ترجمة: مرام الصراف، النسخة الصوتية يقرأها حسن الرياحي

هل سمعت من قبل عبارة “شغلها مرة أخرى يا سام”؟ يتذكر الكثيرون أنها أشهر جملة قالتها إنغرد برغمان في فيلم كازبلانكا <Casablanca> ومع ذلك، عند المراجعة، اتضح أن بيرغمان قالت “شغلها يا سام، شغل أغنية As Time Goes by” ومع ذلك يتذكر الكثيرون عبارة “شغلها مرة أخرى يا سام” والتي لم يتم نطقها أبدًا. لكن لماذا؟

إنها ليست الحالة الوحيدة، فعلى سبيل المثال، هناك من يتذكر أنه في فيلم حرب النجوم <Star Wars>، أن دار فيدر تحدث بعبارة “لوك، أنا أباك” لكن في الواقع العبارة مختلفة قليلاً “لا، أنا أباك”. بينما يتذكر آخرون قول الملكة في بياض الثلج “مرآتي يا مرآتي” العبارة الصحيحة هي “مرآتي السحرية على الحائط”

ما الذي تثبته هذه الحالات؟

في عام 2010، بدأت نظرية يتم تداولها على الإنترنت تشرح الذكريات الخاطئة التي تبدو أنها تؤثر على الكثير من الناس. في ذلك العام، أوضحت الباحثة فيونا بروم أنها تذكرت تمامًا كيف مات نيلسون مانديلا في السجن في الثمانينيات، كما تذكرت المقاطع الإخبارية لجنازته، والحداد في جنوب إفريقيا، والخطاب الصادق لأرملته، وبعض أعمال الشغب في مدن إفريقيا التي بدأت انهيار نظام الفصل العنصري. لكنها اكتشفت بعد ذلك أن مانديلا لا يزال على قيد الحياة، والأهم من ذلك، كما قالت، اكتشفت أن العديد من الأشخاص الآخرين يشاركون الذاكرة ذاتها.

أطلقت بروم على هذه الظاهرة المتمثلة في التذكر الخاطئ <<تأثير مانديلا>> واقترحت أن هذه الذكريات الخاطئة هي في الواقع دليل على أكوان أو حقائق موازية. وقد افترضت أن الأشياء تحدث بطريقة مماثلة – ولكن ليس بنفس الطريقة تمامًا – في هذه الأبعاد الأخرى. وفقًا لتأثير مانديلا، فإن هذه الذكريات التي تبدو خاطئة هي في الواقع مكتسبة عن طريق الخطأ من تلك الأبعاد الموازية. يعتقد آخرون أن تأثير مانديلا يوضح أننا نعيش في واقع محاكي تم إنشاؤه بواسطة ذكاء أعلى، يقال أن أخطاء الذاكرة هذه تعادل الثغرات البرمجية – كما هو الحال في فيلم الماتريكس <<The Matrix>>.

مع ذلك، فإن علم النفس له وجهة نظر مختلفة لما يحدث هنا، إن أخطاء الذاكرة هذه هي تمامًا ما نظنها، مجرد أخطاء. العديد من الناس يفهمون فكرة أن أدمغتنا تعمل مثل الكمبيوتر أو ما يعادل مسجلات الفيديو، وتخزين البيانات في أذهاننا ثم استعادتها تمامًا كما تلقيناها أو مرة، لكن ليس ذلك هو الحال. الذاكرة هي عملية خلق وإعادة بناء مستمرة، والذكريات تتغير بمرور الوقت – على الرغم من أننا يمكن أن نكون مقتنعين تمامًا من دقتها.

هناك أيضًا حقيقة أننا غالبًا ما نتذكر مشاهد أو عبارات من الأفلام بطريقة تقريبية، ثم تصبح هذه المصطلحات المشتركة، كما هو الحال مع “شغلها مرة أخرى يا سام” والتي أصبحت عنوانًا لأحد أفلام وودي آلن. ومع ذلك، فإن الطريقة التي يتم بها إنشاء الذكريات الكاذبة فورية ومنتشرة لدرجة أنه من الممكن اختبارها. يمكننا تجربتها الآن، أحضر ورقة وقلم، ثم إقرأ الكلمات التالية بصوت عالٍ مرة واحدة:

سرير

يرقد

مستيقظ

مُتعب

حلم

يقظ

راحة

بطانية

نعس

سبات

شخير

قيلولة

سلام

تثاؤب

غفوة

الآن أغلق المجلة واكتب الكلمات التي تتذكرها

وفقًا لنموذج دييس- رويديجر-مكدرمونت، يميل الناس إلى تذكر كلمة مرتبطة بالفعل بجميع الكلمات الأخرى ولكنها غائبة عن القائمة، في هذه الحالة الكلمة هي نوم، هل كتبتها؟ يذكر حوالي نصف أولئك الذين يشاركون في مثل هذا النوع من التجارب أنهم متأكدون من رؤية الكلمة الغائبة (نوم)، ولكن هذه الذكرى شيء لم يحدث أبدًا، إنها ذكرى خاطئة.

الذاكرة هي آلية حساسة للغاية، وعرضة للعديد من التشوهات اللاإرادية، بما في ذلك الذكريات الكاذبة والاقتراحات واضطراب في الأداء والضغط الاجتماعي والارتباك. ذلك هو الاندماج بين الذكريات المختلفة أو اتحاد الذكريات الحقيقة والتخيلات، لهذا السبب في المرة القادمة التي تسمع فيها أشخاصًا يقولون “آه، صحيح! أتذكرها جيدًا!” يمكنك أن تكون متأكدًا تمامًا من أنهم يبالغون في تقدير قدرات أدمغتهم.

وماذا عن فكرة الأكوان المتعددة أو الواقع المحاكي؟ يمكن أن يكون هذا أحتمال بالنسبة لفيزيائيي الكم وليس فقط لعشاق الخيال العلمي، ويقضون وقتًا للتكهن بها. مع ذلك، يمكننا الاعتماد على التفسيرات المعقولة التي يقدمها علم النفس حول كيفية إنشاء الذكريات الخاطئة إلى أن يتم العثور على دليل لمثل هذه الحقائق البديلة، ومحاولة جعل الأشياء تعمل بشكل أفضل مما هي عليه في الوقت الحاضر في العالم والكون الوحيد المتأكدين من وجوده: عالمنا.


المصدر:

Massimo Polidoro, The Mandela Effect: How False Memories Are Created skeptical inquirer, From: Volume 46, No. 4, July/August 2022

راجعت المقال لغويا ريام عيسى وتم نشره في مجلة العلوم الحقيقية العدد 51  لشهري سبتمبر-اكتوبر 2022