بقلم هارييت هول يعتقد أغلب الناس انه سيكون هناك العديد من الفوائد لتعزيز تقدير الذات عند الأطفال، ابتداءً من السعادة ووصولًا إلى اداء مدرسي أفضل، لكن هذا غير مدعوم بأدلة. نحن مدعوون أن نكافئ الاطفال وأن لا نعاقبهم، ان نثني عليهم ليس لانجازاتهم الحقيقية فحسب وانما تلك التافهة منها بل وحتى فشلهم (“الجميع رابحون، احسنت؛ فعلت ما بوسعك”). ونتيجة لذلك، فنحن بخطر من ان نصبح مجتمعًا بأشخاص لديهم آراء غير واقعية حول أنفسهم. للتعامل مع الواقع، يحتاج الناس ان يواجهوا كلًا من سماتهم السلبية والايجابية. فإذا بدت كل تجربة في حياة المرء ناجحة، كيف له ان يطور مهاراته النفسية الصحية للتعامل مع المحن؟

يعتقد البعض أنه يمكن أن تُعزى كل مشكلة اجتماعية لقلة تقدير الذات. في الثمانينيات، كان يُعتقد أن البرامج التي ترفع من تقدير الذات ستُدر عادات مالية كبيرة. وكان من المتوقع من تلك البرامج تقليل الاعتماد على الاعانة الاجتماعية والحمل غير المرغوب به والفشل الدراسي والجرائم والادمان على المخدرات ومشاكلًا اخرى وأنها كانت ستوفر الكثير من أموال دافعي الضرائب. إلا ان هذا لم يفلح.

نشرت جمعية العلوم النفسية مراجعة شاملة للأدلة. وهي مراجعة طويلة ومعقدة إلا أنها جديرة بالقراءة. إن دراسة تقدير الذات العالي صعبة لأنه أمر غير متجانس.  فهو يشمل الأشخاص الذين  يقبلون  بصراحة صفاتهم الجيدة وكذلك الأفراد النرجسيون والدفاعيون والمغرورون. تنطوي النرجسية على آراءً اطرائية بل متعالية  للغاية حول الذات، وشعورا بكون المرء استثنائي وفريد من نوعه، وأوهامًا عن التألق والجمال الشخصيين والاعتقاد بأن للمرء الحق بالامتيازات وإعجاب الآخرين به.

وجدت المراجعة أنه “لا يوجد دليل على أن المجتمعات الغربية الحديثة تعاني من جائحة تدني تقدير الذات. بل بدا تقدير الذات بشكل عام عاليًا في معظم عينات أمريكا الشمالية.” حيث يميل الناس لتقييم أنفسهم أكثر من المعدل.

توجد ارتباطات متواضعة بين تقدير الذات والأداء المدرسي، لكن قد يعزز النجاح المهني والأكاديمي تقدير الذات وليس العكس. لم تُحسِّن الجهود المبذولة لتعزيز تقدير الطلاب لذواتهم من أدائهم بل أدت في بعض الأحيان إلى تفاقم الأمر. يبدو أن معدل الذكاء والطبقة الاجتماعية يرتبطان بشكل أفضل بالأداء المدرسي أكثر من تقدير الذات.

يعتقد الأشخاص ذوي تقدير الذات العالي انهم محبوبون وجذابون اكثر من الاخرين، ولكن المقاييس الموضوعية لا تثبت ذلك. فكر فقط بمن تعرفهم من اصحاب التقدير العالي للذات بشكلٍ استثنائي. يمكنهم ان يكونوا مزعجين وغير محبوبين جدًا، ولعلك تفضل الأشخاص الأكثر تواضعًا. كما “يظهر أولئك الذين يتمتعون بتقديرٍ عالٍ للذات محاباة اقوى في المجموعة، مما قد يزيد التحيز والتمييز.”

لا يرتبط تقدير الذات بالعنف إلا أن “النرجسية تؤدي إلى عدائية متزايدة انتقامًا للكبرياء المجروح.” ويرتبط تقدير الذات العالي بسعادة أكبر. وأيضاً فإن تقدير الذات  لا يمنع الأطفال من التدخين أو تعاطي المخدرات او شرب الكحول أو ممارسة الجنس. ويبدو أنه يقلل من مخاطر الشره المرضي (bulimia) عند النساء.

يعتبر الأشخاص الذين يتمتعون بتقدير عال للذات انفسهم افضل من الاشخاص الاخرين في مهارة التعامل مع الناس، ولكن يروي أولئك الذين يعرفونهم خلاف ذلك.

إن تدني تقدير الذات ليس ضروريًا او كافيًا للإكتئاب. يميل الأشخاص السلبيين تجاه أنفسهم الى أن يكونوا سلبيين تجاه كل شيء آخر. لقد وجدت دراسات عدة ارتباطًا كبيرًا بين التقدير العالي للذات والسعادة. كان الاشخاص ذوي التقدير العالي للذات سعداء في الأوقات الجيدة وغير سعداء في الأوقات المجهدة، في حين ان درجة ضغوطات الحياة على ما يبدو احدثت اختلافًا أقل للأشخاص الذين يعانون من تقدير ذات منخفض.

ان تقدير الذات مسألة إدراك، وليس واقع. قد يصبح نبوءة تحقق نفسها. قد يكون المديح مكافأة لسلوك مرغوب اجتماعيًا، ولكن قد يؤدي المديح العشوائي الى النرجسية.

خلصت مراجعة الدليل إلى أن:

فوائد تقدير الذات العالي أقل وأضعف بكثير مما كان يأمل أنصار تقدير الذات. ومع ذلك، توجد بعض الفوائد، والتكاليف التي يتحملها الفرد لا تفوقها. قد تكون التكاليف المحتملة على المجتمع مسألة أخرى، مثل جعل بعض الناس يعتبرون أنفسهم متفوقين على الآخرين وبالتالي يحق لهم استغلال زملائهم أو المطالبة بمعاملة تفضيلية. ومع ذلك، فإن هذه التكاليف مرتبطة فقط بفئات فرعية معينة من تقدير الذات العالي.

يشعر ارتفاع تقدير الذات بالارتياح ويعزز المبادرة. قد تظل أداة مفيدة لتعزيز النجاح والفضيلة، ولكن يجب أن تكون مرتبطة بشكل واضح وصريح بالسلوك المرغوب. وعلى اية حال، كان هتلر يتمتع بتقدير كبير لذاته وكان لديه الكثير من الإقدام أيضًا، لكن  كانت هذه بالكاد ضمانات للسلوك الأخلاقي. … يكثف تقدير الذات ببساطة الميول الاجتماعية واللاجتماعية معًا.

المقال الأصلي:

Harriet Hall, “Self Esteem Is Overrated”, skepticalinquirer.org, January 25, 2021