البرولاكتين هو هرمون تمت تسميته تبعاً لوظيفته وهي تحفيز تكون الحليب اثناء الرضاعة مشتق من كلمة lactation بالإنجليزية والتي تعني صناعة الحليب. ويسمى كذلك بـ “هرمون الحليب” وله وظائف كثيرة في الجسم، ويفرز من قبل الفص الامامي للغدة النخامية ومن عدة مواقع أخرى بالجسم؛ كالأثداء، الرحم، الخلايا المناعية، الدماغ، البروستات، الجلد، والنسيج الدهني. ومن بين الهرمونات المتعددة التي يفرزها الفص الامامي للنخامية فإن هذا الهرمون تم اكتشافه لأول مرة عام 1928 لقدرته على ادرار الحليب عند الارانب ذوات الحمل الكاذب، ولم تتم تنقية الهرمون حتى عام 1932 اما البرولاكتين البشري فقد تم عزله وتنقيته عام 1971.

يتم تنظيم كمية البرولاكتين من قِبل هرمونين، الأول هو الدوبامين، حيث ان زيادة الدوبامين تؤدي الى انخفاض البرولاكتين، والثاني الاستروجين والذي يؤدي الى تحفيز انتاج وزيادة كمية البرولاكتين، حيث أظهرت الدراسات زيادة طفيفة في مستوى البرولاكتين في مجرى الدم لدى النساء خلال الدورة التكاثرية حيث يكون مستوى الاستروجين في اقصى ارتفاع له.

لهذا الهرمون دور هام جداً في توزيع وتأييض الدهون بالجسم، وفي الحالات الاعتيادية (خارج حالة الحمل)، يتحفز انتاج البرولاكتين عند زيادة وزن الجسم لدى كل من الأطفال والبالغين، حيث يكون التحفيز اعتيادي خلال 24 ساعة من زيادة الوزن، ويعتبر البرولاكتين دالاً على وظيفة الغدة النخامية ويرتبط بنقص السكر بالدم (hypoglycaemia)، وقد وُضعت عدة تفسيرات وشروحات لهذا التحفيز، الا ان الأرجح ان تحفيز البرولاكتين يعكس مدى السمنة بالجسم حرفياً، ويرتبط بحالة زيادة الانسولين بالدم (hyperinsulinaemia). اما تخفيض الوزن بمصاحبة خفض مستويات الانسولين ببلازما الدم سيؤدي الى انتظام استجابة البرولاكتين لدى معظم الحالات وليس كلها. لا توجد أي دراسة تثبت (على المستوى الجزيئي) بأن هناك علاقة بين البرولاكتين وزيادة الدهون بالجسم، والوزن، و الشهية. بل تقترح بيانات جديدة ان هناك علاقة بين برولاكتين البلازما وتركيز هرمون اللبتين عند الرجال البدناء.

كيفية افراز هرمون البرولاكتين لدى الحالات الطبيعية

يُفرز هرمون البرولاكتين كبقية هرمونات النخامية، بفارق 24 ساعة، حيث تُفرز بمعدل 14 دفقة على مدار الـ 24 ساعة، أي مرة واحدة عند كل 90 دقيقة، لدى الأشخاص الاصحاء. ويكون الافراز ذو نمطٍ ثنائي خلال اليوم الواحد، حيث يكون اقصى تدفق له خلال فترة العُتمة، فيتصاعد عند بداية النوم ليكون في أقصاه عند منتصف وقت النوم، وعند الظهيرة يحدث العكس؛ حيث تسجل أدنى مستوى لها. ويلعب التوتر دور بالغ الأثر في زيادة افراز الهرمون، وتُلاحظ ان الهرمون يزيد افرازه عند النساء أكثر من الرجال.

علاقة افراز البرولاكتين بالسمنة

يرتبط البرولاكتين في العديد من الأنواع بالنمو والتحولات الجسمية، وعلى سبيل المثال؛ يكون البرولاكتين احد العوامل التي تتحكم بالهجرة وخزن الدهون عند العصفور ابيض العنق، اما في جرذ الهامستر السوري فإن تحفيز او تثبيط خزن الدهون يُحدد وفقاً للعلاقة بين الافراز الأقصى للبرولاكتين والكورتيكوستيرون [هورمون ستيرويدي تفرزه الغدة الكظرية] اعتمادا على طول النهار.

اما في البشر فيُلاحظ ارتفاع في مستوى البرولاكتين في بلازما الدم للفتيات حين يصلن سن البلوغ، وهو نفس الوقت الذي يقوم فيه الجسم بتخزين الدهون. بالإضافة الى ذلك فإن فقدان الوزن يؤدي الى عكس تأثير نمط افراز البرولاكتين الليلي، كما تظهر فعاليات غير طبيعية لإفراز البرولاكتين بتنظيم من قبل النخامية-تحت المهاد، كاستجابة لمحفزات عقاقيرية، حيث يظهر أن هناك نمطين منفصلين لإفراز البرولاكتين وأطلاق الانسولين المخفض للسكر في الدم. فعند بعض الذي يعانون من البدانة ممن خضعوا لأحدى التجارب لم تظهر أي استجابة للبرولاكتين كنتيجة لانخفاض السكر في الدم. فيما ظهرت لدى البعض الآخر استجابة طبيعية كنتيجة لانخفاض السكر بالدم. ويُقترح ان هذه الاستجابة الضعيفة لهرمون البرولاكتين تكون نتيجة لاضطراب في وظيفة الغدة النخامية، لأن استمرار الاستجابة البرولاكتينية الضعيفة تحدث حتى في حال اقتراب بعض النسوة من الوزن الطبيعي. بالإضافة الى ذلك؛ لم يظهر في الأطفال البدناء أي استجابة للبرولاكتين نتيجة لخفض السكر بالدم.

الورم البرولاكتيني والسمنة

الورم البرولاكتيني حالة مرضية غير سرطانية تصيب الغدة النخامية وتؤدي الى فرط افراز البرولاكتين، وتؤدي هذه الحالة الى انخفاض في مستويات الهرمونات الجنسية، ومشاكل في العقم والرؤية، حيث أظهرت الدراسات وجود علاقة بين هذه الحالة المرضية والسمنة وكذلك إنقاص الوزن، حيث تتنوع البيانات لارتباط فرط افراز البرولاكتين مع السمنة، ويتبين وجود شيوع في وجود السمنة مع فرط افراز البرولاكتين الناتج عن الورم البرولاكتيني طبقا لمقياس كتلة الجسم (Body Mass Index).

العلاقة الفسلجية للبرولاكتين بالسمنة

ينمي البرولاكتين الدهون الحشوية في اجسام العديد من العينات الحيوانية التي خضعت للدراسة، ويتم الدفع الى تثبيط افرازه من قبل النخامية بالدوبامين، حيث يتم تفعيل مواقع معينة في خلايا النخامية التي تفرز البرولاكتين (lactotroph cells)، اما في الاجسام البشرية البدينة فتضعف مواقع الارتباط هذه في ادمغتهم، لذلك يفترض بحثياً ان افراز البرولاكتين التلقائي يتحفز لدى البدناء.

علاقة البرولاكتين بإنقاص الوزن

في دراسة أجريت بالمركز الطبي التابع لمعهد الغدد الصماء بجامعة تل ابيب، بين عامي (1989-1996) على 42 من المصابين بالورم البرولاكتيني، وجدت شيوع السمنة بين المصابين بهذه الحالة وذلك لفرط افراز البرولاكتين، وعند التحكم بإفراز البرولاكتين وايصاله الى الحد الطبيعي ينقص الوزن لدى 70% من المصابين، منهم نسبة 90% من الذكور.

خلاصة

هناك حالات يحدث فيها عدم انتظام في البرولاكتين في نفس الوقت الذي تحدث فيه السمنة غير أن ذلك يتزامن مع حالات أكثر تعقيداً مثل ورم الغدة النخامية ولا يفترض أن التزامن في تلك الحالات يعني السببية. مع ذلك فإن هناك بعض الافتراضات حول أن افراز البرولاكتين يزداد لدى الأشخاص الأكثر بدانة. كما أن هناك بعض الدراسات التي تعزو زيادة الوزن لزيادة البرولاكتين وهذا ما يحدث لدى الكثير من الحيوانات أيضاً فقد لا يكون الأمر مقتصراً على التزامن بين زيادة البرولاكتين والسمنة غير أن الكلمة النهائية في ذلك تبقى للأبحاث التي لا يظهر فيها حسم للأمر.

المصادر:

  1. Prolactin, You and your hormones
  2. Kopelman, P. G. “Physiopathology of prolactin secretion in obesity.” International Journal of Obesity 24.2 (2000): S104-S108.
  3. Pereira-Lima, Julia Fernanda Semmelmman, et al. “Hyperprolactinemia and body weight: prevalence of obesity and overweight in patients with hyperprolactinemia.” research journal of endocrinology and metabolism 1.1 (2013): 2.
  4. Kok, Petra, et al. “Prolactin release is enhanced in proportion to excess visceral fat in obese women.” The Journal of Clinical Endocrinology & Metabolism 89.9 (2004): 4445-4449.
  5. Greenman, Yona, Karen Tordjman, and Naftali Stern. “Increased body weight associated with prolactin secreting pituitary adenomas: weight loss with normalization of prolactin levels.” Clinical endocrinology 48.5 (1998): 547-553.