التطور والأخلاق . واقعاً الناس في اكثر الدول علمانيةً يتصرفون بأخلاقية عالية. وحتى مع صحة هذا الادعاء، فان هذا لا يغير حقيقة قمع نظرية التطور من قبل آراء شائعة مثل “تدعي الداروينية ان الأحياء تتطور كنتيجة للصدفة وعن طريق النضال من اجل الحياة. اخلاق الشر هذه تنصح الناس بان يكونوا أنانيين، قاسين وظالمين.” رأي مثل هذا هو رأي شائع جداً. إن المعنى الضمني غير المعلن هنا هو اما ان الدارونية شيء خاطيء يؤدي الى انعدام الأخلاق، او ان تلك النظرية يجب ان تقمع حتى وان كانت حقيقية. كلا الامرين كلام فارغ. حتى وان كان صحيحاً ذلك ان قبول نظرية التطور يقوض شعور الناس بالاخلاق، فانه لا يعتبر سبب وجيه للشك في حقيقة التطور. ان هذا الامر مشابه لقول قائل ان النظرية الذرية  خاطئة والسبب في ذلك ان الحرب الذرية  تتسبب بكوارث عادة.

وهو ايضاً غير صحيح، ادعاء ان التطور يقوض الأخلاق. بالتاكيد هنالك أمثلة عن أشخاص احتكموا الى أفكار تطورية لتبرير بعض السلوكيات التي قد تعتبر غير اخلاقية، رغم ان افضل مثال على ذلك يمكن ان يجده الخلقي هو أغنية تدعى اللمسة السيئة The Bad Touch غنتها فرقة بلوودهاوند Bloodhound: “انت وانا يا حبيبي لا شيء لكننا ثدييات. إذن دعنا نقم بالأمر كما يقومون به على قناة ديسكڤيري”.

من ناحية اخرى، يمكن لأحدنا ان يعمل قائمة كبيرة جداً لأفعال غير اخلاقية يقوم بها أشخاص  بعد تبريرها دينياً، ابتدأ من الذبح والعنصرية الى العمليات الانتحارية والابادة الجماعية. مع ذلك تلك الممارسات تثبت القليل.

الأخلاق المنطقية

ان افضل طريقة لتقييم تأثير تبني نظرية التطور هو المقارنة بين الدول ذات المستوى المختلف من التقبل لتلك النظرية. الدول التي تمتلك نسبة عالية من الأشخاص الذين يتبنون لنظرية التطور يظهرون أقل نسب من ارتكاب الجرائم، انتقال الأمراض الجنسية وحالات حمل المراهقات وهكذا. في الحقيقة، ان معظم المجتمعات العلمانية اكثر صحة تقريباً في جميع نواحي الحياة (حسب دراسة في عام ٢٠١٥).

هذا النوع من العلاقة لا يثبت بالضرورة ان القبول بنظرية التطور يحفز السلوك الاخلاقي، او ان الدين يحفز السلوكيات غير الاخلاقية. بالتاكيد، دراسات اخرى في هذا الجانب اشارت الى ان الموضوع معقد بشكل كبير. لكنها ايضاً تثبت ان قبول نظرية التطور لا يؤدي الى تفكك المجتمعات بشكل مباشر، كما يدعي بعض الخلقيين.

أولئك الذين يرفضون نظرية التطور باعتبارها غير اخلاقية في العادة هم يشيرون الى ضرورة وجود الدين لتواجد الأخلاق. كما في قولهم : “الناس الذين يؤمنون بالتطور لا يملكون أسس اخلاقية في داخلهم، وغير ذلك هنالك قلق من ان ذلك الامر سيمرر عبر التوارث الجيني”.

في الحقيقة، هنالك ادلة متزايدة تنص على اننا نمتلك احساس فطري اخلاقي- بمعنى اخر ان الأخلاق عبارة عن شيء ينشأ معنا وهي شئ قابل للتطور. قد يبدو هذا مفاجئاً لأولئك الذين تستحضر لديهم عبارة “البقاء للأصلح” مشاهد الأسود تقطع الحيوانات الاخرى الى اشلاء. لكن “الاصلح” هنا ممكن ان يعني الأذكى، الأفضل بالاختفاء، الأفضل تمويهاً، الأقل عدوانية، الأكثر جاذبية- او الأقل انانية.

الانتخاب الطبيعي قد يفضّل الإيثار و اللعب العادل تحت ظروف معينة. سلوكيات مثل الولاء لذوي القربى، رفض السرقة ومعاقبة الغش- جذور الأخلاق- يمكننا ان نراها عند الكثير من أبناء عمومتنا من الحيوانات الرئيسية.

 

https://www.newscientist.com/article/dn13696-evolution-myths-accepting-evolution-undermines-morality