داهم مسامع العراقيين في سبتمبر 2020 وفي خضم أزمة كورونا وارتفاع الوفيات في العراق شخص يدعى ماجد العاني ليمثل في حينها وحتى الآن زوبعة من الادعاءات المتضاربة وغير الدقيقة حول مختلف تفاصيل وباء كورونا، مختلطاً مع الكثير من التبجح والتعالي وسوء الخلق على الشاشات. ولعل سلوك العاني هذا كان جزءاً من شعبيته، ليس بالضرورة الشعبية الجيدة بل وفقاً للمبدأ القائل بأن “ليس هناك شعبية سيئة”. مع ذلك، فإن للعاني جمهور كبير يراه بطلاً ويرى في مصطلحاته الإنجليزية المتناثرة يميناً وشمالاً برهاناً على العلم والمعرفة. غير أن القليل من التقصي والاستماع بهدوء لهذا الرجل يرينا صورة مغايرة كلياً لذلك “العملاق” الذي يخشى الناس مواجهته، بل يبدو على العكس من ذلك تماماً وهو يستند على أكاذيب كبرى على رأسها تخصصه بالمناعة.

إن تخصص الطب البيطري هو تخصص رفيع الشأن وله بالغ الاحترام، لذا فلن يكون تخصص ماجد العاني بالطب البيطري جزءاً من ترسانة فضحه وهذا ما يجب أن يعرفه أي شخص مسبقاً وما يجب أن يتعامل به الجميع. لماذا نحتاج الى الاختباء خلف حواجز التخصص أو أن نهاجم التخصصات طالما أن بإمكاننا تحليل وفهم كلام الآخرين وتبيين الحق والباطل فيه؟ صحيح أن الطبيب البيطري لا يجوز له أن يصف الأدوية للناس مثلما لا يجب على طبيب الأسنان أن يفعل ذلك (إلا بنطاق محدود) ومثلما لا يجب على الطبيب البشري أن يصف الدواء للحيوانات. غير أن هذا لا يمنع من أن يكون لأي من هؤلاء اطلاعاً ومعرفة وآراءاً في المجالات الطبية بشكل عام. مع ذلك، فإن تشعب المعرفة صار يحتم على التخصصات أن تكون محاطة ببعض الجدران غير المعلنة، فلا نجد شخصاً قادراً على الالمام بمجال لم يتفرغ لدراسته سنيناً طويلة إلا نادراً، فهل يستطيع العاني أن يصبح عملاقاً للمناعة دون أن يتخصص بها؟ لكنه يقول أنه تخصص بالمناعة من جامعة نوتنغهام فكيف ذلك؟

أيضاً ما كنا لنتطرق للشهادة العليا – الدكتوراه – كميزة لولا أنه دأب على التبجح بها واكتساب الشرعية من خلالها أمام الشاشات وأمام أنظار العامة. لذا، صار لزاماً أن نوضح أن العاني على الأغلب لم يكمل الدكتوراه في جامعة نوتنغهام هذا إن كان قد بدأ بها من الأساس، وقد كذب بشكل علني بخصوصها. إلى التفاصيل.

 

أزمة الدكتوراه

توضيح: تأكدنا لاحقاً من حصول ماجد العاني على الدكتوراه وذلك بتاريخ لاحق لتاريخ نشر هذا المقال وهذا لا يصحح شيئاً من اخطاءه العلمية لكننا نتراجع عن التشكيك في حصوله على الدكتوراه له كما ورد أدناه (مراجعات).

تخرج ماجد العاني من كلية الطب البيطري في العام 2004، ويقول بأنه كان من الطلبة الأوائل لذا تم تعيينه في الكلية، ولعله صادق في ذلك فهذا العرف موجود في العراق حتى يصل بعض الأشخاص إلى تدريس الطلبة في بعض الكليات دون أن يكون لديهم شهادة دكتوراه أو ماجستير. عين العاني في شعبة الأمراض المشتركة بكلية الطب البيطري جامعة بغداد وأتاح له عمله في الكلية أن يدرس شهادة الماجستير في الوحدة ذاتها بين الأعوام 2007 و 2009 ليتم تعيينه كمحاضر حسب قوله. ثم عين بصفة رئيس لقسم الجودة والأداء في كلية الطب البيطري. حتى العام 2012 لم يكن لدى ماجد العاني أي منشورات علمية سوى 3 أبحاث واحد منها منشور في دورية محلية بجامعة الانبار وآخر في دورية مفتوحة غير مفهرسة (يمكن لأي شخص النشر بها) وآخر لم ينشر. أحد هذه الأبحاث كان حول أحد الامراض لدى الابقار والآخر حول فحص اجري للخراف والآخر حول قشور البيض.

في 2012 يفترض أن ماجد العاني تم قبوله في زمالة بجامعة نوتنغهام، وقد تأكدنا أنه حصل بالفعل على بريد الكتروني مصدق من الجامعة أي أنه باشر بالدراسة. لكن شيئاً ما حدث بحيث يبدو أنه لم يستمر بالدراسة. في السنة القادمة (2013) يظهر أن نشاط العاني متركز في العراق إذ قام بنشر ثلاثة أبحاث في جامعات الكوفة والانبار ودورية العلوم البيطرية العراقية.

مرت سنة وجاء عام 2014 وليس هناك أي دليل على أي نشاط أكاديمي خارج العراق ويبدو أن العاني متفرغ للأبحاث التي ينشرها في العراق ولا شيء في نوتنغهام. في عام 2014 قام بنشر بحث آخر في دورية العلوم البيطرية العراقية وقام أيضاً بوضع عمل غريب جداً ضمن واجهة الباحث الخاصة به في موقع جوجل.

زعم العاني أنه نشر بحثاً في جامعة نوتنغهام بمعية كل من الاستاذين ديفيد هيغ (David Haig) وروبيرت فلين (Robin Flynn) وكان بعنوان ” Toll-like receptors (TLRs) and T cell effector function versus immuno-suppression “. لا ندري من أين نبدأ، لكن مبدئياً فإن رابط هذا البحث كان يقود لموقع تابع للجامعة وخاص بالطب الرياضي ويظهر بأنه فارغ (استطعنا الدخول إليه من رابط آخر)، ولو لاحظنا اسم الملف الذي وضعه العاني لوجدنا أنه (Forum timetable 2014) حيث يبدو أنه مجرد جدول لمنتدى معين في الجامعة وبالفعل فلم يكن سوى جدول كما يمكن رؤيته في الرابط أسفل المقال. ويفتخر العاني ليرفع هذا الجدول في صفحته على لنكد أن مراهناً على عدم قدرة الناس على قراءة الإنجليزية، فيمكننا أن نرى ذلك الجدول. لكن للتأكد، ولعل ماجد العاني اخطأ في رفع الجدول وجدنا من الأمانة أن نتأكد من ملفي الاستاذين الذين يدعي العاني أنهما مشاركان له في البحث، لكننا لم نجد أي ذكر لذلك العنوان، أي أن هذين الاستاذين يؤكدان عدم عملهما على بحث بهذا الأسم ومع ماجد العاني.

يعود العاني ليشنر في صفحته على تويتر صورتين يريد بهما أن يثبت أنه حاصل على الدكتوراه من جامعة نوتنغهام، ويبدو أن رهانه على الجهل قد نجح أمام متابعيه. تشير الشهادة إلى منحه الدكتوراه في ديسمبر 2020. ولا تبدو هذه الشهادة مما يفتخر به ويعيد نشره العاني ربما لمعرفته بوجود خلل في الموضوع. تنشر جامعة نوتنغهام أسماء خريجيها من طلبة الدكتوراه أيضاً بل وتنشر أيضاً أسماء الطلبة، لكن لا مكان للعاني بينهم بالتأكيد، فهل قام بصناعة الشهادة في الفوتوشوب؟ حاولنا التأكد من الجامعة لكن ذلك يتطلب موافقة خطية من الشخص الذي يتم التحقق منه، وفي هذه الحالة نحن نعرض على ماجد العاني أن يقدم لنا موافقة خطية للتحقق من شهادته إن كان يمكنه ذلك.

من المحتمل أن العاني قد ذهب الى بريطانيا وباشر بالدراسة لكنه عاد في غضون سنة أو أقل إلى العراق ليعاني من أزمة ما حول السبب الذي أدى به الى الرجوع وليدعي ذلك الادعاء الصارخ بأنه قد أكمل الدراسة وينشر ذلك البحث المزيف والذي يتضمن عنوان فقط ورابط يؤدي الى جدول منتدى. ثم انقطعت اعماله البحثية بعد ذلك حتى العام 2019 حيث نشر بحثاً حول البيض في مجلة بحثية مشبوهة ومن طراز تلك المجلات التي يمكن لأي شخص أن ينشر فيها. خلال العام 2020، أتبع نشاطه بستة بحوث منها في المجلة المشبوهة ومنها ما هو غير منشور فعلياً ثم تفرغ لنجوميته عبر شاشات الفضائيات العراقية التي يمكن الظهور بها بكل سهولة لكل من يريد احداث زوبعة إعلامية تشد المشاهدين.

يمكن في بريطانيا الحصول على بحث الدكتوراه لأي شخص ومعرفة ما اذا كان قد نشر أم لا من البحث في الموقع (ethos.bl.uk)، وهو ما لم نجد به أثراً لماجد العاني أو اطروحته المزعومة.

وبالتزامن مع نجومية ماجد العاني فقد باشر بالعمل في التسويق لإحدى شركات بيع مستحضرات التجميل حيث يبدو أنه يسعى لجمع شبكة من المسوقين وليس أنه يعمل بدوام كامل فيها وقد وضع في صفحته في لنكد ان (LinkedIn) بالانجليزية ما ترجمته:

“هل ترغب بأن تبدو أكثر شباباً، أكثر نصوعاً، أجمل، أو نجم براق (أكاد أقول اكثر جاذبية)؟ هل ترغب بالعمل مع هذه الشركة؟ يمكنني أن اسجلك. ابق على تواصل.” نعود لنوضح مرة أخرى، لا مشكلة في العمل بهذه الشركة أو غيرها، لكن التسويق لمستحضرات التجميل بهذه العبارات من شخص “أكاديمي” لا يبدو مزيجاً مثالياً.

 

البروتوكول الزائف

في أحد اللقاءات التي جمعت ماجد العاني بأحد الأطباء أخذ ماجد بالصراخ على الطبيب قائلاً بأنه لم يأته بأي مصدر، في الوقت الذي كان يتكلم هو أيضاً دون أن يأتي بأي مصدر لما يقول. سنحاول هنا مناقشة مفردات بروتوكول ماجد العاني بالمصادر، والذي يزعم أنه أفرغ صالات المستشفيات (الردهات) وأن هناك ناكرين للجميل بحسب وصفه. كمشككين وبنظرة أولى لبروتوكول يتضمن الثوم والعسل والحبة السوداء وزيت الزيتون والزعتر يمكن القول بأن هذا هراء وعزف على أوتار الجهلة في الطبقات الشعبية في العالم العربي. لا يمكن أن تجتمع هذه المواد من أجل معالجة كورونا أو أي مرض آخر وهي كلها تمثل نجوم لامعة بين مروجي الطب الشعبي. مع ذلك، سنحاول مناقشة مفردات البروتوكول العلاجي:

الفيتامينات هي أول جزء من البروتوكول، ويشترط ماجد هنا أن تكون دون زنك أو فيتامين سي حيث يزعم بأن تسمم الزنك سيسبب أعراضاً شبيهة بأعراض كورونا. في البدء، علينا التساؤل، هل حقاً يمكن تلقيم أسلحة الجهاز المناعي في لحظة الإصابة؟ تبدو الفكرة ساذجة، وكأنك ستذهب لشراء مسدس عندما يضع أحد اللصوص المسدس برأسك. موقع هيلث لاين[1] حاول أن يجري استعراضاً للأدلة العلمية حول تأثير كل فيتامين على المناعة، لكنه يضع تحذيراً كبيراً في الأعلى بأن أياً من المكملات الغذائية لن تشفي أو تمنع الإصابة. لذا فإن سعي المرضى لتناول فيتامين سي يبدو مثل توبة متأخرة إذا ما محصنا النظر في تأثير الفيتامينات فعلياً. تحسن بعض الفيتامينات والمعادن الجهاز المناعي وكذلك يتردى عمل الجهاز المناعي في حال حدوث نقص في بعض الفيتامينات والمعادن، لكن هذا كله في كفة مقابلة لكفة للزمن المطلوب لحدوث ذلك. من الحتمي أن لا شيء يذكر سيحدث إذا ما استكملت حصتك من الفيتامينات خلال تلك الأيام مثلما لن تزول أي أعراض للنقصان الحاد للفيتامينات بشكل فوري. جسمنا لا يعمل بالسحر.

بالكلام عن الفيتامينات علينا أن نقول إن البينة على من ادعى. نعم، هناك دراسات تقول بأن الفيتامينات جيدة للمناعة، لكن كيف تم تحوير ذلك ليصبح “الفيتامينات تساعد على الشفاء”؟ بل إنه من الصعب جداً أن نجد دراسة تقارن حالات الشفاء من أمراض مثل الانفلونزا وكوفيد في ظل تناول فيتامين معين أم عدم تناوله.

أما حول الزعم بأن أعراض نقص الزنك شبيهة بكورونا، فهذا غير دقيق، هناك أعراض عامة تشترك بها حالات عديدة وبعضها يحدث في حال التسمم بالزنك مثل الغثيان والتقيؤ والاسهال والم المعدة ومن ثم بعض الاعراض الشبيهة بالانفلونزا. من الواضح أن معظم هذه الأعراض هي أعراض هضمية عند التسمم بالزنك.

الى جانب المكملات فقد ذكر الثوم والبصل والسمك ولنفس الغرض والفلسفة وهي تقوية المناعة.

ننتقل الآن الى الزعم الكبير الآخر الكركم صيدلية متكاملة ضد الفيروسات. هذا الزعم صحيح جزئياً وفيما يتعلق بالفيروسات التي تمت دراسة الأمر عليها والتي لسنا بموضع تقييم دقتها لكن على الأقل كان هناك من درس الأمر وافترض هذه الفرضية[2]. غير أن الأمر ذاته لا يمكن قوله عن الدارسين الذي يضعه ماجد العاني ضمن بروتوكوله قائلاً عنه “الدارسين مرتين في اليوم للانفلونزا والكورونا جرب وشوف: ينظف الصدر، ويقتل الفيروسات وعاصفة السيتوكينات لا تصعد، براءة اختراع في أمريكا مضاد للانفلونزا“. كيف ينظف الصدر؟ أين الدراسة التي تقول ذلك وهل هناك تعبير كهذا في العلم أساساً؟ وهل تقيم المنجزات الطبية ببراءات الاختراع؟ على كل حال فقد حاولنا أن نجد براءة الاختراع تلك ولم نعثر عليها مثلما لم نعثر على دراسات حول الدارسين تثبت تلك التأثيرات المزعومة.

من السذاجة أن نحاول إيجاد أساس علمي لخليط العسل والحبة السوداء لكننا فعلنا ذلك رغم معرفتنا التامة بسبب وجودها ضمن أي علاج يقدمه الدجالون. للعسل والحبة السوداء أهمية مكتسبة من النصوص الدينية لا غير، وهذه هي ميزتهما الوحيدة دون أي تأثير يذكر ضد الفيروسات. وهكذا الحال مع زيت الزيتون الذي ينال أهمية دينية لذكر الزيتون في القرآن وليس لأي سبب علمي.

الزعتر هو الآخر جزء من البروتوكول العلاجي ونستطيع أن نرى عدة دراسات يظهر فيها استخدام الزعتر او مستخلصه لمعالجة السعال لكننا لا نجد مستخلص الزعتر كعنصر أساسي لمعالجة السعال بل نجده يباع على حدة مع الأدوية المعتمدة على الأعشاب ويقول موقع ويب ميد بأنه لا توجد أي أدلة اكاديمية قوية بخصوص المزاعم حول تأثيراته.[3]

قد يختصر الموضوع بتعبير ماجد العاني عنه “علاج مال أهلنا” وفي العراقي يرمز ذلك للعلاج الشعبي التقليدي. وهذا هو الشعار العام لما يجمع تلك المواد وليس أي سبب علمي.

البروتوكول لا يبدو ثابتاً فلدى ماجد العاني مجموعة أخرى من الادوية التي لن نعقب عليها فهي كانت مثاراً للجدل في الأوساط الطبية وليس في اعتمادها أي فضل يعزى لماجد، بل هي مستخدمة من قبل الجهات الطبية التي ينعتها بالغباء. يصف العاني في لقاء آخر ضمن بروتوكوله مضاداً حيوياً (سيبروفلوكساسين)، كما يصف مضادات للتخثر ويحيل الامر إلى الطبيب هذه المرة، وعلاجاً للتقيؤ وأدوية من صنف الكورتيزون وأخيراً البلازما (لإنقاذ الحياة بحسب قوله). هل نسينا شيئاً مما حاولت الجهات الطبية تجربته ضد كورونا؟ باختصار يحاول العاني هنا أن يضع جميع العلاجات التي اعتمدت لفترة ما للتخفيف أو الشفاء أو تدارك الأعراض.

قد يحتج العاني مثل غيره من المتسلقين على وباء كورونا بقصص النجاح. والواقع أن التنبؤ بهذه السلسلة من الدجالين وقصص النجاح في مواجهة كورونا كان يمكن القيام به منذ البداية. من الواضح أن نسبة الوفيات منخفضة نسبياً وتكاد تبلغ 99% بشكل عام بل تصل إلى 100% في الفئات العمرية اليافعة رغم تعسر الشفاء في بعض الحالات والمرور بأوقات صعبة جداً تكلف المستشفيات الكثير من الوقت والجهد وأسرة العناية المركزة لبعض الفئات العمرية وللمصابين ببعض الأمراض (رغم أن ماجد يصرح بأنها 5% بحسب أحد روابطه). وهذا سيعطي لأي دجال الفرصة للادعاء بكسب المعركة. يمكن أن تبدأ بذلك اليوم وستحقق نجاحاً بنسبة 99%،[4] اخرج بادعاء مثل “الخس يعالج وباء كورونا” أو الجزر أو البقدونس وستحقق تلك النسبة ليس لأنك حققتها بل لأن الجهاز المناعي هو صاحب الفضل الأول في انتصاراتنا على كورونا وغيره.

الآراء حول كورونا واللقاحات

رغم أن ماجد العاني يحاول الحصول على الشهرة من كورونا، غير أنه يقلل من شأن المرض ويعزو الوفيات للحالات المستعصية كثيرة الأمراض فقط ويقول إن الإجراءات الطبية هي التي تقتل. لكن التناقض الحاصل لديه هو: لماذا تطرح بروتوكولاً علاجياً من صفحتين وتدعو لقدرتك على اخلاء ردهات الطوارئ من مرضى مصابين بمرض “تافه” سبب الوفاة به هو الإجراءات الطبية على حد قولك؟

يقول العاني ايضاً بأن كورونا مصنوع وليس طبيعي وذلك لأنه يهاجم أربعة أجهزة في الجسم. تصويره لآلية تركيب الفيروس تذكرنا بأفلام الكارتون وتحديداً كارتون خماسي. حول هذه النقطة علينا أن نكون موضوعيين، فما يحدث من مهاجمة عدة أعضاء في الجسم ومن ثم الوفاة هو أمر لا يحدث إلا بنسبة قليلة[5]. الأمر الثاني والذي يشرح مهاجمة فيروس كورونا للعديد من الأجهزة هو ببساطة متعلق بقدرة الفيروس على مهاجمة آلية معينة في الخلايا لا بأنه سيهاجم الأجهزة في الجسم بصفة خاصة.[6] أما الأمر الثالث حول هذه القضية فهو أن كورونا المستجد 2019 ليس وحده الذي يهاجم عدة أجهزة بل سلفه السارس أيضاً والذي يرى العاني بأنه كان فيروس طبيعي ولم يكن مصنعا. يقول الباحثون في عام 2005 عن سارس بأنه: “قادر على إصابة أنواع عديدة من الخلايا في العديد من الأجهزة”.[7] فهل هذه هي الحجة الأبرز لدى ماجد العاني حول أن كورونا مصنع؟

أما فيما يتعلق باللقاحات، فقد نشرنا سابقاً مقالاً مطولاً يشرح الآراء غير العلمية ضد اللقاحات (من ترجمة حلا الرفاعي، كلا لقاحات كوفيد لن تغير حمضنا النووي إلى الأبد). وهنا أيضاً نجد في رفض ماجد العاني وتحامله على اللقاحات مغالطة كامنة. فاللقاحات ليست مصنوعة بآلية واحدة وكل لقاح له طريقة عمل مختلفة تماماً بعضها تقليدي ولا يختلف عن اللقاحات القديمة للأمراض الأخرى، فلو افترضنا وسلمنا جدلاً بوجود خلل في أحدها فلا يصح أن نعمم ذلك على جميع اللقاحات.

العاني فرح مثل كثيرين غيره عندما علقت بعض البلاد الأوربية استخدام لقاح أسترازينيكا قبل أيام ليقول ربما أنهم سمعوا نصيحته (نمزح في هذا لكنه غير مستبعد منه)، لكن تعليق اللقاحات هذا سرعان ما زال وثبت عدم صحة المزاعم حول خطورة اللقاح. فما قول العاني وأمثاله الآن؟

بنفس الطريقة وبشكل عام يمجد العاني بريطانيا كثيراً وذلك إلى جانب تبجحه بشهادته الزائفة التي لم يحصل عليها. يقول في أحد الفيديوهات “بريطانيا لا تخضع للصين” مشيراً إلى نفسه بـ “بريطانيا” وإلى خصمه الدارس في الصين بـ “الصين”. لكن ألا يجدر به أن يضع آراء الفئة التي يمجدها في الحسبان أو أن يعطي اعتباراً لسياسات “بريطانيا” الرسمية؟ هل يوافق المجتمع العلمي فيها على آراءه؟ بالتأكيد سيقول مقولته “أجمع العلماء” ولم نر أي اجماع مما ذكر بل هذا هو صنف مكرر من الأدلة التي يتكلم بها فحسب دون أن نرى لها أثراً.

 

دعوات إلى المناظرات

أحد الذين خاضوا سجالات غير مباشرة مع ماجد العاني هو الطبيب زياد طارق والذي حاول جهد الأمكان أن يفند ما يروج له ماجد العاني وأن يناظره كما يطلب العاني ليل نهار. وزياد طارق بخلاف العاني هو طبيب وباحث. عرض زياد في صفحته نموذجاً لمكالمة رفض فيها العاني مواجهته بحجة أن لا أحد يملي شروطه على “الأسد” كما يدعو نفسه “أسد المناعة”. كما أشار الدكتور زياد طارق إلى ملاحظة هامة جداً في أحد فيديوهاته حيث لفت الانتباه الى المرات التي تجاوز عليه فيها ماجد العاني وهذا دون أن يحدث لقاء مباشر متلفز بينهما، يقول زياد إن هذا هو أسلوب ماجد العاني أمام كل شخص يحاول مواجهته إذ يواجهه بالشتم والانتقاص فيبتعد ويحسب العاني ذلك انتصاراً.

إذاً فالعاني سيهاجم الأشخاص بشكل يجعلهم يهربون حفاظاً على كرامتهم وسمعتهم من الجلوس أمام شخص مثله أمام الناس. أي أنه يتبع إستراتيجية الضربان في مواجهة خصومه، إطلاق الرائحة الكريهة ليهرب الخصوم. هذه الإستراتيجية لن تنجح مع العلوم الحقيقية، والعلوم الحقيقية ستضع هذا المقال ليكون في غضون أسابيع قليلة ضمن نتائج البحث الأولى عن “ماجد العاني” ليعرف معجبوه بعض الحقائق عنه قبل أن يبدؤوا بتمجيده. أيضاً، نحن مستعدون لحذف أو تعديل ما في هذا المقال جزئياً إذا ما جاء ماجد العاني أو غيره بدليل معاكس.

 

فيما يلي روابط لما أشرنا إليه في المقال مع ملاحظات:

رابط البحث المزيف (سيظهر خطأ 404 صفحة غير موجودة) لكن يمكن تحميلها من هنا وسيظهر أنه جدول فقط

صفحة أبحاث ماجد العاني

صفحة الأستاذ ديفيد هيغ

صفحة الأستاذ روبيرت فلين

موقع للشهادات المزيفة

رابط الشهادة على تويتر

رابط لجمعية بيطرية سجل فيها العاني في بريطانيا

رابط لحديث زياد طارق

مؤتمر المناعة في لندن – أشار له العاني كمصدر وكأحد المحافل التي يفتخر بها ولم نعثر على مؤتمر كهذا

كونغرس المناعة في ليفربول – لم نعثر على تجمع بهذا الاسم

Online Journal of Veterinary Research مجلة عليها تحذير وليس لها تقييم

Faculty Postgraduate Research Forum (Faculty of Medicine and Health Sciences) The University of Nottingham, ‎UK هذا ليس اسم مؤتمر بل اسم قسم في الجامعة كان يعطي تدريبات وقد أشار له العاني بصفته مجلة بحثية قام بالنشر بها وهذا كذب

International Journal of Plant Research احدى المجلات التي نشر فيها العاني وهي مجلة مفتوحة دون تصنيف

 

السيرة الذاتية على موقع جامعة بغداد حيث يدعي ماجد العاني أن البحث أعلاه هو بحث الدكتوراه الخاص به

ملاحظة: قد يقوم ماجد العاني بحذف بعض تلك المواد التي أشرنا إليها لكننا قمنا بتصوير العديد من الصفحات التي تتضمن تلك المزاعم وسننشرها في حال قام ماجد العاني بحذفها

[1] The 15 Best Supplements to Boost Your Immune System Right Now, Healthline, May 7, 2020

Yaoming Li, Jing Wang, Yinchuan Liu, Xiang Luo, Weiqiang Lei, Lilan Xie. Antiviral and virucidal effects of curcumin on transmissible gastroenteritis virus in vitro. Journal of General Virology, 2020; DOI: 10.1099/jgv.0.001466

[3] https://www.webmd.com/vitamins/ai/ingredientmono-823/thyme

[4] Dr Sabine L. van Elsland, COVID-19 deaths: Infection fatality ratio is about 1% says new report, 29 October 2020, Imperial College of London

[5] Prasad, Ashish, and Manoj Prasad. “Single virus targeting multiple organs: what we know and where we are heading?.” Frontiers in medicine 7 (2020): 370.

[6] Shen Li, Feiyang Ma, Tomohiro Yokota, Gustavo Garcia Jr., Amelia Palermo, Yijie Wang, Colin Farrell, Yu-Chen Wang, Rimao Wu, Zhiqiang Zhou, Calvin Pan, Marco Morselli, Michael A. Teitell, Sergey Ryazantsev, Gregory A. Fishbein, Johanna ten Hoeve, Valerie A. Arboleda, Joshua Bloom, Barbara J. Dillon, Matteo Pellegrini, Aldons J. Lusis, Thomas G. Graeber, Vaithilingaraja Arumugaswami, Arjun Deb. Metabolic reprogramming and epigenetic changes of vital organs in SARS-CoV-2 induced systemic toxicity. JCI Insight, 2020; DOI: 10.1172/jci.insight.145027

[7] Gu, Jiang, et al. “Multiple organ infection and the pathogenesis of SARS.” Journal of Experimental Medicine 202.3 (2005): 415-424.