لماذا قد يرغب احدهم في جرح نفسه عمداً؟  يبدوا هذا غريباً لك كما يبدوا للاخرين أيضاً، أيذاء النفس دون نية أنتحار. المشكلة الرئيسية هي أن أغلب الناس لا تعرف عن الموضوع شيئاً، ونحن قد لا نسمع عنه كثيراً في الأخبار لأنه نوع من أنواع المحرمات ورغم ذلك فهو أمر شائع جداً خاصة بالنسبة للفتيات في المدارس الثانوية والكليات. وتشير التقديرات الحالية الى أن ما يقارب 4% أو أكثر من السكان أصيبوا بحالة أيذاء النفس، وتصل الى 14% من المراهقين يمارسون هذه الحالة التي تعرف بالجروح الذاتية غير الانتحارية (NSSI)، وغالباً ما تؤدي الى نقل الاشخاص لغرف الطوارىء بسبب الاصابات البالغة، وهذه الاصابات يمكن أن تسبب لبعض الاشخاص تلفاً دائماً في الاعصاب. وبالنظر الى هذا كله  قد يدفع الوعي الصحي العام للنظر في هذه الحالة الجروح الشخصية غير الانتحارية.

فلماذا يريد أحدهم إلحاق الألم أو الاصابة عمداً بنفسه؟

تشير الدراسات التي أجريت من قبل نوك وبرينستين في 2004 و 2005 (Nock and Prinstein) أن هناك أربعة أسباب رئيسية في هذه الحالة :

  1. التقليل من المشاعر السلبية
  2. الشعور بـ”شيء ما” بجانب الخدر أو الفراغ
  3. تجنب حالات أجتماعية معينة
  4. لتلقي الدعم الاجتماعي

وهذه الحالة على الرغم من من كل هذه الأمثلة لأسباب حدوثها الا أن الاعتقاد الخاطىء والشائع هو أعتبار الحالة شكل من أشكال التلاعب الاجتماعي في المقام الاول في الواقع. غير أن عدداً من الدراسات وجد السبب الرئيسي لهذه الحالة هو السبب رقم واحد: للتقليل من المشاعر السلبية. وهذا يبدو سبباً غريباً!

فكيف يستخدم الحاق الأذى للتعامل مع الألم العاطفي؟

على الرغم من هذا التناقض فأن، الناس غالباً ما يعلنون أن أسباب حدوث هذه الحالة: هو لأيقاف المشاعر التعيسة، للتخفيف من مشاعر الوحدة والفراغ أو العزلة، ولصرف الانتباه عن المشاكل الاخرى، لتقليل مشاعر الغضب، وتخفيف التوتر وللسيطرة على تسابق الافكار.

طرح موضوع الجروح الشخصية غير الانتحارية كطريقة لتخطي التدمير الذاتي لان جرح النفس يمكن ان يستخدم كطريقة غير منسجمة مع الضغط النفسي. كما يفعل معظم الناس بشرب الكحول أو المخدرات لمساعدتهم على “نسيان”مشاكلهم لبعض الوقت نفس الطريقة يستخدمها الناس الذين يجرحون أنفسهم للتعامل مع المواقف العصيبة أو مشاكل مزعجة مع أشخاص أخرين.

وهي في العادة تعطي نتائج عكسية وتضاعف من المشاكل. لكن الكثيرين قالوا بأن أيذاء النفس هو الحل الوحيد للتعامل مع مشاكلنا، وأصبحوا يعتمدونه.

 

أثار الجروح الذاتية غير الانتحارية

تبدأ الآثار بالزوال بمرور الزمن، مما يؤدي الى زيادة  تكرارها وأزدياد حدة الجروح للحصول على نفس التأثير. الذين يقومون بجرح أنفسهم عادة ما تكون لديهم مشاكل في جوانب معينة من حياتهم، مثل المدرسة، العمل والعلاقات الشخصية.

اسوء ما في هذه الحالة انها مرتبطة بمحاولات انتحار لاحقة والموت أنتحاراً. وهذه النتيجة هي وحدها مصدر قلق كبير!

وبالنظر الى كل المشاكل التي يسببها أيذاء الذات، وحقيقة أنه غالباً ما يستعمل كوسيلة للتعامل مع الالم العاطفي، فمن دون أدنى شك تعد الجروح الذاتية نوعاً من “التدمير الذاتي”.

إذاً كيف يمكن ان تعد أداة للتأقلم؟ حالياً ، لدينا بعض الفهم حول لماذا يمكن أن يساعد الناس على التعامل مع المشاعر السلبية.

لفهم ذلك سنناقش نموذج مقترح من قبل “تشابمان” وزملاؤه (2006)، الذين اقترحوا تفادي نموذج تجربة ايذاء النفس.

هذا النموذج يقترح بأن هذه الاشياء التي تحدث بسبب التشتت وعقاب الذات، تحرر الاندروفين (مواد تقلل الشعور بالألم وتقلل التوتر تفرز من الجهاز العصبي المركزي)، وبذلك فإن أيذاء الذات يساعد الناس في تجنب المشاعر السلبية.

هؤلاء الافراد قد يجدون مشاعر مزعجة من الصعب التعامل معها. أو قد يعانون من معارضة عامة في التعبير عن أي مشاعر سلبية فإن ايذاء النفس قد يكون وسيلة لمساعدتهم على تجنب تجربة عاطفية معينة. لانه يساعد الافراد على الهروب وتجنب المشاعر السلبية، وقد يصبح الأمر مجزية ويدعو للادمان اكثر في دورة متكررة من احداث الالم وتلقي المكافأة.

وهكذا عندما يستاء قد يصبح ايذاء النفس غريزة طبيعية.

 

في هذا المقال لمسنا جانب صغير من البحوث حول هذه الحالة. ولحسن الحظ يتم الان أنشاء بحوث جديدة ومثيرة على نحو منتظم حولها. وهذا المقال فقط لتقديم فهم عام حول هذه الحالة.

يعاني الكثير من المصابين بهذه الحالة في الاقلاع عنها كونها تمثل أداة لتخفيف المشاعر السلبية التي يتعرضون لها والتي يكونون في وقتها دون أي حيلة .

وهذه الحالة من الممكن أن تسبب نهايات مأساوية مثل الانتحار.

نحن نشجع المصابين بهذه الحالة على طلب المساعدة المهنية والسعي لايجاد وسيلة للتخلص منها لان الاعتياد عليها يؤدي الى حدوث مشاكل خطيرة.

 

المصدر:

https://www.psychologytoday.com/blog/overcoming-self-sabotage/201001/cutting-escape-emotional-pain