بالنسبة لنا نحن الذين لا نملك رؤية سليمة، فإن ارتداء النظارات أو العدسات اللاصقة، أو الخضوع لعملية جراحية، أو حتى تحمل ضعف النظر هي حقيقة مزعجة لا يمكن إنكارها. وطالما هناك شيء يزعجك فإنك ستحاول إيجاد الحلول السحرية السهلة له بالتأكيد، وسيظهر من يعرضها لك للبيع. وسواء كان المنتج المعروض فعالًا أم لا، فإن الطلب موجود دائمًا، وسيكون الحل متاحًا للأشخاص الجاهزين للدفع.

إن أحد الحلول المناسبة للرؤية الضعيفة هو تمرينات العين التي تساعدك على تحسين بصرك إذا قمت بها كل يوم وربما ستصلح مشكلة عيونك بشكل كامل.

سنعرف اليوم ما إذا كان العلم يتفق مع هذه الادعاءات، بحسب الأشخاص الذين يستخدمونها، والأشخاص الذين يبيعونها.

من السهل جدًا العثور على متاجر عبر الانترنت تبيع منتجات متعلقة بتمارين العين، وأحدها هو متجر Rebuild Your Vision فهو يوفر بعض التعليمات المجانية حول تلك التمارين، لكن سرعان ما تتحول هذه التعليمات نحو الهدف الأساسي للمتجر وهو توجيه العملاء إلى منتجهم التكميلي One-Plus الموثق بتوصيات من العملاء لا يمكننا الجزم بصحتها، مثل: (لا حاجة لي لارتداء النظارات ولا حتى أثناء القيادة بعد الآن)، و(كانت ابنتي تعاني من قصر النظر، وانتهى هذا بفضل منتجكم).

متجر آخر يدعى Good-Lite يبيع منتجات متنوعة تساعد على القيام بتمارين العين، من بينها النظارات ثلاثية الأبعاد ورسومات خاصة بوضعيات الرؤية مثل تلك التي نراها في مكاتب الأطباء والتي قد يصل سعر بعضها لمئات الدولارات، بالإضافة إلى مجموعات التصنيف البصري وعصي العيون المعالجة والأضواء المحفزة للعين والعدسات الموشورية وألعاب التركيز (مثل لعبة تذكر الأرقام)، وهناك عرض يسمى Starter Kit الحاوي على بعض من هذه المنتجات وبسعر 920.95 دولار فقط.

أو أنك تستطيع ببساطة البحث في موقع Amazon.com عن هذه التمارين وستظهر أمامك آلاف من الكتب المعروضة للبيع، تتحدث عن أساليب متنوعة قادرة على تحسين بصرك بشمل طبيعي، بما فيها تمارين اليوغا والتمارين التيبتية الروحية والكيغونغ، إضافة إلى رسوم بيانية وألعاب وأجهزة الكترونية غرضها المساعدة في تحسين الرؤية.

وبعض هذه الكتب تركز على تعليم طريقة بيتس لتحسين الرؤية لطبيب العيون ويليام هوراشيو بيتس، المذكورة في كتابه (البصر المثالي بدون نظارات) الصادر عام 1920 وشرح فيه أن تركيز العيون من الناحية الفيزيائية يحدث عند الاستطالة داخل التجاويف وهذا يتم من خلال حركات العضلات المائلة خارج العين، واعتقد أنه من الممكن تمرينها لتحسين الرؤية، إلا أن اعتقاده كان خاطئًا. كما اعتقد إن الإجهاد العقلي يمكن أن يؤدي إلى خلل في عضلات العيون، وكذلك تغيرات الدورة الدموية، وهذا يساهم في مشاكل الرؤية لذا قام بتدريس تقنيات الاسترخاء والتصور لتقليل الإجهاد العقلي وحركات العين لتقوية العضلات التي افترض أن له دور في تركيز العين. تضمنت طريقته القيام بالتحديق مباشرًة في الشمس وهو الجزء الذي يقوم بعض الناشرين بإزالته من الطبعات الحديثة لكتابه كنوع من الحرص على صحة وسلامة العين، وأصبحت متاحة للجميع لاستخدامها أو نشرها كما أنها تباع من خلال منصات خدمة الطباعة عند الطلب من أمازون وعن طريق العديد من الأفراد والناشرين.

لكن أيًّا من أفكار بيتس لم تتبناها مهنة طب العيون وخاصة نظرياته العملية الزائفة والخاطئة بشكل واضح حول فسيولوجيا العين، ويؤكد لنا هذا أن بيتس تلقى تحذيرًا من لجنة التجارة الفيدرالية عام 1929 لنشره ادعاءات كاذبة ومضللة.

في الحقيقة إن إيجاد إجالة مثبتة علميًا لمدى فعالية تمارين العين ليس بالأمر السهل، خاصة أن العديد من المواقع والمقالات ذات المصداقية القليلة تروّج لمثل هذه المنتجات دون الاكتراث لصحتها أو سلامتها. وعندما تبحث في المصادر الأكثر شهرة مثل WebMD ستجد مقالات تدعم وبالتساوي جانبي النقاش حول فعالية تمارين العين. لذا نستطيع القول وبغض النظر عن درجة موثوقية الموقع أن جميعها تؤكد نجاح هذه التمارين في بعض الحالات المعينة المتعلقة بظروف كل فرد، ولكن هذا لا يعني أنها الحل السحري لتحسين البصر كما يأمل بعض الناس.

يعتبر كاتب المقال أن موقع الأكاديمية الأمريكية لطب العيون هي المصدر الموثوق المفضل لديه فيما يخص الصحة البصرية ويشير إلى أن مستمعو Skeptoid سيتذكرونه من الحلقة رقم 740 حول النظارات الزرقاء المصممة للأشخاص الذين يعملون أمام شاشات الكومبيوتر، في هذه الحلقة تم تسليط الضوء على موقف الأكاديمية الصارم حول تمارين العين، إذ أكدت أنها عبارة عن منتجات للاحتيال ولا قيمة لها أبدًا فشاشات الكومبيوتر لن تؤذي عينيك إلا إذا كنت تعاني من إجهاد العين. جاء هذا واضحًا في أكثر من مقال، وواحد منها أشار إلى عدم وجود دليل قاطع يدعم فعالية تمارين العين في تحسين البصر. ومقال آخر ردت فيه الأكاديمية على الاستفسارات المتعلقة باستخدام تمارين العين لمعالجة قصر النظر بأن لا هذه التمارين أو غيرها من المكملات العشبية لم تثبت فعاليتها من الناحية العلمية.

في الواقع، أصدرت الأكاديمية الأمريكية لطب العيون AAO ورقة مشتركة مع عدد من المنظمات الأخرى مثل الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال والجمعية الأمريكية لطب عيون الأطفال والحول والجمعية الأمريكية لأخصائيي تقويم البصر تناولت فيها الادعاءات التي تؤكد وجود علاقة بين صعوبات التعلم والمشاكل البصرية وقدرة تمارين العين على تحسين هذه المشاكل، وخلصت الدراسة إلى ما يلي: لا يوجد حاليًا أي دليل علمي يدعم نظرية العلاقة بين صعوبات التعلم والمشاكل البصرية وبناء على الأدلة المقدمة لا نستطيع إثبات فعالية تمارين علاج الرؤية أو العدسات الملونة أو المرشحات في علاج هذه الصعوبات.

نستنتج باختصار أن تمارين العين ليست فعالة في تحسين مشاكل العين أيًّا كان نوعها قصر أو مد النظر، طول النظر الشيخوخي أو الإستجماتزم وغيرها من المشاكل التي يتمنى معظمنا إيجاد حل سحري لها، لكن لا دليل علمي على قدرة أي تمرين في تقليل أو إلغاء الحاجة للنظارات الطبية.

بالتأكيد سيظهر هنا الأشخاص المعارضون لهذا الكلام ليقولوا إنه من الطبيعي أن يدحض أطباء العيون فعالية تمارين العيون لأنهم يستفيدون من بيع النظارات والعدسات اللاصقة! وأن الأطباء يسعون وراء مكاسبهم المادية فقط وهي فكرة غير صحيحة نهائيًا، فلو أن ذلك صحيح لقاموا ببساطة ببيع كتب تمارين العين والفيديوهات والمحاضرات والفحوصات وبهامش ربح أعلى من ربح النظارات أو العدسات اللاصقة.

ولنكون واقعيين، بالطبع يوصي أطباء العيون باتباع بعض تمارين العيون التي ثبت بالفعل أنها مفيدة والغرض منها ليس معالجة جميع مشاكل العيون، وإنما البعض منها مثل:

  • مشاكل التقارب: بما فيها الحول وقصور التقارب والاكسوفوريا، والتي تمثل جميعها مشاكل في قدرة إحدى العينين أو كلتيهما على العمل بشكل سليم، في هذه الحالة توجد تمارين وتداخلات يمكنها تحسين قدرة عضلات محجري العين في مساعدة المقلتين على العمل معًا.
  • الحول عند البالغين: ويقصد به الحالة التي تنظر فيها العين باتجاهات مختلفة، هذا الاختلال ينتج عن عدة عوامل مثل الإصابات والمشاكل الصحية، ويستطيع طبيب العيون أن يقدم لك مجموعة من التمارين المساعدة على تخفيف الأعراض وتصحيح العين.
  • الجلوكوما: وعادة تحدث عند ارتفاع ضغط العين، ونستطيع تقليلها بممارسة تمارين القلب والأوعية الدموية كالمشي عدة مرات في الأسبوع وليس ممارسة تمارين العين.

في ختام هذه المقالة، أشار الكاتب أنه من الممكن أنه قد أعطى في البداية تصورًا بأن معظم المؤيدين لتمارين العين هدفهم مادي بحت وهو لم يقصد ذلك، فهو يرى أن معظم الأشخاص يتم تضليلهم بخصوص فعالية تمارين العين فلو أن ذلك حقيقي ما كنّا لنجد بعض المصادر المجانية مثل YouTube والمدونات الأخرى تعرض الفيديوهات والمقالات التعليمية نفسها التي يتم بيعها وبشكل مجاني تمامًا، وهذا لأن طبيعتهم الإنسانية تدفعهم لمساعدة الأشخاص دون النظر إلى المكاسب المادية.

ولهذا السبب يجب أن نعلم أن كل المعلومات الموجودة على الانترنت ليست دقيقة فعلًا، وهي النقطة التي قام Skeptoid بالتركيز علبها على مدار 900 حلقة، إلا أن معظم منشئي المحتوى وحسب رأي الكاتب يؤمنون بصحة ما ينشرونه، ربما بالفعل قاموا بتلك التمارين وكانت فعالة معهم وأرادوا مشاركة ذلك مع الجمهور الذي يصدق وإلى حد ما أقوالهم، ولكن هل تكفي تجربة فردية لتمارين العين أن تجعل الناس تؤمن بها؟

مع الأسف، الجواب هو نعم. الانحياز لتجربة شخص أو لفكرة معينة موجود في هذا الجانب مثل باقي جوانب الحياة، إذ يميل أغلب الناس لرفض ارتداء النظارات الطبية رغم تراجع نظرهم لأنهم يخافون من التعرض للإزعاج أو التغيرات في مظهرهم الخارجي أو من الآثار النفسية للشيخوخة، فيبحثون عن حلول بديلة أخرى مثل تمارين العين ويؤمنون بأنها فعالة بناء على هذه التجارب الفردية الذاتية.

يميل بعض الناس لتحمل ضعف الرؤية دون الوعي بدرجة سوئها، فعندما يرتدون النظارات الطبية يكون تأثيرها كبير على وضوح الرؤية لديهم ويدركون مدى سوء نظرهم عند خلع النظارات، هذه النقطة قوية ضد الاعتقاد الخاطئ بأن ارتداء النظارات يضعف الرؤية. عند قيامهم بتمارين العين سيخلعون نظاراتهم لفترة معينة يعودون خلالها إلى تحملهم السابق لعدم وضوح الرؤية ويرون أنه ليس سيئًا على الإطلاق، فيخلق انطباعًا لديهم بأن تمارين العين هي من حسنت رؤيتهم، على سبيل المثال سيقول شخصٌ ما أنه قام بخلع نظارته لمدة خمس ثوان فانصدم بدرجة سوء نظره ولكن بعد ممارسة تمارين العين لمدة عشرين دقيقة وجد أن الرؤية أصبحت جيدة. هذا أحد الأمثلة عن الانحياز لفكرة فعالية تمارين العين والتي تعتبر محفزًا قويًا بما يكفي لإقناع الآخرين بقدرة هذه التمارين فيسارعون لمشاركة تجربتهم على YouTube متأملين بأنها ستساعد الآخرين.

لكن ليس كل من يقوم بذلك هو شخص مخادع أو محتال، فالأمر يتعلق بطبيعة الشخص نفسه لأن كثيرًا من الأشخاص الطيبين قد يخطئون في ذلك، وأيضًا هناك من سيستغل هذه الحالة لبيع الفيتامينات المفيدة لصحة العين.

المقال الأصلي

Brian Dunning, Focusing on Eye Exercises, Skeptoid Podcast #902, September 19, 2023.