الصلاة من أجل نفسك يمكن أن تساعدك، أو تضرك، أو لا تفعل شيء اطلاقا. كل هذا ممكن من خلال التفاعلات المادية البحتة في الدماغ والجسد، فلا شيء خارق يحدث. والصلاة لشخص آخر بمعرفته يمكن أن ينفعه من خلال الوسائل المادية، والتي يمكن أن تقلل من إجهاده، ويمكن أن تضره من خلال زيادة الضغط عليه. فهنالك الكثير من الدراسات بخصوص الصلاة والصحة، بحيث لا يتسع المجال لذكرها كلها. لذلك سوف نركز على أكثر الكتب شعبية (كلمات الشفاء) والذي كتب بواسطة الطبيب المعالج لاري دوسيه (Larry Dossey) والذي ذكر فيه “كمية هائلة من الأدلة: أظهرت الكثير من التجارب التي أجريت حسب معايير علمية، حيث أجريت العديد منها تحت شروط مختبرية صارمة، أكثر من نصفها أثبت أن الصلاة تجري تغييرات كبيرة في مجموعة متنوعة من الكائنات الحية”. فقد يطرح تساؤل، لماذا لم يحصي تلك الدراسات التي لم تجري تحت ظروف المختبر الصارمة.

يشير دوسيه إلى لمسح أجراه الدكتور دانيال بينور (Daniel J. Benor)، ونشر في دورية بحوث الشفاء التكميلية (the journal Complementary Healing Research)، لتجارب تتناول آثار الصلاة على الإنزيمات والخلايا والخمائر والبكتيريا والنباتات والحيوانات والإنسان. فوفقا لدوسيه أن نتائج بونور تتضمن 131 من التجارب المحكمة، ومن بين هذه التجارب يظهر 56 تجربة هنالك “نتائج بدالة إحصائية عند مستوى احتمال <0.01 أو أفضل (إمكانية أن تكون النتائج نتيجة الصدفة هو احتمال أقل من 1 في 100)”. بينما كانت 21 دراسة أخرى “أظهرت نتائج عن مستوى أحتمال 0.02-0.05 أو أفضل (واحتمالية النتائج تكون من ضمن الصدفة هو 2و5 فرصة في 100)”.

يبدو أن دوسيه قد أخطأ في تفسير الدالة الإحصائية لنتائج هذه التجربة، وهو نفس الخطأ الذي يقع فيه الكثيرون عند قراءتهم الصحف والكتب. ف”مستوى الاحتمالية” (probability level) يكتب في معظم الأوراق العلمية وهو عادة ما يسميه خبراء الإحصاء ب”قيمة احتمالية” (p-value). فعلى سبيل المثال، لنفرض أنه ذكر تأثير ذو قيمة احتمالية 5%، فأن هذا يعني أنه في سلسلة طويلة من التجارب المتطابقة نتوقع ملاحظة تأثير كبير أو أكبر في ينتج عن التقلبات الإحصائية في 5% من الحالات. وهذا ليس هو نفسه “الاحتمال أو الاحتمالية أن النتائج كانت نتيجة الصدفة”. في الواقع يمكن دائما الحصول على أي أثر لوحظ بالصدفة. ما عليك سوى تكرار التجربة لعدد من المرات بصورة كافية.

وعلى أي حال، فقد أخبرنا دوسيه أن “هنالك عشرة دراسات غير منشورة كأطروحات للدكتوراه، ودراستين للماجستير منشورة في مجلات التخاطر في علم النفس”. وأكد أن “هذه المجلات لديها معايير مراجعة النظراء بشكل مشدد مشابه لكثير من الدوريات الطبية”.

فكما أشرت من قبل في عمودي هذا، أن المعايير في المجلات الطبية منخفضة إذا ما قارنها بمجالات العلوم الأخرى مثل الفيزياء. وهذا أمر ضروري فلا يمكن إبقاء العلاجات التي يعتقد بأنها مفيدة بعيداً عن متناول المرضى المحتاجين لها لفترة طويلة. وعلى عكس الأطباء، فالفيزيائيين والمؤمنين بالخوارق لا يدخل إنقاذ الأرواح في مجالهم الذي يعتمد على التحقيق في الظواهر الغير طبيعية. أولئك الذين يبحثون عن ظواهر نفسية أو روحية يجب أن يخضعوا لمعايير أشد صرامة من الفيزياء وغيرها من المجالات التي تتعامل مع إدعاءات غير عادية. وأي تأكيد علمي لهذه الظواهر يكون من الأهمية بحيث أنه يهز العالم.

لن تقوم أي مجلة فيزيائية محترمة بنشر نتيجة بقيمة احتمالية 1%. فإذا قامت بذلك سوف تكون هنالك أوراق بحثية محملة بمئات من الادعاءات الزائفة وبذلك تكون قطع أثرية إحصائية، وهذا الأمر سوف يعيث فسادا بالمؤسسة البحثية بأكملها. والمعيار المنشور في الفيزياء عادة يكون ذا قيمة احتمالية 0.01 في المئة، وهذا يعني 1 في 10000 التجارب المماثلة فمن المتوقع أنه ينتج التأثير المبلغ عنه أو أكثر من واحد كما في التقلب الإحصائي. فإذا تم تطبيق هذا المعيار على عينة دوسيه فلا يتم نشر أي من التجارب 131 المذكورة أعلاه.

ونفس الأمر يمكن أن يقال عن متوسط جميع الدراسات الخاصة بالصلاة والتي نشرت في المجلات الطبية، والتي عادة ما رافقها هالة إعلامية كبيرة. على سبيل المثال، ادعى طبيب القلب راندوف بيرد (Randolph Byrd) أن الصلاة الشفاعية فادت الشرايين التاجية. إلا أن القيمة الاحتمالية هي 5% فقط. ففي المتوسط تكون هذه النتائج تكون 3 كل 20 تجربة. وقد نشرت دراسة أخرى تتفق مع نتائج بيرد في مجلة طبية كبيرة شارك فيها باحثون من أرشيف الطب الباطني. كما أن هنالك تجربة ذات قيمة احتمالية 4%، ولكن معاييرها مختلفة عن بيرد. ففي الواقع قد فشل بيرد في تأكيد نتائج محددة.

فقد أخطأ دوسيه عندما قال أن الدليل هو “ببساطة واضح على أن الصلاة تعمل عبر مسافة على تغيير العمليات الفيزيائية في مجموعة متنوعة من الكائنات الحية، من البكتيريا إلى البشر”. حتى بدون دراسة مفصلة لبروتوكولات هذه التجارب، فإن الدالة الإحصائية غير كافية لوضع مثل هذا الاستنتاج. ليس لدينا أي فكرة عن الكيفية التي قام بها تلك التجارب مما أدى إلى إعطاء نتائج إيجابية وبالتالي لم تكن منشورة “تأثير ملف الدرج” (file drawer effect) إلا إذا كان قد نشر هذه الأوراق مسبقا.

المصدر:

Victor Stenger, “The Science of Prayer“, Skeptical Briefs Volume 11.4, December 2001