حددت الأبحاث جينا واحدا يجعل أدمغة الرئيسات  -بما فيها أدمغتنا- فريدة من نوعها. إن القردة العليا والبشر مدينون لأدمغتهم العالية الكفاءة لجين واحد يطلق عليه (PLEKHG6)،هذا الجين يتحكم بجوانب معينة من تطور دماغ الرئيسات في اتجاه مختلف مقارنة بالثدييات الأخرى. يقول الدكتور آدم أونيل رئيس فريق البحث في الدراسة :”بشكل عام، يمكن اعتبار هذا الجين أحد العوامل الوراثية التي تجعلنا بشرا على المستوى العصبي”.

تهدف الدراسة إلى تحديد ما إذا كانت أدمغة الرئيسات تتطور بشكل مختلف عن أدمغة الحيوانات الأخرى. وحسب الفرضية السابقة، فإن هذا الأمر يؤدي إلى زيادة القوة المعرفية و الحجم، وأيضا زيادة القضايا المحتملة المرتبطة بازدياد تعقيد الجهاز. وأكثر من ذلك، هذه الاختلافات الوراثية من شأنها أن تهيئ البشر والحيوانات الرئيسة للظروف العصبية والنفسية التي تبدي فيها الحيوانات الأخرى بساطة كبيرة.

ويقول أونيل:”كان من الصعب العثور على مثل هذه الجينات”، لهذا السبب قرروا دراسة الأدمغة المريضة وليس الأدمغة السليمة؛ ففحصوا  جينوم الأطفال الذين يعانون من تشوه دماغي يدعى تغير العين العقدي البطيني، وفي هذه الحالة هناك مجموعة فرعية من العصبونات تفشل في الانتقال إلى مكانها الصحيح في الدماغ أثناء تطور العضو مما يؤدي إلى مجموعة من الأعراض مثل الصرع وتأخر النمو.

ويتابع أونيل :”لقد وجدنا عنصرا جينيا تالفا في طفل له صفات العامل الوراثي النوعي للرئيسات”.

استخدم الفريق أدمغة صغيرة مستنبتة مخبريا لدراسة الحالة، إذ تضمنت التقنية تحفيز خلايا الجلد المأخوذة لتحويلها إلى بنية شبيهة بالدماغ الصغير في المختبر.

وبشكل عام، وجد الفريق ان هناك تغير جيني معين في جين (PLEKHG6) يعطل أحد مكوناته بالتالي يغير من قدرة الجين على دعم وتطور الخلايا الجذعية في الدماغ.

“كان من المعروف سابقا ان هذه الخلايا تتصرف بشكل مختلف في الرئيسات عن الحيوانات الأخرى، ولكن ليس الجين هو الذي ينظم نشاطها” كما يقول الأستاذ ستيفن روبرتسون الذي أشرف على البحث وقام أونيل بنشره كجزء من أطروحة الدكتوراه في جامعة أوتاجو.

أما الدراسة الحالية فتظهر أن مكونا معينا في جين (PLEKHG6) هو المنظم لتطور الدماغ وأنه قد تم اكتسابه حديثا في تاريخنا التطوري. وحسب الدكتور أونيل فإن هناك عدداً قليلاً جدا من العناصر الأساسية في جينومنا. يضاف هذا الاكتشاف الى قائمة قصيرة جدا من العوامل الوراثية التي تجعلنا بشرا.

كما يساعد هذا العمل على توفير مزيد من المعلومات حول قائمة الجينات التي تم تعديلها لتسبب هذا النوع من تشوه الدماغ.

ويقول أونيل “إن فهم هذا الأمر يضعنا في معرفة أفضل لكيفية بناء الدماغ -المعرفة التي ستضيف الكثير إلى قدرتنا على وضع استراتيجيات لإصلاح الدماغ المتضرر خاصة في مرحلة مبكرة من الطفولة حيث لا يزال عندها الكثير من الخلايا الجذعية”.

ويضيف: “أنا شخصيا أعتقد أن هذا الأمر يؤكد على الاختلافات الدقيقة التي تميزنا عن الحيوانات الأخرى. وأن كياننا البشري يمكن أن يكون أكثر تواضعا”.

مصادر:

  • O’Neill, Adam C., et al. “A Primate-Specific Isoform of PLEKHG6 Regulates Neurogenesis and Neuronal Migration.” Cell reports 25.10 (2018): 2729-2741.
  • ALEXANDRU MICU, “Research identifies a gene that makes our brains (and those of primates) unique”, DECEMBER 10TH, 2018, ZME Science website