هل تشعر الحيوانات بالذنب؟

راودني سؤال: هل شعورنا بالذنب فطري وبسيط ويمكن أن يتواجد لدى الحيوانات، أم أنه أمر معقد خاص بالبشر وبالتالي فلا يمكن أن نتوقعه لدى جميع البشر بنفس الطريقة؟ في البداية ربما علينا أن نجد إن كان هناك تعريف موحد للشعور بالذنب بين الثقافات المختلفة؟ في الأساس إن عبارة الشعور بالذنب تبدو حديثة، ومشتقة من المفهوم الديني القديم “الذنب” الذي هو بذاته نوع من التشريعات. هل يرتبط الذنب إذن بفكرة القانون أو التشريع؟ ماذا عن الأطفال الذين يشعرون بالذنب إذن؟ وكيف نعرف إن كان خوفاً من والديهم أم شعوراً بالذنب؟

تشرح ساينتفك أمريكان تجربة^[1] أجراها باحثون على شعور الذنب لدى الكلاب.^[2] حيث تم تكوين قاعدة لـ 64 كلباً وهي أن طعامهم يوضع على الأرض وطعام صاحب الكلب يوضع على الطاولة. ثم ترك الكلاب مع طعام صاحب البيت ليتم اختبار الكلاب وذلك بعد أن تم فحص سلوكهم في الأحوال الاعتيادية وسلوكهم الذي يعتبره أصحاب الكلاب أنه شعور بالذنب. في الواقع أظهر الكلاب الذين خرقوا القاعدة ذلك السلوك بشكل متساوي مع من لم يخرقوا العادة. القضية هي أننا لا نعلم ما الذي يعنيه ذلك السلوك بالنسبة للكلاب. قد يكون الأمر مثل الحصان هانز الذي يفترض أنه يستطيع العد، غير أنه كان يستجيب بسلوكه لصاحبه لا غير. ما وجدته التجربة وفي العلاقة بين رد فعل الكلب حين يحييه صاحبه في المجموعتين من المذنبين وغير المذنبين هو أن أولئك الكلاب الذين خرقوا القاعدة استمروا بإظهار سلوك الذنب بعد أن يحييهم صاحبهم حتى المرة الثالثة.

ظن الباحثون في التجربة التي تذكرها ساينتفك أمريكان أن هناك أمراً آخر قد يدل على الشعور بالذنب لدى الكلاب. كان ثلاثة أرباع أصحاب الكلاب يدركون أن الكلب يُظهر شعوراً بالذنب وبذلك فهو قد يكون فعل شيئاً. هل يعول أصحاب الكلاب إذن على معرفتهم بسلوك الكلب من الأساس واحتمالية خرقه للقاعدة؟ حينما تم استبدال أصحاب الكلاب بأشخاص آخرين فإن هؤلاء لم يعرفوا ما الذي يحدث وهل الكلب مذنب أم لا.

تُثبت باحثة أخرى وهي الكساندرا هوروتز (Alexandra Horowitz) أن ما يبدو وكأنه شعور بالذنب هو في الحقيقة استجابة إلى سلوك صاحب الكلب وليس فهم لخطأ ما قام به الكلب. ألكساندرا قامت بتقييم سلوك 14 كلباً من خلال متابعة فيديوهات لسلوكهم وهم يتناولون قطعة من الطعام بينما يغيب صاحبهم عن الغرفة. ^[3]

وهكذا يمكن الاستنتاج أن شعور الذنب الذي نراه لدى الكلاب ليس في الحقيقة أكثر من استجابة سلوكية وأن الحيوانات على الأرجح لا تمتلك ادراكاً لأمر معقد كهذا. تعرف تفسيرات سلوك الحيوان بطريقة بشرية بالأنسنة (anthropomorphism) حيث يفترض البشر أن الحيوانات تتصرف وتشعر وتفكر مثل البشر.