لينكسي بدأ بمشروعه في عام 1988 لدراسة تطور البكتيريا مختبرياً حيث قام بأستنبات بكتريا القولون المعوية وجعلها تنمو بصورة مستمرة تحت بَصره الساهر في مختبره في جامعة ولاية ميشغان.

كل يوم كان هو أو أي أحد من مجموعة طلاب الدراسات العليا او حملة الدكتوراه ينقلون القليل من هذه المستعمرات الى وسط جديد بأنبوبة مختبر تاركين البكتريا تنمو بمعدل 6-7 أجيال في اليوم الواحد.

خمسة وعشرون عاماً لاحقه فأن المستعمرات (المجموع التراكمي لترليونات الخلايا) ظلت مستمرة لـ 58،000 جيل مذهل ومعدود. ذلك يشير الى ما يقارب ملايين السنين لو قورنت بنسل الحيوانات الكبيرة مثل البشر، بالاضافة الى قابلية تعقب هوية الطفرات البكتيرية على مستوى الحمض النووي.

هذا ما يجعل مشروع لينكسي الافضل، انه احد المصادر الاكثر تفصيلاً في المعلومات عن العمليات التطورية المتاحة على الاطلاق، تجعل من مشروع أي مختبر منافس شيئاً صغيراً امامها وتغرق حقل الدراسة في هذا المجال. إنه انجاز يستحق الاحتفال.

وبينما جلبت تلك القدرة الانظار لاسيما على ملاحظة الكائنات ذات تردد التكاثر السريع ولالاف الاجيال فإن لينسكي يقول انها كانت باستخدام التجميد المختبري الذي اتاح العمل على الملاحظات المتقاطعة من خلال الاختبارات.

الباحثون كانوا يجمدون عينات من البكتيريا وكانوا يقارنونها مع اسلافها. بالاضافة لذلك فإن تطور ورخص ثمن وسائل التحليل الدقيقة للجينوم اعطى للباحثين ادوات تحليلية افضل.

احد الاسئلة المركزية التي دارت كانت حول الشد بين قوى التطور المتعارضة: الطفرات العشوائية و بدء التغيير الجيني من جهة والانتقاء الطبيعي الذي يشكل الطفرات من اجل البقاء. هذه القوى بحسب لينسكي توفر ضغطاً تطورياً من عدة جهات.

الطفرات العشوائية تؤدي الى تنويع العُضيات، بينما الانتقاء الطبيعي هو قوة تؤدي الى التجانس، مفضلة خصائص تحسن البقاء تحت ظروف معينة.

التجربة كانت تجري تحت نفس القاعدة منذ بدءها، البكتيريا تنمو في محلول جلوكوز، والجلوكوز كان يُقاس بعناية وحيثما ينفذ فهو يسبب فترة جوع للبكتيريا قبل ان تتكاثر في اليوم التالي وتُنقل الى محلول جديد. كل 75 يوم، كان هناك 500 جيل، وجزء من تجمعات البكتيريا كان يؤخذ ليُجمد على حدة.

الاجيال الجديدة اصبحت تنمو بسرعة 80% اكبر من الاجيال الاصلية، وهو مثال جيد للتكيف بالانتقاء الطبيعي للبكتيريا الاسرع تكاثراً تحت تأثير الجوع.

تحليل 12 خط من اصل 20 الف جيل، اظهل 45 طفرة من الجيل الاصلي، حدثت الطفرات لـ 4000 جين. العديد من الجينات كانت قد تعرضت لاكثر من طفرة في جميع الخطوط، ولكن كان من النادر حدوث نفس الطفرة بين الجينات.

بعد 30 الف جيل لاحظ العلماء شيئاً غريباً. وهو تطوير احد الاجيال للقدرة على استخدام جزيئات كاربون مختلفة في المحلول، وهي السترات، كمصدر للطاقة.

العلماء تسائلوا اذا ما كان نتيجة لطفرة نادرة وحيدة ام مجموعة من التغيرات التي تتضمن عدة طفرات عبر الاجيال، وللتأكد تم اخذ بعض الخلايا المجمدة وتنميتها في بيئة تفتقر للجلوكوز وحيث تكون السترات هي الغذاء الوحيد. وقد وجد ان 19 كائن ممن تعرضوا للطفرات امتلكوا القدرة على استخدام السترات كمصدر للطاقة. وقد اظهر ذلك انها نتيجة لطفرة واحدة.

بالقياس الدقيق لتحديد اذا ما كنت البكتيريا الجديدة تختلف عن الانواع السابقة وجد لينسكي ان البكتيريا التي تتغذى على الطفرات تمتلك قدرة اضعف على العيش في البيئة التي تتضمن الجلوكوز فقط.

بذلك تكون تجربة لينكسي احدى اعظم التجارب التطورية التي اظهرتنا كيفية حدوث التطور بشكل مراقب ومختبري ومسجل.

مصدر:

http://news.harvard.edu/gazette/story/2014/02/evolution-in-real-time/