ترجمة: ندى محمد علاوي
تصميم بوستر: بهاء محمد
————————————
يمكن للأشكال الأدبية المُهملة غالباً أن تُساعد الطُلاب على التعلّم بطرق لايستطيع النثر تقديمها.
بعد 16 عاماً من التمتُع بالتعليم في مدرسة ثانوية أدبية غَنية بالشعر، أنا مُدرس أدب بالكاد أدرسهُ. حتى هذا العام، درس طلاب صفي الثاني عشر ما يقرب من 200,000 كلمة. ولم تُشكل القصائد أكثر من 100 قصيدة.
أنهُ شيء مُخزي. ليس فقط لأن الشعر مُهم للتدريس، ولكن أيضاً لأن الشعر مُهم لتَعلُم القراءة والكتابة.
تُعاني المدارس الثانوية للشعر من مُشكلة تصورية. فكر في مشاهد “مُجتمع الشُعراء الأموات” “Dead Poet’s Society’s” لفتيان حُمر الخدود يقفون على منصات ويُلقون الشعر، أو فكر بمقلديّ دينكسون يتجولون بمقاعد الحديقة ويملئون المجلات بأعلاف الشعر الشعبي الضارة ال(Chapbook) ( المترجم; وهي بداية ظهور الشعر الشعبي). وهناك أيضاً الدروس المُرهقة حول التفاعيل الخُماسية، ومعلمين ينتزعون تفسيرات خفية من مقاطع شعرية وطلابهم إما مذهولين أو يقهقهون ضحكاً. قراءة الشعر أمر غير عملي، حتى إنهُ تافه، المدراس الثانوية للشعر غير إجتماعية وواهنة.
لطالما رَفضتُ هذا الإنطباع الخاطئ والمُبتذل المتولد عن الجهل والأفلام السيئة والتعليم غير المُلهِم. إلا إنني لم أُثار لملئ دروسي بباوند وإليوت كما فَعل مُدرسي في الصف الحادي عشر. أحببتُ الشعر في المدرسة الثانوية. كتبتهُ وقرأتهُ. واليوم، أنا أُقحم الكتاب المقدس في تحليل رواية يوم الجراد “The Day of the Locus” . تظهر قطعة نيكي جيوفاني في المجموعة المتكاملة العين المزرقة “The Bluest Eye”. أصبح الشعر ثانوي وملحق، ليس شيء للدراسة بحد ذاتهِ.
في المَشهد التعليمي، الذي يُقلل التركيز بشكل كبير على التعبير الإبداعي لِصالح الكتابة الإستعراضية، ويُعطي أولوية للتحليل غير الأدبي للنصوص. على مُدرسي المدارس الثانوية الأدبية أن يتفاوضوا بين ميولِهم وبين الكيفية التي تجري بها الأمور. وهذا يعني التضحية في بعض الأحيان. وغالباً ما يكون الشعر على رأس القائمة.
حتى اليوم، مَكّن الشعر المدرسين من تَعليم طُلابهم كيفية القراءة والكتابة وفَهم أي نص. يُمكن أن يُعطي الشعر أيضاً منفذاً صحياً لمشاعر الطُلاب المُتزايدة. قراءة الشعر الأصيل بصوت عالٍ في الفصل يُمكن أن يعزز الثقة والتعاطف في مُجتمعات الفصول الدراسية. مع التشديد أيضاً على مهارات التحدث والإستماع والتي غالباً ما تُهمل في دروس الأدب في المدراس الثانوية.
يُمكن للطلاب الذين لا يحبون كتابة المقالات أن يحبوا الشعر. لندرة قواعد الكتابة الثابتة وقرابتة لموسيقى الراب. لمثل هؤلاء الطُلاب، يُمكن أن يصبح الشعر بوابة لأشكال الكتابة الأخرى. يُمكن أن يُساعد على تعليم مهارات تأتي بمتناول اليد مع أنواع أخرى من الكتابة مثل التدقيق والتعابير القصيرة. على سبيل المثال، عندما كَتب كارل ساندبيرغ “الضباب يدخل على أقدام قطة صغيرة” هو أضفى إلى الظاهرة الطبيعية شخصية، وتيرة وروح، بعبارة مكونة من ستة كلمات. كُل أشكال الكتابة تم أفادتِها بعبارات قوية وموجزة وجِدت في القصائد.
لقد إستخدمتُ مقطوعات شعر (تنويع على أساس “شعبي” لويليام بوروز وبريون غابين) لتعليم طُلاب الصف التاسع الأنكليزية. وقد تعلم معظمهم اللغة الأنكليزية كلغة ثانية، وتعلموا القواعد والأساليب الأدبية. وصنعوا جدارية بعد الإطلاعهم على العديد من “المصادر”، وتحديد الصفات و الضروف وأستخدام البُنى المتوازية، الجناس، السجع وأشكال أخرى من الكلام. تقوم القصائد القصيرة بِصنع تحليل نصوص مُتكامل يُمكن التحكم به لمتعلمي اللغة الإنكليزية. عندما تُعلّم الطُلاب قراءة وتفسير كُل كلمة من النص، فمن الأفضل بدء التدريب بقصيدة قصيرة- كقصيدة غويندولين بروكس ” We Real Cool”.
يُمكن أن يتعلم الطُلاب كيفية إستخدام النحو في كتاباتِهم الخاصة من خلال دراسة كون الشعراء إلتزموا أو لم يلتزموا بقواعد الكتابة التقليدية. يُمكن للشعر تَعليم الكتابة والإتفاقات النحوية من خلال إظهار مالذي يحدث عندما يجردها الشعراء أو يحرفونها لزيادة للتأثير. غالباً ما تستخدم دينكسون الكتابة بحروف كبيرة للأسماء الشائعة وتستخدم الشرطات بدلاً من الفواصل للإشارة إلى تحولات في الموضوع. ويستخدم أجي النقاط الرأسية لخلق وقفات دراماتيكية مُثيرة. بالطبع كامينغز يُعارض ذلك تماماً. هو عادةً ما يتجنب الكتابة بحروف كبيرة في مُقدمات نصوص رسائلهُ الشعرية والإلتفافات الشعرية المتكررة بين قوسين أو ترك السطور الأخيرة تتدلى على صفحاتها وفواصل أقل. في قصيدتهُ “Next to of Course God America I” ، رافق كامينغز موكباً من الشوفنية المُلحقة بعبارات سياسية مُقتبسة معاً في السطور الثلاث عشر الأولى. وعدم وجود علامات ترقيم يُبطئ ويُنظم الهجوم ويُبرز عدم الوضوح والتفاهه ويُضاعف الهجاء. إساءة إستخدام هذه الأتفاقات النحوية يُساعد على توضيح النقطة. في الصف، يُمكن أن يُساعد المُدرس في شرح التأثير المُجهد لتنفيذها على الجُمل أو كيف تُضعف الصور النمطية الحجة.
حتى الآن، وبالرغم من كل الفوائد التي يَجلبها الشعر للفصول الدراسية، كُنتُ متردداً في إستخدام القصائد على إنها مجرد أداة لتعليم الإتفاقات النحوية. وحتى تجريد معنى القصائد في الصف يُمكن أن يُقلل التجربة الشخصية أو حتى تجربة المتعالية لقراءة القصيدة. يَصف بيلي كويلنز هذه الأخيرة بأنها فعل “إبادة”. الذي يحجب القصيدة تحت دُخان أهمية تفسيرها. في قصيدتهُ “مُقدمة في الشعر” كتب مايلي ” كل ما أرادوا فعلهُ هو ربط القصيدة بحبل على كرسي/ وتشويهه الأعترافات الخارجة منها/ هُم بدأوا بضربها بخرطوم/ لمعرفة مالذي تعنيهِ فعلاً”.
الهدف من قراءة القصيدة ليس محاولة حلها. حتى الآن, هذه العملية القياسية من إزالة الغموض هي بالضبط ما شجع المُدرسين على تعليم الطُلاب. وغالباً بدلاً من المُشاركة بتجربة قوية من خلال الأدب، الأدب نفسهُ أصبح ثانوياً، مطبوخاً بصلصة “ملاحضات كليف”. وأنا لا أرغب بإنكار إنهُ من الشُعراء الذين سحروني في شبابي.
يجب على مُدرسي الأدب إنتاج عُشاق للأدب وكذلك نُقاد حريصين. وتحقيق التوازن بين تعليم القراءة والنحو والستراتيجيات التحليلية. ومن ثُم أيضاً مُساعدة الطُلاب لإدراك كيف ينبغي للأدب أن يكون مُحيراً. إنهُ يجب أن يُقاوم التفسير السهل، ويجب أن يتطلب فهمهُ أعادة قراءتهُ. يخدم الشعر هذا الغرض تماماً. أنا واثقاً بأن طُلاب صفي الثاني عشر يعرفوا كيفية كتابة المقالات. وأنا أعلم بأنهُ يُمكنهم إلغام نصاً برسائل خفية. ولكني قلق بعض الأحيان فيما كانوا قد تعلموا هذا الدرس. في شهر مايو، قبل تخرجهم بشهر، قد أقرأ بعض الشعر مع زملائي القدامى، في رحلة العودة للمنزل ليس إلا.
رابط الموضوع: http://www.theatlantic.com/education/archive/2014/04/why-teaching-poetry-is-so-important/360346