الغدة الصنوبرية وخرافات العلوم الزائفة

الغدة الصنوبرية وخرافات العلوم الزائفة

الغدة الصنوبرية وخرافات العلوم الزائفة عادة ما نتساءل لماذا لا يستطيع الانسان تحمل فكرة الجهل بشيء ما؟ مما لا مفر منه ان دراسة اي شيء لا بد ان تكون على اسس علمية ولذلك فإن العلماء يدفعون بالمعلومات الجديدة مع الأخذ في الاعتبار ان هناك اسئلة لا نملك لها اي جواب كما هو الحال مع عالم الفلك نيل ديجراس تايسون الذي قال (ليس بإمكانك ان تصبح عالما الا عندما تستطيع تقبل فكرة جهلك ببعض الاشياء لأن العلماء يعيشون في فجوة بين ما هو معروف بالفعل وما هو مجهول في الكون) فالعلماء دائما يرجعون للأفكار الأولية فإن لم يعد أحدٌ هناك فلن توجد اكتشافات إذاً. وما تقوم به ليس علما، إنه شئٌ آخر.

ومع ذلك فالحقيقية تبقى كما هي وهي أن الكثيرين منا لا يحبون ان يكون هناك فجوة في معلوماتهم. وهذا ما يدفع الكثيرين لسد ذلك النقص بادعاءات العلوم زائفة التي لا قيمة لها لسد فجوة ما لم يستطع العلماء تغطيته بعد. كمثال لذلك ( الغدة الصنوبرية ) فلا زلت اتذكر بحثي عن الغدة الصنوبرية عندما كنت في المدرسة الثانوية في الصف العاشر. كنا ندرس حينها عن الغدد الصماء في الجسم فقال لنا المعلم ميلر :(ان هذا العضو الموجود بمنتصف رؤوسنا المسمى الغدة الصنوبرية، انه حقا غريب كل منا لديه واحدة ولكننا لا نملك ادنى فكرة عما تفعل تلك الغدة) وهذا بالفعل ما أثار فضولي لأعرف كيف يمكن وجود جسم ما في أجسادنا ولا نعرف ما وظيفته؟! في الثلاثة عقود الماضية قمنا ببعض البحوث حولها ولكن يبقى هناك الكثير مما لانعرفه حول هذا الجسم الضئيل، في مجلة (neuroendocrinology) قام احد علما الفسيولوجيا العالم ماكي والعالم بروس بكتابة هذا المقال:-

يرجع وصف الغدة الصنوبرية الى العصور القديمة، ولكن وظيفتها تبقى غير مفهومة، فهي تنتج هرمون الميلاتونين الذي يتم افرازه بشكل منتظم ليلاً ونهاراً. انتاج الميلاتونين يتم التحكم به عن طريق دورة داخلية منتظمة في الجسم، كما يتم تثبيطه بالتعرض للضوء في الفقاريات الأقل تطورا تعتبر الغدة الصنوبرية حساسة للضوء وهي بمثابة أكتفاء ذاتي للساعة يومية. في الثديات بما فيهم الانسان فقدت الغدة الصنوبرية حساسيتها المباشرة للضوء، ولكن تستجيب للضوء بشكل غير مباشر عن طريق تدخل عدة تشابكات عصبية في الجسم. وبالرغم من الانسان لا يتأثر مباشرة بالتعرض للضوء الا ان حدوث المشكلات الصحية الموسمية واستجابتها للعلاج بالتعرض للضوء يعني ان الانسان مازال يتأثر جزئيا به. الانسان يتأثر بشكل عجيب بعد اعطاء اقراص الميلاتونين له ولكن هذا فقط اذا تم اخذها في الصباح او في اول المساء عندما تكون معدلات الميلاتونين قليلة بالفعل. وقد تم فرض نظرية حيال دور الغدة الصنوبرية بناء على المراقبة الاكلينيكية لتأثير بعض الاورام فيها على التطور الجنسي في الانسان، الذي شهد برابط بين هرمون الميلاتونين والوظائف المناعية في الجسم حيث ان المستويات العالية منه تنشط والمستويات القليلة تثبط من جهاز المناعة.

وبذلك فللغدة الصنوبرية دور في النوم والمناعة والتكاثر الا اننا نعلم بوضوح كيفية حدوث هذه الاشياء بالفعل فهذه الفجوة في طريقة فهمنا لوظيفة الغدة تفتح المجال امام الكثيرين لقول الخرافات، فاليوم اذا قمت بالبحث عن خرافات الغدة الصنوبرية ستحصل على الاف النتائج الخرافية والحقائق المغلوطة عنها على سبيل المثال عنوان لمقال (10 أسئلة عن الغدة الصنوبرية اضافت الغموض الى روحانياتنا) من هذا الموقع نستطيع ان نقرأ عن احد تلك الأقاويل الملتوية:-

الغدة هي مخروطية الشكل على شكل حبة بازلاء تقع في منتصف مخ الانسان، هي مكان بحث الجميع اليوم، وخاصة علماء الروحانيات، فهي مكان الروح وهي العين الثالثة للانسان، وهي المكان التشريحي في الجسم المسؤول عن الهوى والروح. والتي تجمعنا بالاشياء الغير ملموسة، وروحانيات الوجود.

صحيح، لأن تلك الروحانيات غير الموجودة قد عُثر عليها أخيرا! ومن هنا تبدأ التساؤلات التي تختم بعلامات استفهام كثيرة انهم يهدفون الى جعلنا نصدق في تلك الهراءات والادعاءات الكاذبة. وبالتالي ان نتجاهل ايا كان الحقائق العلمية المثبتة حيالها، وان ندعي بان:-

الغدة الصنوبرية هي بقايا العين الثالثة للثديات التي تحركت الي منتصف مخ الانسان وتغيرت وظيفتها من تجميع الضوء الى مطابقة الضوء المجمع بواسطة الشبكية.

لا ، للأسف، فلا توجد فقاريات ذات ثلاث عيون، السؤال التالي:-

هل هناك رابط روحي بين الغدة الصنوبرية التي هي مخروطية الشكل وبين (البيجنا – Pigna) التي هي الشكل البرونزي الضخم للقدماء الرومان الذي لا يتجاوز اليوم فناء في باحة الفاتيكان.

نعم، هي نفس العلاقة بين الكلية وفول الصويا! لهما نفس الشكل ، الحقيقة هي ان تمثال الصنوبر في الفاتيكان عجيب حقا ولكن ليس له ادنى علاقة بالغدة! الشخص العادي والدلايلاما كلاهما لهما غدة صنوبرية وكذلك الأم تريزا، كذلك كيم كارديشان لها نفس الغدة، فأنا اتسأءل هذا ليس معناه المزيد من الحكمة والوعظ والنور! ولكن يوجد من يسأل:-

لماذا تعد الغدة الصنوبرية هي الغدة الوحيدة المعرضة للتكلس مع تقدم العمر؟ ولماذا يعد التكلس للغدة الصنوبرية من الاشياء التي تجلب نتائج حقيقية للأشخاص الباحثين عن الخبرات الروحانية العالية، ولماذا القيام بهذه الروحانيات يزيد من قدرة الاشخاص على تذكر الاحلام بسهولة ويشعرهم بأنهم اكثر تعلقا بـالـ (مصدر)؟

جيد ، في البداية ، الغدة الصنوبرية ليست الوحيدة في الجسم التي تتكلس مع تقدم العمر، بل ان الغضاريف في جسمك تفعل ذلك ايضا، وتفعل ما هو اكثر من ذلك ( التعظم) وبشكل طبيعي تماما . وان تكلس الغدة الصنوبرية سببه هي مادة الفلوريد الموجودة في ماء الصنبور ومعجون الاسنان، فإذا رسبت في مادة الكيمياء في المرحلة الثانوية فبإمكانك ان تعزي ذلك الى مادة فوسفات الكالسيوم (التي تترسب في الجسم المتكلس) والتي تشبه الفلوريد وكذلك نحن لسنا المخلوقات الوحيدة التي تتكلس فيها الغدة الصنوبرية، بل يحدث ذلك ايضا في الثعلب والفأر والديك الرومي، وليس ايا منهم بالطبع يقوم بغسل اسنانه، ربما لهذا السبب لا نرى الديك الرومي قادر على تعلم التجارب الروحانية.لا اعلم ! وايضا تكلس الغدة الصنوبرية هو عملية لا يمكن الرجوع فيها ولا ضرر منها، فلا تقم بفقد مالك واخذ الادوية التي تعتقد انها سوف تزيل تلك الرواسب من غدتك الصنوبرية فهي عديمة الفائدة تماما (كانك تشرب الخل بدلا من الخمر) بل انها قد تكون سامة ايضا (كاستهلاك زيت النيم الذي يستعمل كمبيدات حشرية والذي قد يسبب الغثيان والتقيؤ والصداع والتشنجات العصبية ) بالطبع لا توجد مقالة كهذه ستكتمل بدون ان تبحث عن الاشخاص الذين يعلمون حقيقة ما يتحدثون عنه. ومع ذلك لدى الكثير من العلماء والمفكرين لايتجاوز دور تلك الغدة عن افراز هرمون الميلاتونين الذي يقوم الى جانب اشياء اخرى كثيرة بتنظيم ايقاعات الساعة البيولوجية في اجسادنا نهارا وليلا.

يا لهؤلاء العلماء المتحجري التفكير! لا بد ان تصر دائما ان هناك دور للاشياء. الخلاصة هي  اننا لا زلنا لا نعلم حقائق كثيرة عن الغدة الصنوبرية، ولكن هذا ليس عذرا لأن نفتري الادعاءات والاكاذيب حولها ، اعط لنفسك الفرصة لتتقبل جهلك ببعض الاشياء، وعلى العموم اقرأ بعض المقالات العلمية النافعة ستتعلم الاشياء الممتعة بطريقة علمية، مما يجعلك اقل عرضة لتقبل تلك الخرافات والادعاءات الكاذبة مع الوقت.

مصادر:

المقال الاصلي: http://skeptophilia.blogspot.com/2015/01/pineal-pseudoscience.html

عن الميلاتونين: https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/15589268

عن دور الميلاتونين: http://www.jbc.org/content/235/7/1992.full.pdf

مقدمة تاريخية عن خرافات الغدة الصنوبرية من جامعة ستانفورد: http://plato.stanford.edu/entries/pineal-gland/

عن تصلب الغدة الصنوبرية ودورها في النوم: http://www.nature.com/npp/journal/v21/n6/full/1395393a.html

عن مسببات تصلب الغدة الصنوبرية: http://www.med-health.net/Pineal-Gland-Calcification.html/

عن تصلب الغدة الصنوبرية لدى الكبار في السن: http://radiology.rsna.org/content/142/3/659.full.pdf