هناك قصة حول شخص كان يعاني من التأتأة، لكن حين كان يرتل القرآن فلم يكن يتأتأ قط. بالطبع، ظن الجميع أن هناك معجزة في الأمر بسبب قراءة القرآن. لكن في محاضرتكم حول المطربة ميغان واشنطن يتضح أن ذات القصة حدثت مع الغناء، هل يمكنك أن شرح هذا؟ ما الذي يحدث حين يغني شخص ما يعاني من التأتأة؟ ببساطة، لماذا تختفي التأتأة حين يغني أحدهم؟ 

سبينسر كيلي: سأعطي لمستمعيكم طريقة أفضل لتقدير ذلك. في الفيلم الشهير “خطاب الملك” (The King’s Speech)، ولا أدري إن كنت قد سمعت به من قبل، حين كان لدى الملك مشكلة تأتأة وتعلم كيف يحسن من نطقه عبر الغناء بدلاً من الحديث ثم أعطاه ذلك الثقة ليلقي خطابه، فيمكن رؤية ذلك في الثقافة الشعبية. يأتي علم الأعصاب لفهم التشريح العصبي حول حقيقة أن أدمغتنا تقسم إلى شطرين، الأيمن والأيسر، ويبدو الجانبان متشابهين جداً أمام العين المجردة، لكن حين تنظر على التركيب الخلوي لهما وتبدأ بالنظر إلى أي المناطق تتصل وحين تحاول تخطيط ذلك، فسيتضح الفرق في العديد من الطرق المهمة وبالكثير من الطرق ايضاً لكنني سأركز هنا على مثال التأتأة. 

الجانب الأيسر من الدماغ له جزء يدعى منطقة بروكا، وأنا أعلم أن مِن مستمعيكم مَن قد يعلم أن ذلك الجزء مختص بإنتاج اللغة. 

بينما أتكلم الآن، فإن منطقة بروكا تساعدني في صياغة أصوات الكلام، هذا فيما يتعلق بالجانب الأيسر بالقرب من الفص الجبهي، وتحديداً في الجزء الخلفي من الفص الجبهي. نعتقد أن هذا الجزء يعاني من تراجع في الأفراد الذين يعانون من التأتأة. لا يعمل هذا الجزء بذات القدرة، ويمكن أن يتجلى ذلك في العديد من الطرق لكن أحدها هو التأتأة.

الفكرة الرئيسية من هذا هو معرفة كيف يمكن لشخص مثل ميغان واشنطن أو ذلك الشخص الذي يقرأ القرآن ولا يتأتأن، هي أن هناك ما يشبه الآلية التنافسية في الجانب الأيمن من الدماغ. فحين يعمل الجانب الأيسر، يعمل الجانب الأيمن أيضاً، لكن بنوع مختلف من العمل، دون اهتمام بالتفاصيل الدقيقة لإنتاج الأصوات الدقيقة للغة، بل ينظر إلى التراكيب والترابط بين الأصوات على نطاق الجملة. 

لذا يمكنك التفكير بمنطقة بروكا وكأنها تهتم بظاهرة معينة ضمن الكلمة، هذا هو ما صممت له تطورياً، ثم بالجزء الأيمن وكأنه مصمم لتراكيب أكبر من الكلام مثل التنغيم واللحن. هذه هي الأشياء التي يعمل الموسيقيون والشعراء على استغلالها لتكوين تأثير دراماتيكي، ونحن نستخدمها طيلة الوقت، كل ثقافة لها نمطها في اللحن، وما نظن أنه يحدث لدى من يعانون من التأتأة، هو أنهم لو يتيحون للجانب الأيمن أن يقوم بجانب من العمل الذي يحدث عادة في الجانب الأيسر، فإن هذا النوع من اللدونة العصبية أو إعادة التنظيم العصبي يحدث حين يتولى الجانب الأيمن المسؤولية كما لو كان الأمر لدى من لا يعانون من التأتأة. إنها إذن استراتيجية لجعل الأشخاص يتعلمون بشكل غير متوقع، لكن ونحن نعلم بهذا، فإن لدينا علاجاً للتأتأة، نحن نعلم من يعانون من الحبسة أو فقدان القدرة على الكلام (aphasia) على الغناء، ويسمى العلاج هذا بعلاج التنغيم اللحني، وهكذا فنحن نعلم الآن أن الجانب الأيمن يمكن أن يستخدم في مشكلة التأتأة. 

ليس الهدف أن نغني كل يوم، الأمر الذي يمكن أن يصبح مزعجاً إذا ما احتجنا للغناء طيلة الوقت، لكن من خلال اللدونة العصبية، يمكن إيقاف التأتأة دون الغناء، ثم يجب المضي في فترة من استخدام الجانب الأيمن لجعله قادراً على تجهيز الجانب الأيسر لإتمام المهمة.

من المقابلة مع سبنسر كيلي في بودكاست العلوم الحقيقية سننشر جميع الاسئلة والاجوبة بشكل مقالات منفصلة

اقرأ ايضاً: اللغة في المهد: حول القدرات اللغوية للأطفال في ايامهم الأولى