لو قام رجل من الشعوب السامية بفحص الحمض النووي للمجموعة الفردانية للكروموسوم واي فهناك نسبة كبيرة أن تكون النتيجة المجموعة J بأحد تفرعاتها ورغم قلة المعرفة بهذا المجال بين الناس بشكل عام فقد تكون هذه المجموعة أكثر شيوعاً في الشرق الأوسط وشمالي افريقيا وجنوبي أوروبا وتمتد بنسب أقل حتى وسط وجنوب آسيا ومناطق أخرى في أوروبا كما تتواجد المجموعة في القرن الأفريقي وإثيوبيا. وكذلك الحال فمن الممكن أن تظهر العديد من نتائج الحمض النووي في والأناضول واليونان وإيطاليا وإيران ضمن المجموعة ج. قد تسود مغالطة بأن هذه المجموعة تمثل الشعوب السامية أو اللغات السامية تحديداً لكن هذا غير صحيح، فالمجموعة الفردانية تغطي مساحة كبيرة ويتواجد أفرادها ضمن شعوب عديدة في جنوب أوروبا أيضاً وفي الأناضول وإيران والقوقاز دون شرط وجود قرابة بين هؤلاء وبين سكان الشرق الأوسط بفعل أي توسع أو غزو حديث بل يرجع ذلك لتفرعات تعود لعصور قديمة.

تكون المجموعة الفردانية J وانفصالها إلى فرعين

تبدأ قصة المجموعة J من فترة زمنية قد تبعد 40 ألف سنة عن وقتنا الحالي منفصلة عن المجموعة الأم IJ والتي يتوقع تواجدها في منطقة تمتد بين الشرق الأوسط وأوروبا. ويعرف الفرع J من خلال طفرة تعرف بالطفرة M304 والتي ما زالت تشير للمجموعة التي تسمى باسم هذه الطفرة. يتركز تواجد المجموعة ج بفحوص الحمض النووي للذكور في يومنا هذا في بؤرتين رئيسيتين الأولى جنوبية وتمثل شبه الجزيرة العربية والمنطقة المقابلة من أفريقيا لاسيما في السودان، فيما تتركز البؤرة الثانية في القوقاز. ويعتقد أن المجموعة ج بشكل عام قد وردت من الأساس إلى الشرق الأوسط من منطقة شمالية حيث توقعت إحدى الدراسات المنشورة حديثاً في مجلة نيتشر حول الفرع الجنوبي من المجموعة ج، والمعروف بـ J1-M267 أو اختصاراً J1 أو ج1، من منطقة تقع في القوقاز أو شمال غربي إيران قبل 20 ألف سنة وذلك استناداً إلى تحليل مئات العينات من الفرع M267. تتوقع الدراسة أيضاً أن الفرع الآخر الجنوبي من السلالة ج J-P85، السائد اليوم في شبه الجزيرة العربية والشام وجنوبي العراق، ينحدر من ذات المنطقة في القوقاز أو شمال غربي إيران وقد انتقل إلى شبه الجزيرة العربية في بدايات الهولوسين قبل حوالي 9500 سنة مثلما هو الحال مع الفرع الأصلي  J1-M267 وأن ذلك يتزامن مع انتشار اللغات الأفروآسيوية ومع انتشار الرعي المتنقل في المنطقة[1].

المجموعة الفردانية ج1 J1 وانتشارها

المجموعة الفردانية ج1 J1 وانتشارها

في البحث المنشور في منشورات جامعة كامبردج (Cambridge University Press) عام 2015، يخلص الباحثون إلى نتيجة مثيرة للاهتمام جداً وذات صلة بالمناخ فيما يتعلق بتوزيع كل من المجموعتين ج1 وج2. حيث يجد الباحثون أن المجموعتان تنقسمان في العصر الحجري بحسب توزيع المطر ففي المناطق التي يقل المطر فيها عن 400 مليمتر يلاحظ انتشار المجموعة ج1 (الجنوبية) أكثر، فيما يلاحظ انتشار المجموعة ج2 في المناطق التي يزيد فيها المطر عن 700 مليمتر في العام. يعزو الباحثون ذلك إلى اختلافات اجتماعية قد تكون حدثت في  فترة تتراوح بين 10 الاف الى 12 ألف سنة قبل الآن لتفصل المجموعتين بهذا الشكل.[2]

بدأ انتشار المجموعة ج1 جنوباً في بدايات الهولوسين قبل قرابة تسعة آلاف سنة وارتبطت بالجفاف أو المناطق شبه الجافة والرعي. كما أن المجموعة ترتبط بانتشار اللغة العربية دون شرط أن يكون أفراد هذه المجموعة أساساً من متحدثي فرع من اللغات السامية أو ما يمت بصلة لها لكن مع اكتساب أو ظهور هذا الفرع من اللغات السامية لاحقاً فقد أصبح مقترناً بالمجموعة ج1 .6

تربط دراسات عديدة ذكرها البحث السابق انتشار الزراعة مع انتشار المجموعة ج الأم J- M304، ومثلما تذكر الدراسة تزامن انتشار الرعي مع الفرع الجنوبي ج1 فإنها تربط انتشار الزراعة في المناطق الشمالية من غرب آسيا مع انتشار الفرع ج2 المعروف بـ J2-M172.

كما يربط بعض الباحثين انماطاً ثقافية معينة، مثل التلوين والرسم على الجرار، مع مجاميع بشرية كانت رائدة في إيجاد تلك الأنماط الثقافية. وفي هذه الحالة فيمكن للكروموسوم واي وما يحمله من مجموعات فردانية أن يمثل دلالة على مجموعة معينة مرتبطة بعادة ثقافية. يربط الباحثان روي كينغ (Roy King) وبيتر اندرهيل (Peter Underhill) بين المجموعة الفردانية ج2 وانتشار التلوين والرسم على الجرار وينطلق ذلك من الأناضول إلى جنوبي أوروبا في وقت متزامن مع انتشار تلك المجموعة في تلك المناطق. [3]

وجدت آثار للمجموعة ج2 في أحد الكهوف في جورجيا وكذلك في كهف بمازندران في إيران وكلاهما يرجعان لحقبة تتراوح بين ثمانية آلاف إلى تسعة الاف سنة قبل الآن. ويرتبط هذان الموقعان بإحدى مجاميع العصر الحجري التي تتميز باستخدام أدوات حجرية معينة تعرف بالترياليتية (Trialetian) قبل فترة تتراوح بين 16 ألف إلى ثمانية آلاف سنة قبل الآن، وقد تكون نسبة كبيرة من الذكور في تلك المجموعة ممن ينتمون للمجموعة ج2 في كروموسوم واي. وضمن رقعة جغرافية قريبة، في كردستان الحالية حيث ترتبط تسمية مجموعة العصر الحجري المعروفة بالزرزية (Zarzian)[4] بالمجموعة الفردانية ج فقط دون إمكانية تحديد الفرع بدقة عبر الفحوص.[5]

المجموعة الفردانية ج2 J2 وانتشارها

المجموعة الفردانية ج2 J2 وانتشارها

انتشار المجموعة الفردانية J

تجدر الإشارة إلى أن تصنيفنا للمجموعة ج1 بأنها جنوبية يشير فقط إلى بؤرة تركيزها، غير أن إنتشار هذه المجموعة يصل إلى جنوب أوروبا ايضاً، وكذلك الحال مع المجموعة ج2 الشمالية فيمكن أن يتواجد أفراد من العرب في العراق وشبه الجزيرة العربية أيضاً بنسبة أقل ممن تظهر الفحوص وجود هذه المجموعة في الكروموسوم واي للحمض النووي للذكور لديهم.

تغطي المجموعة J-M267 اليوم نسبة كبيرة من فحوص الحمض النووي للذكور في شبه الجزيرة العربية وتحديداً السعودية وقطر كما أظهرت بعض الدراسات. كما تتواجد بنسب عالية في دراسات شملت العراق، الجزائر، مصر، سوريا، البدو بشكل عام، اليهود الاشكناز، تونس، وبلاد أخرى. وتتفرع المجموعة إلى فروع أصغر بحسب هذه المجاميع السكانية أو المناطق الجغرافية. فيما تتواجد المجموعة J-M172 في أوروبا بنسبة أكبر وتحديداً في جنوب أوروبا وذلك بحسب دراسة منشورة في مجلة سيل (Cell) عام 2004[6]. تتوقع الدراسة المذكورة سابقاً أن الذكور من المجموعتين J-M67 و J-M92 وهما من المجاميع الفرعية لـ J-M172 قد عبروا خلال العصر الحجري من الأناضول نحو أوروبا كما تواجدت مجاميع فرعية من ج2 في الهند وباكستان الحاليتين مثل J-M67 الذي يتواجد أيضاً في القوقاز وJ-M12 وتعد حالة التواجد في شبه القارة الهندية أقل نسبة وتقتصر على فروع محدود من ج2 مثل الفروع التي ذكرتها الدراسة.

تختص دراسات عديدة في كل من المجموعة J وتفرعاتها والمجموعة E ضمن ذات البحث لاسيما حين يتعلق الأمر بالمجاميع التي عاشت في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا وجنوب أوروبا. وفيما تتواجد ج1 بنسبة أقل في شمال أفريقيا وأوروبا، فإن المجموعة ج2 تتواجد بنسبة أكبر في هذين الاقليمين بتوزيع معاكس لـ ج1 حيث تتواجد بنسبة أقل في الشرق الأدنى.[7] وتقترح الدراسة أن السكان القاطنين في شمال أفريقيا بشكل عام يمثلون هجرات حديثة بشكل عام، أي من الحقبة التي تعود إلى 15 الف سنة قبل الآن حيث ذكرنا تواجد المجموعة E في شمال أفريقيا، كما تتواجد تفرعات ج أيضاً في الكروموسوم واي للذكور.

وفيما تعد الهجرات البشرية حديثة في شمال أفريقيا، فإن من ذرية من استوطنوها من المجاميع القادمة في آخر خمسة آلاف سنة يشكل نسبة أكبر بكثير من تعداد السكان الحالي[8] بالمقارنة مع المتحدرين من جماعات أقدم. وتمثل المجموعة ج2 جيلاً سابقاً لهؤلاء الذين عبروا إلى جنوب أوروبا في فترات أقدم كما أوضحنا، وفي الوقت ذاته فهم أحدث من مجاميع أخرى استوطنت أوروبا سابقاً كما أوضحنا في مقالات حول المجموعة I والمجاميع C وG وH.

يفترض أن مناطق من الشرق الأوسط كالشام لم تكن مأهولة سوى بثقافة النطوفيين التي وجدت فحوص الحمض النووي لبقايا الذكور فيها أنهم من المجموعة الفردانية أي (Haplogroup E) وأنهم تواجدوا في فترة تتراوح بين 15 ألف إلى 10 آلاف سنة قبل الآن. شكل قدوم المجموعة J إلى الشرق الأدنى تغيراً في تركيبة السكان المتواجدين يضاف إلى المجاميع القاطنة سابقاً في المنطقة.

تنتشر المجموعة ج2 أيضاً في وسط آسيا بين الاويغور والكازاخ والاوزبك وغيرهم بنسب قد تصل إلى ثلث تعداد العينة في بعض الأحيان وذلك في دراسات جينية عديدة أجريت على الذكور من هذه المجاميع. ولا تقل النتائج في بعض الدراسات عن 10% حتى في أماكن قاصية تكاد تبلغ العمق الصيني.

هجرة اليهود إلى أوروبا

مما يميز المجموعة ج بفرعيها ج1 وج2 هو الهجرات الحديثة نسبياً التي نشرت خطوط جينية ضمن مناطق جغرافية غير مألوفة للمناطق التقليدية لتواجد المجموعة ج. تتوفر دلائل تاريخية عديدة لسنا بصدد عرضها وتقييمها على تواجد اليهود في القرون الثلاث الأخيرة قبل الميلاد بمناطق كاليونان وروما وذلك قبل هدم الهيكل ونتيجة للصلات التجارية. ومثل ذلك تسرد بعض الروايات التاريخية أسر آلاف اليهود من فلسطين ونقلهم إلى روما بعد احتلال الرومان للقدس وكذلك بموجات لاحقة أيضاً بعد الاحتلال الروماني. أما في الالفية الأولى بعد الميلاد فتكثر الدلائل التاريخية على تواجد اليهود في مختلف مناطق أوروبا. لاحقاً صارت مجاميع اليهود القاطنين في أوروبا تعرف بتسميتين بحسب مناطق سكن اليهود ولغاتهم، ففي جنوب أوروبا صار اليهود يعرفون بالسفارديم ويشير المصطلح تحديداُ لإسبانيا التي تعرف بالعبرية بـ “سفرد” وصار المصطلح يغطي اليهود في شمال أفريقيا ايضاً فضلاً عن اسبانيا والبرتغال لاسيما بعد تهجيرهم مع العرب اثر انهاء آخر إمارة ذات غالبية مسلمة في الأندلس. أما اليهود المتواجدين في أجزاء أوروبا الأخرى فيعرفون بالاشكناز. وقد درست هذه المجموعتين ضمن العديد من الدراسات وهو ما يهمنا في هذا السياق لتصديق الاحداث التاريخية ومحاولة فهمها.

لا توجد إجابة مختصرة تحسم تاريخ هجرة اليهود إلى أوروبا، لكن ما يمكن قوله هو أن الأصل الشرق أوسطي واضح جداً في اليهود المتواجدين في أوروبا.[9] قدم أحد الباحثين ويدعى إيران الحايك فرضية تستند إلى حد كبير إلى مشهد تاريخي ضيق، لاسيما تحول مملكة الخزر إلى اليهودية وافترض أن اليهود الأوروبيون ليسوا شرق أوسطيين بل هم من الخزر[10] – الترك – غير أن فرضيته لم تكن صائبة وفق تقييم الباحثين في المجال. كما يرى البعض أن اليهود الاوربيون هم أوروبيون، وهذا صائب جزئياً من حيث ارتفاع نسبة الحمض النووي الميتوكوندري الأوروبي في اليهود الاشكيناز[11] وتواجد خطوط الآباء الأوروبية من الكروموسوم واي أيضاً، لكن الخطوط الشرق أوسطية موجودة أيضاً بما في ذلك ج1. من الحقائق المثيرة للاهتمام ايضاً والتي قد لا تتعلق بالمجموعة ج، هي تعرض اليهود الاشكيناز في خطوط الأمهات إلى تأثير المؤسس في القرن الخامس عشر في ألمانيا حيث يعتقد أن نسبة كبيرة منهم ترجع إلى عدة نساء فقط[12].

القصة كما تحاول دراسة زوي (Xue) وزملاءه، المنشورة في بلوس ون (Plos One)، تلخيصها هي أن اليهود خالطوا السكان الأوروبيين لأول مرة حال قدومهم إلى جنوب أوروبا، ثم تبع ذلك تأثير المؤسس الذي أشرنا إليه مع القلق من التخالط مع السكان في شرق أوروبا. ثم حدثت حالات تخالط لاحقة حديثة في الالفية الثانية في النصف الشمالي من أوروبا أيضاً. وفيما يخص المجموعة ج، فإن دراسات عديدة تجد نسباً تتراوح تتراوح بين 5-30% من عينة الدراسة من اليهود الاشكيناز أو السفارديم الذين يصنف الحمض النووي لهم ضمن المجموعة ج بأحد فرعيها دون ضرورة أن يكونوا متحدرين من الشرق الأوسط. تجد دراسات أخرى أيضاً طفرات وراثية يحملها اليهود الأوروبيون وترجع إلى الشرق الأدنى دون شرط أن يكون أفرادها منتمين لخط الآباء القادم من هناك والذي يقتصر بفحصه على سلالة الآباء.

من المثير للاهتمام أيضاً في دراسة فحوص الحمض النووي لليهود الذين هاجروا هو أن الديانة اليهودية، وفقاً لشريعتها، لا تعتد بديانة الأب في انتقال كل من الدين والقومية إلى الأبناء بل تعتد بالأم. ومع ذلك، فقد حافظت سلالات أبوية عديدة على مسارها عبر آلاف السنين أثر الهجرة من الشرق الأوسط إلى أوروبا.

شرق أوسطيين في العالم الجديد

عند تصفح موقع Y-Full الذي يوثق فحوص الحمض النووي للكروموسوم واي الشاملة (أي التي تغطي جميع أجزاء الكروموسوم وجميع تفاصيله وطفراته) يمكن ملاحظة بعض النتائج في أمريكا اللاتينية بأماكن مثل كولومبيا أو الأرجنتين أو المكسيك. قد يبدو مثيراً للاستغراب كيف وصلت الخطوط الجينية التي تتواجد في العادة في الشرق الأوسط ومحيطه هناك.

وفي الواقع هناك سببان تاريخيان لظهور عينات كهذه في العالم الجديد: الأول هو الهجرات الحديثة من بلاد الشام إلى العالم الجديد، والثاني المثير للاهتمام، هو أن خطوط الحمض النووي الشرق أوسطية، والشمال-أفريقية كانت قد انتقلت بنسب قليلة إما عبر الحكم الإسلامي للأندلس، أو أن تكون هناك خطوط ج2 قديمة ترجع لهجرات أقدم منذ فترة انتقال ج2 الى جنوب أوروبا. تظهر الدراسات أن هناك تخالط يصل في أسبانيا إلى 10% مع سكان شمالي أفريقيا و19% مع اليهود السفارديم. وتعزو الباحثة سوزان ادامز وزملائها[13]  إلى اندماج الكثير من المسلمين واليهود ضمن السكان إثر التحول الديني القسري أو الاختياري بعد هزيمة المسلمين في الأندلس. وبطبيعة الحال كان هذا هو السبب في انتقال ذلك في القرون القادمة إلى العالم الجديد حيث انتقل كثير من الإسبان إلى هناك وصاروا يشكلون نسبة من السكان.

انتشار الإسلام والمجموعة الفردانية J

تشير دراسة جينية نشرت في الدورية الأوروبية للجينات البشرية (European Journal of Human Genetics) إلى تواجد من المجموعة الفردانية ج بين المسلمين الهنود.[14] يمثل المسلمون اليوم 13% من سكان الهند، وبدأ الإسلام بالانتشار هناك منذ القرن الثامن الميلادي ورغم أن الإسلام كدين هو مجموعة من المفاهيم الثقافية غير القائمة على النسب والمجموعة العرقية، غير أن التخالط بين فئات مختلفة عابرة للأقاليم الجغرافية يترك آثاره على التركيبة الجينية أيضاً. قام الباحثون بفحص قرابة 400 هندي مسلم للحمض النووي للميتوكوندريا والحمض النووي للكروموسوم واي وتنوع المسلمون الذين تم فحصهم بين الطوائف الإسلامية المختلفة، كما استندوا إلى قيم مرجعية للحمض النووي من الشرق الأوسط، فضلاً عن فحوص للحمض النووي لهنود من الهندوس. غير أن تواجد الجينات من غرب آسيا – بما في ذلك المجموعة ج – في الهند كان من الأساس موجوداً نتيجة لتأثيرات أخرى مثل التخالط مع الشعوب الإيرانية، وهنا واجه الباحثون صعوبة في فرز التأثير الإسلامي عن غيره، غير أنه كان ملحوظاً بنسب تقل عن 10% لمعظم المجتمعات.

ينعكس تأثير مشابه على أندونيسيا لكن بشكل محدود جداً حيث يمكن ملاحظة نسبة تصل إلى 1% في إحدى الدراسات من الذكور الذين يظهر أن الحمض النووي للكروموسوم واي لهم يصنف ضمن المجموعة ج. يرى الباحثون أن ذلك التأثير المنحصر في جاوة وبالي قد يرجع إلى إنتشار الإسلام وتأثير الهنود والعرب على اندونيسيا[15]. كما ينعكس التأثير مرة أخرى على مدغشقر التي استوطنها وحكمها الاندونيسيون والتي كانت لها أيضاً صلات تجارية مع العرب وهو ما يُظهر امتداداً بعيداً للجينات من غرب آسيا وشبه الجزيرة العربية تحديداً بما في ذلك المجموعة الفردانية ج نحو مكان كمدغشقر.

وبمناقشة تلك الأقاليم البعيدة فإن من الغني عن الذكر كيف أن ذلك التخالط الجيني الناتج عن انتشار الإسلام يزداد في الأقاليم الأقرب لنقطة بدء انتشار الإسلام من شبه الجزيرة العربية مثل إيران ومصر وشمال أفريقيا والأناضول. لكن، ومثلما هو الحالة في تقصي التأثير الإسلامي، فإن التحقق من الأمر يصبح أصعب في الأقاليم الأقرب لشبه الجزيرة العربية. تعزو إحدى الدراسات الجينية حول إيران ذلك التخالط إلى هجرات سحيقة القدم، أو نتيجة نشاط الرعاة الذين يتنقلون بشكل دائم، أو نتيجة تأثير الهجرات الحديثة والغزو مثلما حدث حين ظهور الإسلام وما بعده. [16] تذكر بعض الكتب مثل رسالة الدكتوراه لغلام حسين صديقي، الحركات الدينية في إيران في القرون الإسلامية الأولى، كيف أن هناك حالات إنتقل فيها العرب للتوطين في إيران وبلاد ما وراء النهر (أوزبكستان وطاجيكستان وكازاخستان الحالية)، ولذلك تأثير بلا شك يمكن تعزيزه بالدراسات الجينية التي تظهر تخالط حديث بين المجاميع البشرية في آخر ألفيتين.

أما في أفريقيا ولاسيما الصحراء الكبرى وما دونها فلا تنطبق الحالة دوماً إذ تُبلغ إحدى الدراسات عن عدم وجود عينات من المجموعة الفردانية ج وسط تعداد معين من الأمازيغ. أما في حالة قبائل البجا بشرق أفريقيا فيرى الباحثون من ذات الدراسة أن أصل البجا قد يعود إلى شبه الجزيرة العربية في فترة قديمة[17]، الأمر الذي قد ينطبق على مجاميع سكانية عديدة تتحدث لغات سامية أو أفرو-آسيوية في شرق أفريقيا سواء كانوا من المسلمين أو غير المسلمين ولا يعزى ذلك بالضرورة إلى تأثير الإسلام. تواجد المجموعة ج يكاد ينعدم في المجاميع السكانية في أفريقيا دون الصحراء. يتواجد ذكور يحملون المجموعة ج ضمن تشاد ودارفور لكن ليس في أماكن مثل الكونغو أو الكاميرون أو أنغولا أو جنوب أفريقيا حتى في حالة المجاميع التي يدين معظم أفرادها بالإسلام.

 

السادة الأشراف والمجموعة الفردانية J

تعتد طوائف إسلامية عديدة بنسب الأفراد المتحدرين من سلالة النبي محمد، وتحمل تلك السلالة والمنتمين لها أسماء عديدة مثل العلويين (لا يعنى بذلك الديانة العلوية) أو الأشراف أو السادة. ونظراً لأهمية قضية النسب بالنسبة للكثيرين، وتحديداً إثبات هذا النوع من النسب الذي قد تترتب عليه مكانة اجتماعية مرموقة أو حتى بعض المكاسب، فقد شرع الكثيرون باللجوء إلى فحص الحمض النووي لإثبات الانتماء للنسب العلوي.

من الممكن التحقق علمياً من قضية مثل النسب وذلك من خلال فحص عينات قديمة واثبات إنتماء أشخاص حاليين لذات النسب أو من خلال اجراء فحوصات لمن يعتبرون ضمن مجتمعاتهم من حاملي ذلك النسب وهذا ما حدث بالنسبة للنسب الشريف أو النسب العلوي حيث يعرف فرع معين من ج1 وهو J- CTS9501. وبطبيعة الحال، فقد وجد كثيرون أنهم لا ينتمون بالفعل إلى ذلك النسب رغم الاشاعة والاعتقاد الممتد إلى مئات السنين ربما من أعمار بعض العوائل، كما قد يجد البعض أنهم ينتمون لهذا النسب حتى لو لم يكونوا من المسلمين أو العرب حتى وذلك نتيجة للانتشار الواسع.

يمتلك اليهود حالة مشابهة للنسب الشريف وهم الأشخاص الذين يفترض رجوع نسبهم إلى هارون أخو موسى – النبي والشخصية الأبرز في تاريخ الديانة اليهودية ويعرف هؤلاء بالكوهين وقد وجد أن كثيراً من هؤلاء ينتمون إلى خط معين من ج1 أو ج2، حيث وجد أن هناك شخصان يمثلان السلف المشترك لهذا الخط أحدهما عاش قبل ألف سنة وينتمي حمضه النووي إلى المجموعة ج1، والآخر ينتمي إلى ج2 وعاش قبل ما قد يصل إلى 3000 سنة[18]. ومثلما يحدث مع الأشراف فإن هناك احتمالاً كبيراً أن لا يكون الذين يفترض انتمائهم لهذا الخط كذلك، كما قد يجد شخص آخر لا يعتبر يهودياً اليوم أنه ينتمي لتلك السلالة.

يمكن الاطلاع على مشاريع فحوص الحمض النووي في موقع فاملي تري دي إن أي (Family Tree DNA) لكل من هاتين المجموعتين في الروابط: العرب الأشراف، اليهود الكوهين.

قراءة جديدة لتاريخ الشرق الأوسط في ظل فحوص الحمض النووي

تقطن الشرق الأوسط أقدم الجماعات التي بدأت بالكتابة والتي قامت بنشر تلك التقنية إلى أنحاء العالم. حيث شرع السومريون والمصريون بتقديم أنماط معينة من الكتابة والتي تطورت لاحقاً لتنتج أنماط عملية أكثر من الكتابة بالأحرف الأبجدية مثل الفينيقية والآرامية التي كانت في فترات معينة لغة التواصل المشترك لمساحة تمتد من الصين إلى أوروبا. يضاف إلى اللغة أن الآثار الموجودة في الشرق الأوسط تعد الأقدم حيث يوجد في جنوب الأناضول أحد أقدم المواقع الأثرية التي تتضمن بناءاً ذو صلة بالطقوس لاسيما في غوبكلي تبه (Gobekli Tepe) فضلاُ عن الآثار في مصر وجنوب العراق والشام والمواقع التي تدل على أقدم المدن في تاريخ العالم. ويضاف إلى ذلك أيضاً الاساطير المحلية في الشرق الأوسط والتي تداخلت مع اليهودية لتمتد إلى عصرنا هذا مكتسبة شرعية دينية فضلاً عن كونها قد لا تكون خالية من السياق التاريخي تماما، أي أنها قد لا تكون محض أساطير.

كل ذلك البعد التاريخي وضع الاكتشافات الناتجة من الحمض النووي، وفي حالة نادرة، أمام رواية منافسة قادمة من الأديان، النصوص المكتوبة، الآثار ومن ثم التفسيرات التاريخية المبنية على كل هذه الأدلة قبل دخول الحمض النووي إلى ميدان البحث التاريخي. ويمكن وفق ما نعرفه من تغير تركيبة الحمض النووي عبر السنوات أن نصل إلى قراءة جديدة لتاريخ الشرق الأوسط.

تتحدث الروايات التوراتية مثلاً عن طوفان غمر الأرض، وتعد محاولات إثبات ذلك الطوفان صنفاً من العلم الزائف أو التاريخ الزائف. ووفق الروايات تلك يفترض أن هناك مجموعة بشرية انقسمت إلى ثلاثة أقسام بعد الطوفان من ذرية نوح وهم سام وحام ويافث وهو ما لا يوجد أي دليل عليه. مثلما أن هناك لأي شعب إسطورة حول النشأة والأصل فإن الساميين يتداولون هذه الأسطورة ويحتفظون بأشجار نسب وقصص يتداولون فيها تفاصيل أخرى عن انقسامهم إلى عرب ويهود وغيرهم – مع تجاهل الكثير من الشعوب السامية التي لم نعرفها سوى من خلال البحث التاريخي. فهل يمكن أن تشير تلك الأحداث إلى أزمة مناخية وإلى هجرات محلية لقبيلة ما؟ من الممكن التفكير بهذا الشكل لو وجدت أي أدلة عدا كون تلك الشعوب تتحدث ذات العائلة اللغوية.

غير أن الروايات الدينية حول الأصول والهجرات البشرية من الممكن أن تفترض حقائق تتعارض مع المعرفة العلمية. فمثلاً، يفترض وفق الرواية التوراتية أن إسماعيل قد انتقل إلى شبه الجزيرة العربية وأن شقاً من العرب – صاروا يعرفون لاحقاً بالعدنانيين نسبة إلى أحد أسلاف ذلك الفرع – عرفوا بالعرب المستعربة يفترض أنهم لم يكونوا عرباً في النسب. وفي الحقيقة من لم يتم تمييز أي تفرع في المجموعة ج يمكن أن يثبت شيئاً من هذه الرواية. ليس هناك فرع “يهودي” أو على الأقل شمالي انتقل لشبه الجزيرة العربية في تلك الفترة وانتشر وصار يمثل شطراً من العرب.

أما الروايات التاريخية التي نفهمها من النقوش والكتابات القديمة فهي تمثل عوناً في بعض الأحيان بتسمية جماعات كانت تعد جماعات مستقبلة اثنو-لغوية لكنها لم تعد موجودة اليوم وكان من الممكن في بعض الأحيان عزو سلالات معينة من الحمض النووي لتلك الجماعات وبالتالي صار من الممكن ربط تلك الجماعات، التي لا نعرف عنها أي شيء سوى قطع من الآثار أو ذكر في إحدى المخطوطات، بسياق تاريخي معروف من سلالات الحمض النووي. مثال ذلك النطوفيين الذين ذكرناهم والذين وجدت فحوص الحمض النووي التي أجريت على رفاة من عثر عليهم منهم أنهم ينتمون إلى المجموعة الفردانية E. وبالتالي فقد صار من المعروف أن هؤلاء ينتسبون إلى الجماعة التي تواجدت من الأساس بشكل أقدم في الشرق الأوسط.

أما مجموعة مثل السومريين فقد ثبت العكس، إذ وبوجود المجموعة بوضوح وبآثار لا تحصى وأدلة لغوية توقع البعض أن يكون لتلك المجموعة دليل مميز من الحمض النووي يمكن العثور عليه في سكان جنوب العراق اليوم أو في أي من الهياكل العظمية القديمة. غير أن السومريين كما يبدو لم يكونوا سلالة مميزة وراثياً بل يشبهون سكان المنطقة اليوم في جنوب العراق، كما أنهم أقارب جينيين للعرب وبقية شعوب المنطقة سواء من حيث الكروموسوم واي الذي يغلب أن يكون ج في تلك المناطق أو من حيث الحمض النووي للميتوكوندريا.

تُبين فحوص الحمض النووي أيضاً ديناميكيات التواصل والتخالط بين الشعوب التي تبدو متصلبة وحادة ودقيقة في الروايات التاريخية أو الدينية. مثلاً، لو اعتمد أحدهم على الروايات الدينية لافترض أن تخالط المصريين مع الجانب المقابل الآسيوي يقتصر على حالات كهذه، نظراً لعدم وجود سجل كافي يذكر تلك الحالات. أما الاطلاع على الدليل التاريخي فقد يظهر عدة حالات للسبي أو المعارك مع ذكر للمعاهدات التجارية. غير أن الاطلاع على أدلة الحمض النووي تظهر عالماً آخر اكثر تفاعلاً وبشكل مستمر مثلما رأينا في انتشار الجينات من غرب آسيا بشكل مستمر نحو إيران ونحو الهند وكيف أن الحدث التاريخي الأبرز وهو الفتح الإسلامي كان ذو أثر طفيف في الهند وكان من الصعب تمييزه في إيران نظراً لوجود موجات عديدة مستمرة.

أما المعلومات التاريخية التقليدية والتي استندت إلى كل تلك الأدلة باستثناء الحمض النووي فهي الأكثر تحدياً أمام تقبل التغيير في ضوء الاكتشافات الحديثة. تتحدث بعض الفرضيات التاريخية مثلاً عن هجرات “عربية” من شبه الجزيرة العربية نحو المناطق الشمالية كالشام والعراق. بهنام أبو الصوف كان أحد هؤلاء وهو مؤرخ عراقي يعد عراباً لما يتم تدريسه في مادة التاريخ المنهجية. بغض النظر عن وجود هجرات مستمرة من شبه الجزيرة العربية نحو الشمال، فإن هذا لا يجعل المهاجرين هؤلاء عرباً في فترة لم يكن هذا المصطلح له ذات الدلالة اليوم، كما أن التركيز على خط هجرة كهذا بصفته رافداً أساسياً للسكان مع تجاهل السكان الموجودين في بلاد الرافدين يخلق مغالطة كبرى. يُظهر النظر لتاريخ المجموعة ج أن الهجرات كانت من الشمال إلى الجنوب وأن المجموعات التي حمل ذكورها المجموعة ج قد انحدروا ليقطنوا في جميع تلك المناطق ووصلوا إلى شرق أفريقيا وشمال أفريقيا كما أنهم تفرقوا نحو إيران والهند من جهة ونحو جنوب أوروبا والأناضول من جهة – في حالة ج2 – وإن كان يتوجب الإشارة إلى أي خط أو هجرة فهذه هي الأجدر بدل مغالطة عزو حضارات العراق إلى شبه الجزيرة العربية.

تطرح المعلومات حول المجموعة ج أيضاً تساؤلات مهمة حول اللغة مثلاً، فاللغات السامية تنتمي إلى المجموعة الافرو-آسيوية ولا تنتمي إلى لغات القوقاز أو لغات الأناضول القديمة المنقرضة حالياً حيث انحدرت المجموعة ج بفرعيها. وتقع اللغات السامية على هامش مساحة واسعة تشغلها اللغات الأفرو-اسيوية والتي تمتد من سواحل المحيط الأطلسي وحتى حدود الهضبة الإيرانية. فهل كان المهاجرون الأوائل الذين يحمل الذكور فيهم المجموعة ج يتحدثون لغة سامية؟ أم أنهم اكتسبوها حين جاؤوا إلى المنطقة وصارت لاحقاً تمثل هوية القاطنين جنوباً منهم؟ ما نعرفه من خلال النظر إلى خارطة اللغات الأفرو-أسيوية يمكن أن نعرف على الأقل أن المجموعة ج لم تأت بتلك اللغات وأنها قد تنتمي إلى المجموعة E ومن ثم اكتسبها القادمون الجدد.

 

مصادر أخرى

Y-DNA haplogroups in populations of Sub-Saharan Africa. (2023, October 15). In Wikipedia. https://en.wikipedia.org/wiki/Y-DNA_haplogroups_in_populations_of_Sub-Saharan_Africa

Haplogroup J-M172. (2023, September 24). In Wikipedia. https://en.wikipedia.org/wiki/Haplogroup_J-M172

Natufian culture. (2023, October 19). In Wikipedia. https://en.wikipedia.org/wiki/Natufian_culture

 المصادر

[1] Sahakyan, Hovhannes, et al. “Origin and diffusion of human Y chromosome haplogroup J1-M267.” Scientific reports 11.1 (2021): 6659.

[2] Chiaroni, Jacques, Roy J. King, and Peter A. Underhill. “Correlation of annual precipitation with human Y-chromosome diversity and the emergence of Neolithic agricultural and pastoral economies in the Fertile Crescent.” Antiquity 82.316 (2008): 281-289.

[3] King, Roy, and Peter A. Underhill. “Congruent distribution of Neolithic painted pottery and ceramic figurines with Y-chromosome lineages.” Antiquity 76.293 (2002): 707-714.

[4] Olszewski, Deborah I. “The Zarzian in the context of the Epipaleolithic Middle East.” The International Journal of Humanities 19.3 (2012): 1-20.

[5] Chiaroni, Jacques, et al. “The emergence of Y-chromosome haplogroup J1e among Arabic-speaking populations.” European Journal of Human Genetics 18.3 (2010): 348-353.

[6] Semino, Ornella, et al. “Origin, diffusion, and differentiation of Y-chromosome haplogroups E and J: inferences on the neolithization of Europe and later migratory events in the Mediterranean area.” The American Journal of Human Genetics 74.5 (2004): 1023-1034.

[7] Fadhlaoui-Zid, Karima, et al. “Genome-wide and paternal diversity reveal a recent origin of human populations in North Africa.” PLoS One 8.11 (2013): e80293.

[8] Batini, Chiara, et al. “Large-scale recent expansion of European patrilineages shown by population resequencing.” Nature communications 6.1 (2015): 7152.

[9] Xue, James, et al. “The time and place of European admixture in Ashkenazi Jewish history.” PLoS genetics 13.4 (2017): e1006644.

[10] Elhaik, Eran. “The missing link of Jewish European ancestry: contrasting the Rhineland and the Khazarian hypotheses.” Genome biology and evolution 5.1 (2013): 61-74.

[11] Costa, Marta D., et al. “A substantial prehistoric European ancestry amongst Ashkenazi maternal lineages.” Nature communications 4.1 (2013): 2543.

[12] Behar, Doron M., et al. “The matrilineal ancestry of Ashkenazi Jewry: portrait of a recent founder event.” The American Journal of Human Genetics 78.3 (2006): 487-497.

[13] Adams, Susan M., et al. “The genetic legacy of religious diversity and intolerance: paternal lineages of Christians, Jews, and Muslims in the Iberian Peninsula.” The American Journal of Human Genetics 83.6 (2008): 725-736.

[14] Eaaswarkhanth, Muthukrishnan, et al. “Traces of sub-Saharan and Middle Eastern lineages in Indian Muslim populations.” European journal of human genetics 18.3 (2010): 354-363.

[15] Karafet, Tatiana M., et al. “Major east–west division underlies Y chromosome stratification across Indonesia.” Molecular biology and evolution 27.8 (2010): 1833-1844.

[16] Terreros, Maria C., et al. “Mitochondrial DNA and Y-chromosomal stratification in Iran: relationship between Iran and the Arabian Peninsula.” Journal of human genetics 56.3 (2011): 235-246.

[17] Pereira, Luísa, et al. “Linking the sub-Saharan and West Eurasian gene pools: maternal and paternal heritage of the Tuareg nomads from the African Sahel.” European Journal of Human Genetics 18.8 (2010): 915-923.

[18] Klyosov, Anatole. “Origin of the Jews and the Arabs: Date of their Most Recent Common Ancestor is Written in their Y-Chromosomes-However, There Were Two of Them.” Nature Precedings (2010): 1-1.