أتحسس يدي في موضع اللقاح، أضع عليها قطعاً من الحديد أو المغناطيس، لا شيء تماماً المغناطيس يسقط والحديد يسقط. مهلاً، الا يبدو الأمر فعلاً أحمقاً كمحاولة لمس الأنف باللسان؟ لماذا نجرب أمراً كهذا؟ لأن هناك من يزعم ذلك مدعياً وجود رقاقات الكترونية في اللقاح وهؤلاء ينشرون فيديوهات تنال الملايين من المشاهدات. لا ندري من أين نبدأ بتفنيد هذا فالقضية ليست مليئة بالفجوات فحسب بل يمكن القول أنها كلها فجوة.
في البدء يُسلم الأشخاص الذين تلقوا اللقاح أو الذين لم يتلقونه أن مقدار المادة المحقونة بالجسم محدود جداً وأنها ليست سوى سائل شفاف يشبه الماء (هذا هو ما يبدو عليه) أي أن افتراض وجود مغناطيس أو أي مادة أخرى سيحتم أن يكون مقدار تلك المادة محدوداً جداً بل وذري. تخيل أن لديك برادة حديد لمغناطيس ثم قمت بطحنها لدرجة جعلها غير مرئية وقابلة للدخول عبر الحقنة ثم وضعت بضع حبات منها في الجلد. هل تعتقد أن مغناطيساً بهذا الحجم سيكون قادراً على سحب شيء بحجم المفاتيح أو أياً كان ما تعرضه الفيديوهات؟ حاول أن تجرب بنفسك. سيقول أحدهم أن هذه المادة غير اعتيادية، مهلاً، إن كنت تفترض أنه مغناطيس فهو مغناطيس وليس شيئاً خارقاً.

الأمر الثاني والذي سيسلم ويتفق عليه الجميع أن أي حقنة من هذا النوع سواء كانت مغناطيس أم رقاقات شريرة من شركة ميكروسوفت أم مجرد ماء فستذهب مع الدورة الدموية ولن تبقى في ذلك المكان لأيام. حتى الرقاقات الشريرة لا يُمكن ان تقاوم وأن تبقى في نفس المكان. لا تصدق ما نكتبه فنحن نستهزأ بفكرة الرقاقات ليس إلا.

لماذا تنال الفيديوهات المصورة بشكل غير احترافي وبكامرات الهاتف كل تلك المصداقية؟ هل نتعامل معها كنوع من البراءة؟ ربما البراءة أو السذاجة هي الدافع لدى بعض أصحاب هذه الفيديوهات. كثيرون يسألون، ما التفسير إذاً؟ يمكن مراجعة مقالنا في العلوم الحقيقية هل هناك اشخاص مغناطيسيون؟[1]. بإيجاز يذكر المقال كيف أن اللزوجة على الجلد يمكن أن تتسبب بالتصاق تلك الاسطح، هذه المزاعم لم تكن حول كوفيد بل ادعى كثيرون أن لديهم قدرة خارقة، لكن السر لدى جميع هؤلاء هو أنهم كانوا يلصقون الأجسام المعدنية الصقيلة على أجسادهم وهم عراة. هل يمكن ان يلتصق أي شيء على القماش؟ لن تكون بضعة مليمترات من القماش مؤثرة على ذلك المستوى من المغناطيسية أليس كذلك؟

أفشل جيمس راندي أحد هؤلاء المدعين بمجرد أن طلب منه أن يرتدي قميصاً وأن يضع مسحوق باودر على جسده! فجأة انتهت القدرات الخارقة كلها. باختصار لدى بعض الناس بشرة دهنية وقد يكون للتعرق دور في الأمر. لهذا السبب نجد البعض يلصقون الهاتف أيضاً وليس فقط المعادن، ومنطقياً ليس هناك أي سبب فيزيائي يجعل الهاتف يلتصق.

ولمن يقولون أننا نحقن برقاقات عند التلقيح، الا يجب ان تكون الرقاقات بمادة سيليكونية؟ ماذا حدث؟ لماذا أصبحت مجرد مغناطيس؟

من الطريف أننا وجدنا أن موقع سنوبس الخاص بتفنيد الاخبار الزائفة قد تطرق لخبر نشر في رويترز عام 2011 وهو يصف حالة فريدة لقطعة حديد تحت جلد شخص. ما حدث وصفه الأطباء بأنه خيمة جلدية[2] أي أن الجلد بأكمله كان يرتفع عند تقريب مادة مغناطيسية منه، هل يحدث هذا لدى أصحاب فيديوهات اللقاح؟ وهل يحدث هذا لدى مدعي القدرات المغناطيسية الخارقة؟ كلا بالتأكيد.

يتطرق الموقع ايضاً لقضية أخرى مهمة، وهي اننا لو افترضنا وجود معدن معين ينجذب للمغناطيس فإن حالات التحسس لتلك المعادن[3] ستكون جدية ومؤثرة وستظهر أعراضها بوضوح، ليست كالاعراض التي تظهر باللقاحات على الاطلاق سواء ما اشتد منها او ما كان خفيفاً. لكن ليس هناك أي حالة للتحسس من المعادن ممن تلقوا اللقاحات.

روابط ومراجع

[1] ترجمة: احمد الساعدي، هل هناك اشخاص مغناطيسيون؟ العلوم الحقيقية، مايو 2018

[2]  Genevra Pittma, “Metal under the skin? Find it with a magnet: doctor”, Reuters Health, MAY 18, 2011

[3] Thyssen, Jacob P., and Torkil Menné. “Metal Allergy A Review on Exposures, Penetration, Genetics, Prevalence, and Clinical Implications.” Chemical research in toxicology 23.2 (2010): 309-318.