من بديهيات شراء المنتجات الغذائية عند الكثير من المستهلكين هو معرفة تاريخ إنتهاء الصلاحية، لتحديد مدى صلاحية هذا المنتج وربما يتجاوزه الموضوع بتجنب المنتجات المقاربة على الإنتهاء، لكن ما الفرق ما بين يوم إنتهاء الصلاحية واليوم الذي سبقه، هل تستطيع المواد الغذائية عد الأيام والشهور؟ لنطلع معاً على الطرق التي يفسد معها الطعام وكيف يمكننا تقليل التبذير والحفاظ على الصحة.

كيف يفسد الطعام؟

هنالك مسببات عديدة لجعل المنتج الغذائي غير صالح للاستهلاك، لكن الموضوع لا يشابه ضغطة زر، أي ليس منطقياً أن يكون الطعام صالحاً للتناول يومأً وغير صالحٍ للأكل في اليوم الذي يليه.

ويمكن القول أن الامتناع عن تناول طعام واعتباره غير صالح للاستهلاك يرجع لثلاث أسباب:

  • أولها فقدانه لصفاته الخارجية المعتادة كالطعم، اللون، الرائحة أو القوام (أو تغيرها).
  • الثاني: فقدانه القيمة الغذائية المرجوة منه.
  • الثالث: تسببه بأضرار صحية حال تناوله، كاضطرابات الهضم أو التسمم.

فأما السبب الأول فيرجع للمستهلك ذاته، طالما لديه الخيار، فإنه سيأكل ما يستسيغه فقط، وأما السببان الآخر فهما المعنيان في بحثنا.

يفسد الطعام بشكل عام للأسباب التالية:

الميكروبات: تسبب العديد من الكائنات المجهرية مشاكل للطعام، وتتكاثر معظمها في درجة حرارة الغرفة (بين 16-32 مئوية) ويصعب على معظمها التكاثر مع درجة حرارة الثلاجة. قد ينمو بعضها دون تغيير ملحوظ في شكل أو طعم أو رائحة الطعام.

الإنزيمات: هي مواد توجد طبيعياً في الخضار والفاكهة مسؤولة عن النضج وإنتاج الشكل والمذاق النهائي لها. فعلى سبيل المثال يتحول الموز من اللون الأخضر إلى الأصفر ثم البني ولا يقتصر هذا التغير على اللون، لكن على القوام والمذاق أيضاً.

الهواء: إن التأكسد هو عملية كيميائية تسبب تغيرات غير مرغوبة في الشكل والمذاق والمحتوى الغذائي، تحدث عند ملامسة الهواء للمنتج الغذائي. فعندما تفسد الدهون الموجودة في الأطعمة أو تتغير ألوان بعض المأكولات، فيمكن عزو ذلك للتأكسد، يمكن تقليل التأكسد باستعمال مضادات الأكسدة أو حفظ الأطعمة في حافظات عازلة للهواء.

الضوء: إن التعرض للضوء يغير اللون والمحتوى الغذائي لبعض الأطعمة ويساهم في تأكسد الدهون.

الحشرات والقوارض والفطريات: تحتاج هذه الكائنات إلى الطعام لديمومتها ويمكنها بذلك التسبب في إتلاف بعض الأطعمة أو جعلها أكثر عرضة للتلف.

التلف الفيزيائي: إن التهشم والتشقق في المنتجات الطازجة يفتح أبواباً جديدة لإتلافها عن طريق الميكروبات، كذلك الكسور والشقوق في علب ومغلفات الأطعمة تسهل تعرضها للهواء والضوء والميكروبات وبقية الكائنات.

الحرارة: تؤثر الحرارة على مدة التخزين، فالطعام يفسد بشكل أسرع بزيادة الحرارة. حيث أن الميكروبات تكون في ذروة نشاطها في حرارة الغرفة المعتدلة وكذلك عمل الأنزيمات وعمليات الأكسدة.

الوقت: جميع العوامل المؤثرة على إتلاف الطعام تحتاج إلى الوقت ليبرز تأثيرها.

كيف تُقرأ تواريخ انتهاء الصلاحية

تختلف طرق كتابة تاريخ انتهاء الصلاحية على المنتجات باختلاف الضوابط الصحية لكل بلد وبتنوع المنتجين وهي بالعموم ليست إلزامية سوى للمنتجات الطبية ومنتجات الأطفال (في الولايات المتحدة)، فلا يوجد لها معيار موحد، الأولى اعتبارها أقصى تقدير لضمان الجودة مقدم من قبل الشركة المنتجة (السيطرة النوعية).

 وإليك ما تعنيه كل صياغة منها:

  • يفضل استهلاكه لغاية/قبل: وتشير هذه العبارة لـ”إقتراح” يتعلق بضمان الجودة، أي حين تكون جودة الطعام ومذاقه في أقصاها.
  • يستهلك قبل: ويعنى بها أقصى تاريخ مقترح لتناول الطعام. فلا يعني ذلك أن تناوله بعد يوم أو يومان من ذلك التاريخ سيسبب التسمم مثلاً، ويعتمد تناولك حينها لتقييمك الشخصي.
  • يجمد لغاية: يشير هذا التاريخ للوقت الذي يجب أن يجمد فيه الطعام للمحافظة على نوعية جيدة، وليست مؤشر سلامة.

ماهي أقصى صلاحية للأطعمة المعلبة؟

يمكن للأطعمة المعلبة أن تتلف، فالمواد عالية الحمضية كالطماطم والفواكه الحمضية يمكن أن تخزن بالتعليب لحوالي سنة ونصف، أما بقية الأطعمة (قليلة الحمضية) كاللحوم والخضروات والاسماك وغيرها يمكن أن تبقى صالحة بعد 5 سنوات، فالأطعمة المعلبة تكون معقمة لذا فهي لا تتلف بسبب البكتيريا، إلا أن الأغذية تتحلل مع الوقت وتفقد قوامها ونكهتها، فلا يستساغ تناولها، والافضل ان تحفظ في مكان مظلم في حرارة الغرفة، وأن تتجنب العلب المنتفخة أو المكسورة أو الصدئة لاحتمالية أن يكون محتواها تالفاً.

ما أقصى صلاحية للأطعمة المجمدة؟

يمكن للأطعمة المجمدة أن تخزن لأجل غير مسمى، حيث أن البكتريا لا يمكنها النشاط والتكاثر عند التجميد، إلا أن للأطعمة المجمدة تاريخ نفاد للصلاحية، فلا يمكن أن تبقى صالحة للتناول إلى ما لا نهاية بسبب تحللها مع الوقت، والافضل تجنب لمس الأطعمة المجمدة لاحتمال انتقال البكتيريا إليها من اليد، فالبكتيريا يمكنها النجاة والبقاء بعد التجميد، ولا يعدم التجميد خطرها إن لم تطهى الأطعمة جيداً.

ما أقصى صلاحية لبقايا الطعام؟

حسب تقرير وكالة الزراعة الأمريكية فإن أقصى مدة يحفظ فيها الطعام المطهو هي أربعة أيام. أما الأطعمة البحرية أو الأغذية ذات المكونات غير المطهوة كالمايونيز فأنها ستغدو غير صالحة خلال يومان فقط، ولا يفضل ترك الطعام المطهو في حرارة الغرفة لمدة طويلة، حيث سيكون أكثر عرضة للبكتيريا مع الوقت، والافضل قبل تجميد الطعام المطهو أن يقسّم لحصص، لا أن يخزن على سبيل المثال في قدر كبير واحد.

هل يفقد الطعام قيمته الغذائية مع الوقت؟

قبل الإجابة، فلنتطرق ما نقصده بالقيمة الغذائية. تحتوي الأطعمة على مركبات مفيدة لنمو وصحة الإنسان وبنسب ضئيلة كالفيتامينات والبروتينات إضافة إلى الكربوهدرات والسكريات والدهون، تتصف بعض هذه المركبات بكونها غير مستقرة، أي أنها (مع الوقت والضوء والحرارة) تتفاعل او تتحلل لمركبات أخرى مما يقلل إمكانية امتصاصها وفائدتها. كما يمكن للطهو أن يقلل الغذائية لبعض الأطعمة أيضاً.

كيف يحفظ الطعام؟

هنالك العديد من الطرق لمنع تلف الطعام لوقت بشكل دائم أو تمديد صلاحيته وتقليل الخسائر، على رأسها إتباع نظام تدوير الطعام وشعاره “ما يأتي أولاً يُستهلك أولاً”. 

من أقدم الطرق لمنع تكون العفن والفطريات على الطعام هي تجفيفه، وقد لا تحصن هذه الطريق الطعام بالمطلق، إلا أنها تطيل عمره بشكل ملحوظ. تشمل الطرق الأخرى لحفظ الطعام (التمليح، المعالجة، التعليب، التبريد، التجميد، استخدام المواد الحافظة، التعريض للأشعة المعقمة، والخزن تحت ضغوط عالية.)

يمكن للتبريد إطالة الصلاحية لبعض الأطعمة والمشروبات ولفترة محدودة والفترة تزيد حين التجميد إلا أن ذلك لا يحفظ الطعام بشكل دائم، أما التعليب، سواء تم في المصنع أو في المنزل فبواسطته يمكن خزن الطعام لمدد طويلة، حيث يخزن الطعام في علب مفرغة من الهواء تمنع تكاثر البكتيريا التي تعتاش على الأوكسجين. والقاعدة الأخيرة ينصح بتذكرها لخزن الطعام هي: نظّف، اطبخ، قسّم، برد. 

التسمم الغذائي: أسبابه وأعراضه والوقاية منه

تشكل الميكروبات جزءاً من دورة الغذاء الطبيعية، فهي المسؤولة عن تحليل بقايا المواد العضوية ومنها بقايا الأطعمة التي تستهلك، وهي أيضا المسؤولة عن الرائحة الكريهة التي نجدها في مكب النفايات وفي الأطعمة التالفة، لكن هل تعلم من أين تأتي الميكروبات؟

في الحقيقة فالميكروبات توجد في كل مكان على الأرض تقريباً، فهي موجودة في التربة والمياه وعلى الصخور وبين الثلوج وفي الهواء وعلى أجسام الكائنات الحية وداخلها من بينها البشر، وهي أيضاً مسؤولة عن العديد من العمليات الحيوية والهضمية.

إلا أن بعض هذه الميكروبات قد يكون ضاراً إذا وصل إلى داخل القناة الهضمية، مسبباً مشاكل وآلماً في المعدة أو الأمعاء أو ما نسميه بالتسمم الغذائي، ولا تحدث هذه الميكروبات المسببة للمشاكل أي تغييرات خارجية ملحوظة على الطعام في كثير من الأحيان.

أسباب التسمم الغذائي

إن أغلب الحالات المرضية الناتجة عن تناول الطعام الملوث يمكن إرجاعها لثلاثة أسباب: البكتريا، والطفيليات والفيروسات.
ويمكن إيجاد هذه الملوثات في جميع الاطعمة التي نتناولها تقريبا. إلا أن الطهو الجيد يقتل هذه الملوثات قبل وصولها لصحنك. لذا فإن الاطعمة التي تؤكل نيئة هي السبب الشائع للتسمم الغذائي بسبب عدم تعرضها للحرارة.

يمكن أن يحدث التلامس بين هذه الملوثات وبين الطعام نتيجة البراز أو القيء، أي عندما يطهو شخص مريض الطعام ولا يغسل يديه جيداً. أن اللحوم والأطعمة البحرية والبيض ومنتجات الألبان هي الأكثر عرضة للتلوث، كما يمكن لهذه الملوثات أن تأتي من الماء أو المبيدات أو التربة الملوثة.

إن الأطفال، كبار السن، الحوامل وكذلك المصابون بالأمراض المزمنة وضعيفي المناعة هم أكثر الفئات المهددة بالتسمم الغذائي.

أعراض التسمم الغذائي

تتراوح أعراض التسمم الغذائي باختلاف الميكروبات المسببة للمرض، فيمكن أن تكون الأعراض خفيفة أو شديدة، وقد تظهر بعد تناول الطعام مباشرة، أو بعد عدة ساعات من تناوله، ويمكن أن لا تزيد مدة الأعراض عن نصف ساعة وقد تستمر لغاية 8 أسابيع. 

حين الاصابة، قد يظهر واحد أو أكثر من الاعراض التالية:-

  • الغثيان
  • تشنجات المعدة
  • الإسهال
  • التقيؤ
  • الحمى
  • آلآم الرأس
  • الاعياء
  • فقدان الشهية

وهنالك أنواع أخرى من المشاكل التي قد يسببها التسمم الغذائي، كالإجهاض، إلتهاب السحايا، صعوبة الرؤية أو التكلم، الجفاف ومشاكل أخرى أشد عند ضعيفي المناعة وذوي المشاكل الصحية، وقد يسبب أعراضاً وأسقاماً طويلة الأمد.

ماذا نفعل في حال حصول التسمم الغذائي؟

يمكن أن تعالج معظم حالات التسمم الغذائي في المنزل، ويفضل في حال المرور بأي من أعراض التسمم الغذائي، أو الشك بحصوله مراجعة الطبيب أو مركز رعاية صحية (خصوصاً في الحالات شديدة الأعراض)، والإبلاغ عن الحالة ليتم معرفة السبب. 

كما يجب شرب كميات كافية من الماء، وكذلك ينصح بشرب العصائر الطبيعية أو مشروبات رياضة أو مشروبات الأعشاب الساخنة المسكنة، كشاي النعناع أو البابونج أو الهندباء، كما يفضل تجنب القهوة والمشروبات الحاوية على الكافيين لإحتمال تسببها باضطراب المجاري الهضمية.

إن البكتريا المسببة للتسمم الغذائي قادرة على التكاثر الهائل في الظروف المواتية ومن أهمها:

  • الوقت: في الظروف الملائمة يمكن لميكروب واحد أن يتضاعف لمليوني ميكروب في غضون 7 ساعات.
  • الحرارة: عندما تكون الحرارة بين 5-60 درجة مئوية فإنها توفر الجو المثالي لنمو البكتريا المسبب للتسمم، ما يعني توجب إبقاء الطعام بحرارة أقل  من 5 مئوي أو أكثر من 60 لمنع تكاثر البكتيريا.
  • التغذية: تحتوي معظم الأطعمة على التغذية الملائمة لنمو البكتيريا، خصوصاً اللحوم والبيض ومنتجات الألبان.
  • الماء: تحتاج البكتريا للماء كي تنمو وتنشط، وبدونه يقل نشاطها أو يتوقف، لذا نلاحظ أن الأطعمة المجففة أكثر عمراً. (صلاحيّة).
  • مستوى القلوية (PH): لكي تنمو البكتيريا فإنها تحتاج وسطاً متعادلاَ (لا حمضياً ولا قاعدياً) كما هو الحال في الكثير من الأطعمة، وبعكسه يقل نموها.

كيف تمنع الأطعمة من التلوث؟

يمكن منع تلوث الطعام بإتباع قاعدين بسيطتين:

  • أبعد الطعام عن الملوثات.
  • إمنع البكتيريا المسببة للتلوث من الانتشار والتكاثر.

أما عن آلية ذلك فهنالك العديد من النصائح التي يجدر إتباعها لتجنب المشاكل الصحية التي يسببها تلوث الاطعمة، منها:-

  • إبقاء الاطعمة المعرضة للتلف خارج منطقة الخطر (أقل من 5 وأكثر من 60) وشراء الاطعمة المبرّدة أو الساخنة في نهاية تسوقك.
  • فصل الأطعمة الباردة عن الساخنة.
  • التجنب -قدر الإمكان- للاطعمة بعد انتهاء تاريخ صلاحيتها وتجنب علب الطعام المتضررة والملوثة أو المنتفخة.
  • تجنب اختلاط الأطعمة (البارد والساخن، المطهو مع النيئ) وشراء المحتاج له فقط
  • يفضل أن يكون الشراء والتخزين بعلب وأجزاء صغيرة مع تغطيتها أو تغليفها بأكياس بلاستيكية.
  • تجنب ملامسة الطعام بالأيدي الملوثة.
  • وضع التواريخ تسميات وتواريخ على الأطعمة قبل خزنها، وخزن الطعام الذي يشترى في أقرب وقت ممكن.
  • عدم استعمال سكين ولوح تقطيع اللحوم ذاته لتقطيع الخضار والفاكهة (دون غسلهما جيداً).
  • الحرص على طهو الطعام جيداً، والغسل الجيد للفاكهة والخضار الطازجة
  • تجنب إعداد الطعام حال الشعور بالمرض.

مصادر: