفضل على فهم عبارة: الدواء سلاحٌ ذو حدين؛ أليس كذلك؟

المصادر: 

  1. Daniel P. Smith, The Pregabalin Story: How Northwestern University transformed a $681,764 grant into a fortune of good, April 1, 2017, INVO
  2. Leigh Ann Anderson, PharmD, Lyrica: 12 Things You Need to Know, Last updated on Oct 1, 2020, drugs.com
  3. Lyrica (Pregabalin) – Side Effects, Interactions, Uses, Dosage, Warnings, June 23, 2020, Everyday Health
  4. Pregabalin Use During Pregnancy, Dec 26, 2019, Drugs.com
  5. Pregabalin (Oral Route) Side Effects, Feb. 01, 2021, Mayo Clinic
  6. Lyrica (pregabalin) dosing, indications, interactions, adverse effects, and more, Medscape