عندما نكون في نوم عميق فإن نشاط أدمغتنا يتصاعد ويهبط على شكل موجات كبيرة وواضحة، حيث يمكن تشبيهها بالموجات التي يقوم بعملها المشجعين في الملاعب عندما يقومون بموجة بأجسادهم بواسطة الوقوف والجلوس.

والآن وجد باحثون من ستانفورد أن هذه الموجات توجد بشكل دوري في حالتي النوم والاستيقاظ، ولكن بهبوط نشاط أجزاء صغيرة ووقوفها بانسجام تام، بدلاً من نهوض المدرج باكمله. فهو يكون كما لو أن أجزاء صغيرة من الدماغ تسقط بشكل مستقل في دورة نوم واستيقاظ في كل الأوقات.

يبدو أن هذه الدورات للخلايا العصبية تجعلها أكثر نشاطاً من ناحية الاستجابة لما حولها. وكذلك تقوم الخلايا العصبية باستهلاك المزيد من الوقت عند أداء واجباتها. وتشير نتيجة العمليات التي تنظم نشاط الدماغ تكون نشطة أثناء النوم.

وقالت تاتيانا إنجل (Tatiana Engel) مساعدة الباحث الرئيسي لهذه الدراسة، أن “الانتباه الانتقائي يجعل أجزاء صغيرة من الدماغ مستيقظة قليلاً”. كما أن المؤلف المساعد نيكولاس شتاينميتز (Nicholas Steinmetz)أستاذ علم الأعصاب قام بعدد من التجارب الفسيولوجية العصبية في مختبر تيرين مور (Tirin Moore).

دورات النوم والاستيقاظ

فهم هذه الدورات المكتشفة حديثاً يتطلب معرفة بسيطة عن كيفية تنظيم الدماغ. لو كانت مثل ضربة دبوس مباشرة في الدماغ، لإستجابة جميع خلايا الدماغ التي ضربت لنفس النوع من الأشياء. وقد استجابت الخلايا في عمود واحد إلى أشياء في جزء معين من المجال البصري، على سبيل المثال الجزء الأيمن العلوي.

وقد استخدم الفريق البحثي مجموعة من الدبابيس المزودة بحساسات لتسجيل نشاط عمود من الخلايا العصبية في الدماغ. في السابق كان الناس يعتقدون أن الخلايا العصبية الفردية تمر بمراحل نشاط مرتفع ومراحل نشاط منخفض، ولكن مع هذا البحث رأوا ولأول مرة أن جميع الخلايا العصبية في العمود تمر بدورات بين النشاط المرتفع بسرعة كبيرة ومن ثم انخفاض النشاط ببطئ، على غرار دورات منسقة خلال النوم.

وقال كوابينا بوين (Kwabena Boahen) أستاذ الهندسة الحيوية والهندسة الكهربائية في جامعة ستانفورد وأحد الباحثين المشاركين بالورقة البحثية، أن “خلال حالة بدء انطلاق نشاط الخلايا العصبية بسرعة، تتحول فجأة إلى معدل نشاط منخفض. وهذا التبديل يحدث في جميع الأوقات، كما لو كان الخلايا العصبية تقلب عملة معدنية ليقرروا ما إذا كانت ستنشط عملياتهم أو ستتوقف”.

تلك الدورات التي تحدث خلال ثاني أو أجزاء منها، لم تكن واضحة عند اليقظة، لأن الموجة تنتشر إلى أبعد بكثير من هذا العمود، خلافا لما يحدث عند النوم، فإن الموجة تنتشر في الدماغ بأكمله ومن السهل كشفها.

مراقبة الاهتمام

وجد فريق الباحثين أن حالة النشاط العليا والدنيا للخلايا العصبية مرتبطة بالاستجابة للعالم. فقد تحقق الفريق من منطقة في دماغ القردة والتي يستكشف من خلالها جزء واحد من العالم المرئي. فقد تم تدريب القردة على الاهتمام بإشارة ومن خلالها نصل إلى أن جزء ما في جزء معين من المجال البصري على وشك التغيير، العلوي الأيمن أو يسار الأسفل على سبيل المثال. ثم تحصل القرود على العلاج بشكل صحيح أن حدث تغيير.

عندما يعطى القرود الإشارة في أماكن التغيير، مع وجود المستشعرات على عمود الخلايا العصبية كانت تستهلك المزيد من الوقت عندما تكون في حالة نشطة. الخلاصة، ان جميع حالات التدوير في انسجام تام، ولكنها تستهلك وقت أطول عندما تكون نشطة إذا كانوا محل اهتمام. فإذا أحدث التحفيز تغيير وكانت الخلايا في حالة نشطة، يكون القرد أكثر عرضة للتعرف على التغيير بشكل صحيح.

تقول إنجل “أن القردة أكثر قدرة على كشف تغيرات التحفيز عندما تكون الخلايا العصبية في العمود نشطة، ولكن ليست في حالة الخمول”. حتى عندما عرف القرد كيفية الاهتمام بمنطقة معينة، فان كانت جاء تدوير الخلايا العصبية وهي في حالة نشاط قليل لا يستطيع القرد التعرف عليها في الكثير من الأحيان.

وقالت إنجل كذلك أن هذا الشيء يكون مألوف للعديد من الأشخاص. أحياناً تعتقد انك تنتبه لشيء ما، أو تشير له، ولكنك تفقده التركيز.

وقال العلماء إن هذه النتائج تتعلق بأبحاث سابقة، حيث وجد أن الحيوانات والبشر الأكثر يقظاً يكونون أكثر ميلاً للتعليم. في العمل الحالي، عندما تستهلك الخلايا وقتاً أكثر في التدوير عندما تكون نشطة كان القردة أكثر قدرة على التعلم. حيث تظهر النتائج وجود تفاعل بين التذبذبات المتزامنة في الدماغ والانتباه إلى مهمة وعلامات اليقظة الخارجية.
حيث قال مور “يبدو أن الآليات الكامنة وراء الانتباه واليقظة مترابطة تماما”.

حالات الطاقة المنخفضة

السؤال الذي يخرج من هذا العمل هو لماذا تحدث دورة الخلايا العصبية في طور النشاط المنخفض عندما نكون مستيقظين. لماذا لا تبقى نشطة في جميع الأوقات في حالة تمت مهاجمتنا من قبل نمر سيبيري؟ (وهي الحالة التي عاش فيها البشر لأطول فترة من وجودهم وتطوروا بموجبها حيث هجوم المفترسات والحياة في الطبيعة).
هناك إجابة واحدة حول هذا الأمر وهي مرتبطة بالطاقة، حيث يقول بواين “إنها تكلفة الأيض المرتبطة بالخلايا العصبية في كل وقت”، حيث أن الدماغ يستخدم الكثير من الطاقة، ربما يعطي الخلايا فرصة تعادل فيها انخفاض الحيوية لكي يسمح للدماغ توفير الطاقة.

وكذلك عندما تكون الخلايا العصبية نشطة فإنها تولد مخلفات حيوية يمكن أن تتلف الخلايا، وأشارت إنجل إلى أن حالة النشاط المنخفضة تعطي وقت لتنظيف هذه المخلفات العصبية.
وقالت إنجل ان “هذه الورقة البحثية تعطي الأماكن التي يجب أن نبحث فيها عن الإجابات”.

المصدر:

Stanford University, “Portions of the brain fall asleep and wake back up all the time“, sciencedaily.com, December 2, 2016