كان منتجي الفيتامينات يروجون لمنتجاتهم على أنها مفيدة للصحة منذ عقود، ونتيجة لذلك يعتقد 90% من الأشخاص أن أخذ الفيتامينات فكرة جيدة (على الرغم من أن 80% منهم يدركون أن الفيتامينات لا يمكن أن تحل محل النظام الغذائي الصحي). وفي عام 2016 وجدت دراسة أن 52% من الأشخاص يتناولون الفيتامينات. وقد أخفض أستخدام الفيتامينات المتعددة من 37% إلى 31% بين عامي 2000 و2012، وهذه تعتبر نسبة كبيرة.

تواصل صناعة الفيتامينات نموها في كل عام، حيث بلغت تكاليفها 36.1 مليار دولار سنويا في الولايات المتحدة في عام 2017. لكن ما هي الفائدة الصحية التي نحصل عليها من 36.1 مليار دولار؟ يشير تحليل تلوي (meta analysids) جديد: أنه لا توجد أي فائدة منها، وقد تكون مضرة. الدراسة نشرت في دورية كلية الأمريكية لأمراض القلب، والدراسة عبارة عن تحليل تلوي لتجارب عشوائية تدرس في مجموعة متنوعة من الفيتامينات، سواء فيتامينات متعددة وفيتامينات محددة، وعلاقتها بأمراض القلب الوعائية والسكتة الدماغية وجميع الأسباب معدل الوفيات. ونظرا لأن هذه العبارة عن ملخص لأبحاث سابقة، فإن النتائج ليست مفاجئة لأي شخص مطلع على هذا بحث.

وما وجدوه هو:
لم يكن للفيتامينات المتعددة، وفيتامينات ديD ، وسي C، وأي A، وبي6 B6، وآي E، والكالسيوم، وبي كاروتين β-carotene، والزنك، والحديد، والمغنيسيوم، والسيلينسيوم أي فائدة أو ضرر لمرضى الأوعية الدموية أو على معدل الوفيات لجميع الأسباب.

خفض حمض الفوليك ومركب بي (مركب يتكون من حمض الفوليك وB6 و B12) خطر السكتة الدماغية.

مضادات الأكسدة والنياسين (niacin) زادت من معدل الوفيات في جميع الأسباب.

كما هو موضح في الصورة:

تناول الفيتامينات وعلاقته بأمراض القلب

تم دعم النتائج من خلال الأدلة، حيث كانت أكثر النتائج المفاجئة هي إنخفاض خطر الإصابة بسكتة دماغية بفعل حامض الفوليك (20%)، ومع ذلك عليك الحذر من هذه النتيجة. والسائد في هذه النتائج (CSPPT) وهي اختصار “التجارب الصينية لمنع السكتة الدماغية الاولية”. ففي معظم المناطق لا تقوم الصين بتشجيع إضافة حمض الفوليك، فقد يكون الصينيين يعانون من نقص بشكل عام. ولذلك، فلا يمكن أن تقارن هذه النتائج مع الدول الأخرى.

ولقد كتبت عن مضادات الأكسدة سابقا، وبينت الأدلة أنها ليست فقط غير مفيدة، بل إنها قد تسبب ضرراً من خلال تعطيل الآليات الطبيعية للتوازن الداخلي. حيث لاحظ الباحثون أيضا أنه على الرغم من وجود فائدة واضحة لحمض الفوليك، إلا أن بعض الدراسات تظهر زيادة محتملة في مخاطر الإصابة بالسرطان (خاصة سرطان البروستات، ولكن قد يمتد هذا إلى أنواع أخرى من السرطان).

هذا التحليل التلوي هو فرصة جيدة لإعادة النظر حول الفيتامينات، والمكملات الغذائية، من حيث الآثار العلمية والفلسفية. فمن حيث الفلسفة الأساسية، هنالك افتراضات مختلفة (تشجع صناعة الفيتامينات، والتي ستستفيد من هذه الافتراضات) التي لا معنى لها عند إخضاعها للتحليل، ولا تدعمها الأدلة.

الافتراض الأول هو أن الفيتامينات كلها جيدة. وهذا ينبع بشكل اكبر من النهج التغذية الأساسي، أي أن هنالك أطعمة جيدة يجب عليك تناولها وهنالك أطعمة سيئة عليك تجنبها. والفيتامينات حسب هذا الرأي هي من الأغذية الجيدة. وهذا يؤدي إلى اعتقادين آخرين: أنه إذا كان القليل مفيد، فالكثير سيزيد من هذه الفائدة، وأن الفيتامينات لا تسبب أي ضرر. كما أن الفيتامينات لا تحتوي على جانب سلبي أو خطر، حتى عند عدم الحاجة لها.

هذه الآراء يتم تسويقها بشكل كبير على الرغم من تعارضها مع منطق الطب السريري، والذي يؤيد بأن الجرعة هي التي تتحكم بكل شيء، ويجب النظر إلى جميع التدخلات من منظور المخاطر مقابل الفوائد.

كل الفيتامينات لها جرعة سامة. كما الفائدة التي تأتي منها لها حد معين، والذي يسمى بتأثير السقف (ceiling effect)، وهذا يعني أن هنالك مستوى معين من الامتصاص يكفي وأن أي شيء أكثر من ذلك ليس له فائدة إضافية. أي حسب هذا الرأي، تأتي الفائدة الغذائية القصوى من أخذ الكمية المناسبة من كل فيتامين، بدلا من الاستمرار بأخذه. تمتلك معظم الفيتامينات نطاقا كبير جدا تكون غير ضارة به في الأساس، مما يخلق انطباعا خاطئا بأن جميع الفيتامينات غير ضارة تماما. بعض الفيتامينات لها نطاق ضرر ضيق، ومن الممكن أن تسبب تأثيرات سامة، أو حتى من نظام غذائي متطرف. فيتامينات A  وفيتامين B6 ليست نادرة. فقد تم تشخيص سمية B6 ذات التأثير النفسي، حيث يمكن أن يسبب تلفاً للأعصاب. هنالك أيضا سبب وجيه لاستنتاج أن جرعات كبيرة من مضادات الأكسدة يمكن أن تكون ضارة، وهذا مدعوم بالمزيد من الدراسات الحالية.

وبالإضافة إلى الضرر المباشر هنالك احتمالية وجود ضرر غير مباشر. حيث أن صناعة المكملات الغذائية التي تكلف 36 مليار دولار يمكن أن تعطى هذه التكاليف للحصول على رعاية صحية. فقد يتخلى بعض الأشخاص عن الأدوية اللازمة، أو عن تغذية أفضل، لأنهم ينفقون بعض من ميزانياتهم المحدودة على الفيتامينات والمكملات الغذائية التي يعتقدون بأنها ستساعدهم، لكنها لن تفعل.

علاوة على ذلك، هنالك إمكانية استخدام المكملات الغذائية بدلاً النظام الغذائي الجيد. حيث توضح الأدلة أن الفيتامينات لا تحل محل نظام غذائي جيد ومغذ.

ورسالتنا لمثل هؤلاء الأشخاص هي:
لا يوجد أي دليل على فائدة تناول المكملات الغذائية بشكل روتيني، بل قد تكون هنالك بعض المخاطر. يجب عليك توفير المال الخاص بك، لإنفاقه على المنتجات الطازجة. يمكنك الحصول على على التغذية التي تحتاجها من خلال نظام غذائي متنوع مع الكثير من الفواكه والخضار.

أما ذوي الاحتياجات الخاصة فعليهم استشارة الطبيب. المكملات الغذائية المستهدفة على أساس احتياجات محددة يجب أن تعطى بناءا على الفحص وقياس مستويات الدم. ربما يجب على الحوامل تناول الفيتامينات قبل الولادة، كما يجب أن تزور طبيب الأسنان. إذا كنت تحاول تقليل مخاطر السكتة الدماغية وخطر أمراض الاوعية الدموية، يجب أن تقوم بأخذ الفيتامينات بعد إستشارة الطبيب المناسب. هذا يشمل المكملات الغذائية التي تتضمن حمض الفوليك.

المصدر:

Steven Novella, “Routine Vitamin Supplementation Mostly Useless“, Science Based Medicine, sciencebasedmedicine.org, May 30, 2018